مسلسل «البورد» قصة جديدة تصور كواليس العمل الاقتصادي … عكو لـ«الوطن»: الأبواب المفتوحة في الحلقة الأخيرة غير مرتبطة بالأجزاء
| مايا سلامي
يقدم مسلسل «البورد» الذي بدأ عرضه مؤخراً قصة جديدة ومختلفة تصور كواليس العمل الاقتصادي في مكاتب الشركات الكبرى، وصراعات الأقلية من أصحاب النفوذ ورؤوس الأموال الذين يسعون لتحقيق مصالحهم وزيادة أرباحهم فيتخذون قرارات تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياة الآخرين.
وتتلاقى في العمل عدة خطوط مختلفة تعكس شخصيات متنوعة تحكمها رغبات وإيديولوجيا معينة يسعون إلى تغطيتها والدفاع عنها بالمال والقوة، حاكها مؤلف ومخرج المسلسل هوزان عكو في عقدة مترابطة جعلت منه لوحة عصرية متفردة تسلط الضوء على واقع لم تكشف خباياه بهذا الوضوح من قبل في الدراما السورية بكل ما فيه من تحديات ومؤامرات وتجاوزات.
كما تميز بجمعه كوكبة من ألمع النجوم السوريين والعرب، ومنهم: باسم ياخور، سلوم حداد، ندين تحسين بك، نادين خوري، خالد القيش، كرم الشعراني، روزينا لاذقاني، عبدو شاهين، جوان الخضر، إيهاب شعبان، شادي الصفدي، ترف التقي، ليليا الأطرش، وسيم الرحبي، ديمة الجندي، جلال شموط، محمد خير الجراح، عبدالله سعيد بن حيدر، رحاب العطار، خليفة البحري، وغيرهم.
عمل نخبوي
يخرج «البورد» عن نمطية بقية الأعمال التي تتشعب فيها المواضيع والأفكار ليكون أكثر نخبوية يغوص في عوالم شريحة معينة من الناس، يستخدم مصطلحاتهم وكلماتهم التي تخص عالم الأسهم والأرقام، فغلبت عليه الحوارات الهادفة والعميقة التي تتطلب الكثير من الدقة في الإصغاء إليها لفهم الحدث القادم الذي قد يرتبط بكلمة صغيرة قالتها إحدى الشخصيات.
ولم يخفت عنصر الإثارة والتشويق في العمل حتى بالثواني الأخيرة، فشهدت أحداثه الكثير من التحولات والتبدلات وفي كل لحظة كانت كفة النجاح ترجح لطرف جديد قبل أن تنقلب جميع الموازين فجأة رأساً على عقب، وقد أسهم ذلك بتفاوت الحالة الدرامية للشخصيات صعوداً وهبوطاً بين الضعف والقوة، الأمر الذي صعّب على المشاهد التأكد من صدق نيات كل شخصية موجودة.
خطوط إنسانية
وفي سياق الفكرة ذاتها تضمن العمل خطوطاً إنسانية حملت رسائل اجتماعية مهمة وكان من بينها دعم أحلام الشباب والإيمان بمشاريعهم الصغيرة واستثمارها لتنمو وتزدهر، إضافة إلى فكرة تمكين وتعزيز دور المرأة في المناصب القيادية المهمة والمراهنة على نجاحها، من خلال شخصية «مي» التي تحارب من بقية الشركاء لكونها امرأة تتسلم منصب الرئيسة التنفيذية للشركة الكبرى، وأبدعت بأدائها الفنانة نادين تحسين بيك، كما تناول جانب التحرش واستغلال الفتيات الطموحات المقبلات على العمل بحب وشغف من جانب بعض الشخصيات النافذة، وجسدت هذا الجانب الفنانة روزينا اللاذقاني بشخصية «دانا» التي تصر على المواجهة لتكشف كل هذه التجاوزات.
موضوع مُلّح
وللخوض في تفاصيل أكثر تواصلت «الوطن» مع مؤلف ومخرج ومنتج «البورد» هوزان عكو الذي تحدث عن سبب اختياره للفكرة، وقال: «الاقتصاد وصناعة الثروة موضوع يشغل تفكير أغلبية الناس، سواء كانت أموراً بسيطة على صعيد المعاش اليومي إلى إنشاء عمل خاص أو تطوير عمل ما وتوسيعه وصولاً إلى استيعاب عجلة الاقتصاد التي تدور حياتنا في فلكها، لذلك كان الموضوع ملحاً لكن لم يتطرق إليه أحد في وقت سابق لأنه يعتبر تحدياً على المستوى الجماهيري بالمقارنة مع الأنماط الأخرى من الدراما، إلا أنه موضوع يلامس الجميع ويفتح باب النقاش».
وفيما يتعلق بتحقيق العمل للجماهيرية المطلوبة، أوضح أن المفاجأة كانت بوصوله إلى شريحة عريضة جداً، بخلاف أهل الاختصاص. مشيراً إلى أن العمل لم يهدف منذ البداية إلى تحقيق الجماهيرية، بقدر ما هدف إلى خلق حالة جديدة ومشروع درامي مختلف، إلا أنه حقق انتشاراً واسعاً وجماهيرية فاقت التوقعات.
وأضاف: «كل عمل مهما كان يتحمل أصداء سلبية وإيجابية، و«البورد» مسلسل غير تقليدي من حيث الموضوع أو الكتابة، وحتى التنفيذ، فكان تحدياً منذ البداية حاله حال مسلسل «المنصة» من قبله، ونحن سعداء جداً بما نسمعه من ردود أفعال».
العمل الجماعي
وعن أهمية وجوده في جميع خطوات العمل بدءاً من صناعة الفكرة وصولاً إلى التنفيذ والإنتاج، بيّن هوزان عكو أنه يؤمن بالعمل الجماعي وبفريق العمل المتوافق، لكن بعض الأعمال تحتاج إلى وجهة نظر واضحة لإيصال فكرة العمل وفق الرؤية التي قام المشروع بناءً عليها، وهذا ما تحقق في «البورد».
وفيما يتعلق باختياره لكوكبة الفنانين الذي جمعهم العمل قال: «العدد الأكبر من الشخصيات تواصلت معهم أثناء الكتابة وهذا ما أقوم به عادة في الأعمال التي أنتجها، في حين توضحت بعض الخيارات بعد الانتهاء من الكتابة، وكانت خيارات موفقة حيث أضاف نجوم العمل الكثير، وأثبتوا أنهم نجوم صف أول ولن أتردد في العمل معهم مجدداً».
مقولة العمل
وفي الختام بين السبب وراء ترك بعض الأبواب المفتوحة أمام المشاهد في الحلقة الأخيرة، وأوضح أن هذا الموضوع لا يتعلق بالأجزاء، وإنما بإكمال مقولة العمل وهي: «لا توجد نقطة أو حل حاسم ينتهي عنده كل شيء، سواء في معركة كشف المفسدين ومحاسبتهم أم بقدرة المرأة على التحدي وتمكنها من قيادة مؤسسة كبيرة»، منوهاً بأنه مقترح لإنهاء مرحلة وبداية مرحلة أخرى يستمر فيها العمل على مواجهة العقبات أمام تمكين المرأة من القيادة، ومواجهة التحرش واستغلال السيدات وأخيراً العمل على منح الناس الحق في إنشاء أعمالهم الخاصة وتحسين معيشتهم.