هل أتاكم حديث المسؤول السابق؟
ربما لا يوجد دولة في العالم لا يوجد فيها أشخاص يحملون هذا اللقب، بعضهم تحول إلى المؤسسات الكبرى بعد انتهاء مهامه الرسمية أو ترك الحياة العامة، في سورية لا يختلف الوضع العام عن باقي الدول، لدينا مسؤولون سابقون بعضهم قد يكون فشل بمهامه لكنه ترك سمعة عطرة بباقي المستويات، بعضهم قد يكون نجح بمهامه لكن الكثير من الشبهات دارت حوله ولعلّ أكثر من نعتز بهم هم أولئك الذين نجحوا بمهامهم وتركوا إرثاً طيباً في مسار بناء الدولة.
لكن على مستوى الوجود على مواقع التواصل الاجتماعي، غالباً ما نميّز من خلال الأفكار التي يتم طرحها والحضور ثلاثة أنواع من المسؤولين السابقين:
الأول، هو المسؤول السابق الذي أنهى خدمته بكل هدوء وخرج بعد بلوغه سن التقاعد، تراه في بعض الأحيان يقوم بنشر بعض التوضيحات التي تتعلق بتراكم الخبرة لديه، وهي للأمانة توضيحات تبدو مفيدة للأجيال القادمة، قد يكون قضى حياته المهنية نزيهاً لم يشوهه الكرسي، لكن البعض منهم قد يجلس اليوم ليتمتع بما حملته إليه «المناصب» التي تقلدها! لكن في كلتا الحالتين لا تراه يتمرد على الدولة التي أعطته ولا تراه ينظّر على الممتعضين مما آلت إليه الأحوال.
الثاني، هو المسؤول الذي قد يكون أنهى مهامه قبل بلوغه سن التقاعد، تراه ليل نهار ينشر ويكتب ويهاجم خطط الحكومة هنا وينتقد سياساتها هناك، لا يكتفي بذلك بل يطرح ما يسميها برامج وآليات عمل للخروج من هذه الأزمة، حتى لتحسبنّ أفكاره كعصا سحرية، وعندما تسأل المخدّرين بأفكاره الفيسبوكية:
لماذا لم نره يطبق هذه الخطط عندما كان في منصبه؟ يأتي الجواب الذي اعتدنا سماعه:
ما خلوه يشتغل! طبعاً هذه اللازمة عند المسؤولين السابقين هي كلازمة المؤامرة عند المسؤولين الحاليين، شماعة لا أكثر ولا أقل، بعضهم نجح في خداعه هذا وعاد إلى منصب كلنا رأينا أين آلت الأحوال من بعدها؟
الثالث، وهو المسؤول الذي أقيل من منصبه وهو في زهوة شبابه، يعتبر أن إقالته خسارة كبيرة تلقتها أجهزة الدولة ستعوق مسيرة التطوير والتحديث في الجهة التي كان يعمل لديها، تراه يعمل في السر والعلن مسترضياً كل من يمكن استرضاؤه لأجل العودة، يبدأ بتصيد أخطاء من أقالوه ويعتبرها جريمة وطنية، يحاول تحشيد الناس لاعتبار كل خطأ ترتكبه الإدارة الحالية هو انعكاساً للقرار الفاشل بإقالته! هذا الصنف من المسؤولين السابقين وللأمانة هم صنف «قذر» يعيش نرجسية مفرطة كان يعيشها وهو في منصبه عندما كان يعتبر انتقاد عمل المؤسسات هو جريمة وطنية قد توصل صاحبها بالنسبة إليه للانخراط في المؤامرة الكونية ولا مانع من كتابة تقارير كيدية بحقه تشوه سمعته، أما بعد خروجه من المنصب فقد أصبح ذاك الهصور الجسور الذي يريد محاربة الفساد وترهل المؤسسة، عندما ترى هذا الانفصام تدرك تماماً أن ما نعانيه من خلل مؤسساتي لم يأت عن عبث.
في الخلاصة: الخلاصة هنا جداً بسيطة، عندما تدرك حقيقة هذا الصنف من الذين كانوا أصحاب مناصب عليك هنا ألا تسأل لماذا وصلنا إلى هنا، عليك أن تسأل من الذي أوصلهم إلى هنا؟