أمين خياط اسم من نغم في حياتنا الموسيقية والغنائية، لوحة في صدر المشهد الثقافي والموسيقي، أمين خياط، سهيل عرفة، إبراهيم جودت، عبد الفتاح سكر، محمد محسن، محمد عبد الكريم أساطين الأغنية السورية، الذين بذلوا جهوداً خارقة حتى أسسوا للأغنية السورية من رفيق شكري إلى مها الجابري، وقدموا أجمل الألحان الخالدة والباقية، ألحانهم تسابق إليها المطربون الحقيقيون، فلحنوا وجددوا وطوروا وأوجدوا نهجاً جديداً في الأغنية السورية والعربية.. وها هم يرحلون تباعاً، غادر سهيل عرفة وشادية تشدو بـ«يا طيرة طيري» ووديع الصافي ينشد «يا دنيا» وسميرة سعيد تغني «يا نهر الشام»، وغادر عبد الفتاح سكر وقد أطلق فهد بلان للعالم، وغادر إبراهيم جودت.. ورحلوا جميعهم، واليوم يغادرنا أمين الخياط الموسيقي والملحن، وعازف القانون الماهر على المستوى العربي، والذي شكل مع أصدقائه وأبناء جيله نهجاً للأغنية السورية العاطفية والوطنية، وقد كان أمين خياط إضافة للموسيقا والتلحين شخصية مهمة ومنظمة، ويذكر للموسيقي الراحل أنه من أوائل الذين أسسوا فرقة موسيقية متكاملة في سورية، فكانت فرقة الفجر الموسيقية التي ضمت نخبة العازفين السوريين، وكانت لهذه الفرقة فضيلة أن تعزف وراء أمهر المطربين، ورافقت المطربة الكبيرة ميادة الحناوي مطربة الجيل منذ حفلتها الأولى، وكما كان لعبد الحليم الفرقة الماسية وأحمد فؤاد حسن، كان لسورية فرقة الفجر وأمين خياط، ومن هذه الفرقة الأصل تفرعت فرق عديدة للعازفين الماهرين الذين كانوا في الفرقة، ويذكر أن ولاء هؤلاء بقي أصيلاً لفرقة الفجر، وعند أي حفل تراهم مع الأستاذ أمين الخياط.. بقي الأستاذ أمين مؤمناً بالموسيقا الأصيلة، وظل حريصاً على الرقي بكل ما يقدمه حتى أيامه الأخيرة.. وحين وصلت الأغنية السورية في ظل غياب الإنتاج الغنائي إلى مرحلة غير مرضية توقف أمين الخياط، وكانت صحته وراء الانكفاء والابتعاد، لكنه كان رجلاً محباً للحياة، لم يغادر دمشق وسورية على الرغم من الحرب والظروف، وبقيت شوارع دمشق وأرصفتها على علاقة حميمة معه، وأندية دمشق شهدت جلساته مع أصدقائه، وبقي أمين الخياط يسرد ذكرياته لأصدقائه، ويندي جلسات الأصدقاء بما يكتنزه من ذكريات، وعلى الرغم من مرضه وتردده إلى العيادات والمستشفيات، إلا أنه كان لا يتأخر عن أصدقائه، وحافظ على ابتسامته دون أن ينغص عليهم، وبين استطباب وآخر لم يتوقف عن الجلسات ومعه أدويته اللازمة.. أمين الخياط كان محباً للحياة، لذلك لم يقابل الحياة يوماً دون أصدقائه، كان حريصاً على أن يكون في جمع من الأصدقاء، وكأنه بوفائه يريد أن يودّع الجميع، وأن يحظى بما لديهم من عواطف، وحتى على فراش المرض كان مبتسماً دوماً.
أمين الخياط عند كل من عرفه ورآه وشاهده ولو على الشاشة كان مبدعاً موسيقياً، وكأنه جزء من الفواصل التي يعزفها، وكان مبتسماً سعيداً بالموسيقا التي أبقته على جماله ونقائه وطفولته.. عاش مبدعاً شفافاً، وغادر الحياة بالروح نفسها..
ستذكرك مسارح دمشق والوطن العربي
سيشكرك العازفون الذين كانوا أبناءك
وستبقى رفيق الكبار في كل أمسية طربية أصيلة..
أمين الخياط آخر الشغوفين بالموسيقا واللحن والأغنية وداعاً
المايسترو الذي أعطى الفرقة جمالها وأبهتها ستفتقدك المسارح عند كل فجر موسيقي.