تتسابق الجامعات على مستوى العالم تجاه تسجيل أعلى نقاط المرموقية والسمعة العلمية المتقدمة والتقيد التام بالأنظمة لإظهار صورتها دائما بأنها نبع العلم ونهل المعارف والسمعة العطرة ليس فقط لمحددات نواظم عملها وأنشطتها بل تحلّي كوادرها وأساتذتها ككل بالعلمية والحرص الكبير على مكانتهم أولاً وسمعة الجامعة ثانياً.. فالوصول إلى هدف المرموقية يتطلب حلولاً إستراتيجية وتكتيكية بهدف التخلص من أي رواسب، لتتمكن الجامعات من الدفع بذاتها نحو مواكبة كل ما هو جديد، بدلاً من التأرجح في دائرة المستحيل.
مصطلح ظهر مؤخراً وعملت بمقتضاه العديد من الجامعات على مستوى العالم، يتجلى قوامه بالتسابق في قطاع التعليم العالي نحو بناء السمعة والمكانة الأكاديمية وغيرهما من مسائل تحقق الجودة في سلك التعليم العالي، ويحمل هذا المصطلح بمدلولاته الواسعة العديد من المؤشرات البالغة الأهمية ومنها العراقة، والسمعة الأكاديمية، والتميز في التعليم والبحث العلمي، والتميز في قياداتها الأكاديمية والفكر الاستشرافي، والتميز أيضاً بنوعية مخرجاتها وخريجيها.
ونطرح السؤال الأهم: أين موقع جامعاتنا بشقيها الحكومي والخاص..؟ هل تسعى إلى المرموقية وتحقيق السمعة العلمية العالية.. ؟ ما خططها وأساليب وآليات ذلك..؟
ملايين الليرات تصرف على ميزانيات التعليم العالي وجامعاته، فهل المخرجات يا ترى توازي قيم تلك الميزانيات التي تم صرفها؟ بمعنى هل أوجدت إدارات الجامعات البيئة المناسبة للإبداع والريادة وتحقيق كل ما يسهم في الوصول إلى المرموقية المبتغاة؟
للأسف لم تعر الجامعات بعد تلك الأهداف المهمة أي اعتبار، تعمل وتسير وفق نظام دوائر خدماتية أو قطاع خدمات وظيفية، أستاذها غير مكترث بما حصل أو يحصل، لا يعير اهتماماً للبحث العلمي والإبداع، ولا إلى سمعة الجامعة والمستوى العلمي، من باب كلنا بشر وكلنا يعاني ظروفاً صعبة، متناسياً ذاك الأستاذ دوره ومركزه وأهميته التي يجب أن يحرص كل الحرص على السير للوصول إلى مستوى المكانة العالية والسمعة العطرة.
من المخجل حقاً أن نسمع بين فترة وأخرى عن قصص مشينة تجري أحداثها في جامعاتنا مراكز العلم ومناهل المعرفة، أبطالها أساتذة على درجة علمية متقدمة، لكنهم متأخرون بمستوى درجة أخلاقهم، حيث الانحطاط والسوقية ونزع كل ما يضفي صفة على دكتور الجامعة، أمور يندى لها الجبين خجلاً، أن يضع دكتور جامعة بموقع مغازلة لإحدى طالباته، متغزلاً ومتلفظاً بكلمات سوقية غير أخلاقية، يكفيه شرفاً أن تستطيع طالبة عمرها أقل من عمره بضعف أو أقل أن تجعله يتفوه بكلمات لا تليق أو تجره لأفعال مشينة..!
بعيداً عن أي حادثة بعينها… هل الجامعة بمنأى عما يجري من تدهور خلقي وعلمي لكوادرها.. فهي من وضعتهم في قائمة العام وأعطتهم المكانة والموقع العلمي وربما الإداري لبعضهم…؟!
ما من محددات أخرى تضعها الجامعات أيضاً، فالولاءات وشراء الأشخاص والذمم ورسائل «الدكترة» لا تكفي، ولا ضير بمعرفة كينونات هذا الشخص الذي سيقود دفة تعليم جيل كامل، ما فائدة تسيده وإعطائه مكانة ما وقراراً ما إذا كان فاسداً وغير مؤهل أخلاقياً ليكون قائداً ومربياً بحق..؟
هل تقدر جامعاتنا على الإلحاق بركب تحقيق المكانة العالية وكل ما تعزز المرموقية بمؤشراتها وكوادرها التدريسية لكي تبقى منارات نفاخر بها العالم في ظل تطلعات كبيرة تجاه مخرجات تحقق الفائدة وتكون نواة لحلول متنوعة للعديد من الإشكالات، وتعطي فوائد من اعتمادات وموازنات مالية كبرى تصرف كل عام..؟!