بكل تعنت وعدم اكتراث، يعلن رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو أن الدعوات لعدم اجتياح جيشه لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة هي دعوات لهم لخسارة الحرب، مستنداً بذلك إلى تبرير وزير حربه المجرم يوآف غالانت بأن تعميق العملية العسكرية في غزة من شأنه تقريب الوصول لاتفاق لتبادل الأسرى.
نتنياهو يدرك تماماً أن اجتياح رفح آخر أوراقه الميدانية، بعد إخفاقه في توسيع رقعة الصراع عبر استفزازاته المتكررة لدول الإقليم، والتي تهدف لضمان بقائه السياسي المرتبط بمبررات الحرب.
المواقف الأوروبية ومواقف بعض دول المنطقة لا تتخطى التحذير من العواقب، بينما تبقى عاجزة عن الضغط ولو بخطوات سياسية واقعية لمنع الكارثة الإنسانية، أما الموقف الأميركي فعنوانه المراوغة، لتكون جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السادسة في المنطقة بلا نتائج معلنة، إلا أن مفعولها انعكس مباشرة على لسان نتنياهو، بعد حصوله على ضوء أخضر أميركي، من خلال إعلانه التحشيد ودعوة جنود الاحتياط تحضيراً للاجتياح، فالتسريبات الإعلامية كشفت عن طلب رئيس حكومة الاحتلال من واشنطن الفرصة الأخيرة لتعديل موازين الميدان الراجحة لكفة المقاومة الفلسطينية.
الموقف الأميركي يخشى ضغط الداخل، وخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، لذلك يعلن عكس ما يبطن ويفعل، فالمبتدئ في السياسة يعلم أن واشنطن تستطيع فعلاً ثني نتنياهو عن اجتياح رفح، عبر التهديد بقطع التمويل والإمداد العسكري وشريان حياة الكيان الصهيوني، ولكن مصالح الإدارة الأميركية تتطلب تحقيق نصر إسرائيلي ضمن هذه الفرصة فقط.
خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي تتفاقم في ظل عدم تحقيق أي هدف معلن، يوازيها تصاعد الاحتجاجات التي تقودها عائلات الأسرى الصهاينة وقتلى الجيش، وتوقد نارها المعارضة الشامتة لسياسة نتنياهو العبثية.
اللافت في المواقف السياسية هو الموقف المصري الذي هدد بتعليق اتفاقية «كامب ديفيد» إذا ما أقدم جيش الاحتلال على اجتياح رفح وتهجير النازحين المقدر عددهم بين مليون وثلاثمئة ألف نازح إلى مليون ونصف المليون، وحذّرت مصر «من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، ولاسيما في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة» بحسب بيان الخارجية المصرية الذي اعتبر أن استهداف رفح واستمرار انتهاج إسرائيل سياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمنزلة إسهام فعليّ في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.
إذاً من يوقف هذا السعار الإسرائيلي الذي سيشعل المنطقة برمتها؟ الأمر منوط بقدرة المقاومة الفلسطينية على إيقاع أفدح الخسائر بجيش العدو وكسب معركة الرأي العام العالمي مرة أخرى.