بقي السوريون محافظين على عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم الميلادي لأنه يعتبر فترة وجزءاً مهماً من السنة أي «زمن الميلاد» ينتظره كل كبير وصغير وما يحمله من فرح وسلام مليء بالبهجة والزينة والشجرة المضيئة والأجواء المميزة في كل بيت وشارع وحي، زمن يوّحد جميع السوريين فيتشاركون الفرح والمحبة والمساعدة، يتبادلون المعايدات والصور التذكارية، المأكولات التقليدية فالجميع يتجول في الشوارع التي تملؤها حبال الزينة المضاءة مع الترانيم الموسيقية وصوت أجراس بابا نويل في كل مكان.
يعتبر عيد الميلاد المجيد ثاني أكبر الأعياد ويمثل تذكار «ميلاد السيد المسيح» وذلك في يوم 25 كانون الأول من كل عام فهو احتفال ديني وثقافي بين جميع الناس وحول العالم والمناطق ويترافق مع احتفالات عائلية واجتماعية منها: وضع شجرة الميلاد، تبادل الهدايا، استقبال بابا نويل، إلقاء الترانيم، ومن ثم تناول عشاء ليلة الميلاد في منتصف ليلة 24 كانون الأول فهذا يعد أهم وأعرق تراث منذ القديم حتى يومنا هذا، إضافة إلى العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات والمسرحيات المتخصصة بفترة عيد الميلاد نشاهدها في صالات السينما أو عبر التلفاز.
زينة الميلاد
من أهم ما يترافق في زمن الميلاد تزيين المنازل والشوارع والأماكن العامة والخاصة والساحات والمحال التجارية والمطاعم ومن ضمن العادات المتوارثة التزيين باللونين «الأحمر والأخضر» مع إمكانية إدخال الذهبي والأبيض اللذين يعتبران إشارة إلى عيد الميلاد.
الأخضر يرمز إلى «الحياة الأبدية والتجدد» أما الأحمر فيرمز إلى «الحب والدفء» فيتم وضع حبال الإضاءة والكرات الحمراء والخضراء على الشجرة وهي دليل على (شجرة الحياة والولادة الجديدة) وتكون من الصنوبر أو السرو أو السنديان وتلحق بها المغارة وهي جزء أساسي ودليل على مكان ولادة «السيد المسيح» إضافة إلى الأجراس والثلج وأكاليل أغصان دائمة الخضرة توضع على أبواب المنازل والشموع والملائكة والنجمة ووجود بابا نويل من أكثر الأشياء التي ينتظرها الكبير والصغير حيث عرف بالتقاليد المتوارثة والشعبية أنه يأتي محملاً بالهدايا والأمنيات.
لا يوجد تاريخ محدد لوضع زينة الميلاد لكن من المتعارف عليه أنها ابتداء من 1 كانون الأول أي من بداية شهر الميلاد ويستمر حتى انتهاء عيد رأس السنة.
أمسيات ميلادية
تزامن عيد الميلاد منذ زمن بعيد بظهور العديد من الأناشيد والترانيم والموسيقى والألحان الميلادية التي تركت أثراً يتذكره المتلقي عند سماع أي منهم وخلال هذه الفترة يقام الكثير من الحفلات والأمسيات الموسيقية لعدة فنانين ومرنمين منها يغني بالعربي ومنها باللاتيني والبعض الآخر بالفرنسي ثم الأجنبي وإضافة إلى ذلك تنتشر هذه الأغاني والموسيقى منبعثة من العديد من المحال التجارية والمطاعم والمقاهي بأصوات مرتفعة يسمعها جميع المارة ويعتبر هذا تقليداً أساسياً لدى الشارع السوري.
مائدة الميلاد والحلوى المتوارثة
تعتبر مائدة عيد الميلاد جزءاً لا يتجزأ عند جميع العائلات سواء عشاء منتصف ليلة الميلاد أم مأدبة غداء يوم العيد فتتجمع العائلات والأقارب والأصدقاء ويحضرون مختلف الأصناف والأنواع والمأكولات الشرقية والغربية، فالصنف الأساسي على مائدة أغلب العائلات هو «الدجاج المحشي والأرز، المحاشي، الديك الرومي ومن ثم الكبة والمقبلات الشرقية».
إضافة إلى صنع الحلوى العربية التقليدية والمتوارثة مثل: معمول التمر ومعمول الجوز والفستق وقطع الحلوى والشوكولا ذات أشكال ميلادية مثل «شجرة، جرس، نجمة» وتكون باللونين الأحمر والأخضر مع كعكة عيد الميلاد وهي تكون على شكل جذع شجرة مزين بالحبيبات الملونة وجوز الهند.
بطاقات المعايدة
تعد المعايدات سواء كانت مكالمات أم رسائل نصية أو بشكل شخصي جزءاً أساسياً في العيد ومن ثم يقوم الأقارب والأهل والعائلات والجيران بزيارة بعضهم البعض لتبادل التهاني وتلقي المعايدات فيتشاركون الفرح والأجواء معاً، لكن قديماً كانوا يتبادلون المعايدات عن طريق بطاقات بريدية تحمل صوراً ذات طابع من وحي الميلاد مثل «شجرة، رجل ثلج، كرات حمراء» وإرسالها من منطقة لمنطقة أخرى من أجل تلقي وإرسال التهنئة الورقية لأنها كانت تعتبر تراثاً قديماً متناقلاً ولكي تبقى ذكرى كانت تترافق برسالة قصيرة وتبادل التحيات مع صلاة معينة وبعض الأمنيات للعام الجديد، لكن مع ظهور الإنترنت ألغيت هذه العادات واقتصرت على المعايدات الإلكترونية.
تبادل الهدايا
يعد شراء وتبادل الهدايا من الجوانب المهمة باحتفال عيد الميلاد فيقوم أفراد العائلة بشرائها وتزيينها ومن ثم تبادلها ليلة الميلاد.
ارتبطت هذه العادة بالقديس «نقولا أو نيكولاوس» المعروف باسم «بابا نويل» فيعود هذا الارتباط بأنه كان يقوم بتوزيع الهدايا والملابس والطعام على الفقراء والمحتاجين والأطفال بفترة الميلاد دون أن يعرف أحد به، فتجسدت صورته بشكل «بابا نويل» الحالي أي رجل ذي لحية بيضاء وملابس حمراء قادم على عربة تجرها غزلان من جميع أنحاء البلاد محملاً بالهدايا فيدخل إلى المنازل من المدفأة فيضع الهدايا بعد منتصف ليلة الميلاد حيث تعود القصة لمئات السنين أي إن الأطفال يكتبون أمانيهم ومطالبهم ويضعونها تحت الشجرة ليستيقظوا في صباح العيد ويجدوا الهدايا ويتبادلوها مع بعضهم البعض بفرح وسعادة.