على الرغم من أن الحزب الديمقراطي لم يعلن أنه قد يتخلى عن ترشيح الرئيس الحالي جو بايدن لولاية رئاسية ثانية كما جرت العادة إلا أن الحديث في الأروقة السياسية والإعلامية في واشنطن يزداد عن إمكانية إبعاد بايدن عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد كثر الحديث مؤخرا عن حالة بايدن الصحية وقدرته على أداء مهامه كرئيس للولايات المتحدة لأربع سنوات أخرى، خاصة بعد قيام بايدن في الآونة الأخيرة بالخلط بين أسماء الزعماء الأوروبيين الحاليين وأسماء زعماء من ثمانينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى إصدار تقرير المحقق الخاص حول حالته العقلية، وهذا الوضع دفع بالحزب الجمهوري المنافس، من أعلى قمته حتى قواعده، لترديد رأيه بأن جو بايدن لن يكون المرشح الديمقراطي للانتخابات المقبلة.
قال الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب علناً إنه لا يعتقد أن بايدن «سينجح»، وعندما كان لا يزال في السباق، توقع حاكم فلوريدا الجمهوري، رون ديسانتيس، أن الديمقراطيين «قد يستبدلونه بشخص آخر»، ومن جانبه السيناتور الجمهوري تيد كروز قال في مقابلة أجراها في أيلول الماضي: «أعتقد أن المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي سيتخلى عن بايدن ويطرده من القائمة وسينزلون بدلاً منه ميشيل أوباما لتكون مرشحتهم».
حتى لو قرر الديمقراطيون أن بايدن غير مناسب لمنصب الرئيس، فلا توجد طريقة سهلة لإخراج الرئيس الحالي من منصبه خاصة في هذه المرحلة من السباق، وليس من السهل أن تطلب مجموعة من قياديي الحزب من بايدن التنحي من أجل مصلحة البلاد والحزب، كما أنهم لا يستطيعون إجباره على ذلك أيضاً، وانسحاب بايدن من الانتخابات يتطلب قراراً من بايدن نفسه، وإذا قرر هو ذلك فقد كان عليه أن يفعل هذا في العام الماضي لكي يعطي فرصة لمرشحين آخرين للقيام بحملات أولية.
يرى مراقبون أن هذه الافتراضات بعيدة كل البعد عن الواقع، فمن يعرف جو بايدن يعرف أن الرجل مؤمن بأنه يقوم بعمل جيد جدا، وجو بايدن لا يريد التخلي عن الرئاسة خاصة بعد أن قضى عقوداً من الزمن يحاول الوصول إلى البيت الأبيض.
لكن لنفترض جدلا أن بايدن على استعداد للموافقة على خطة لانسحابه من السباق الرئاسي، من سيكون البديل؟ ولنبدأ أولاً بنائب الرئيس، كاملا هاريس، التي حصلت على تقييمات أقل من الرئيس نفسه، وقد يبدو حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، جيداً على الورق وعلى شاشات التلفاز لكنه لم يختبر على المستوى الوطني، وأظهر وزير النقل، بيت بوتيجيج، القليل من الجاذبية خارج قاعدته التقدمية البيضاء من الطبقة المتوسطة العليا في حملته التمهيدية في الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠، والشيء نفسه ينطبق على السيناتور، إليزابيت وارن، أما السيناتور، بيرني ساندرز، فهو يبلغ من العمر ٨٢ عاما ويعتبر في أقصى يسار الحزب الديمقراطي، ومؤخراً بدأ يظهر اسم زوجة الرئيس السابق باراك أوباما، ميشيل، كبديل محتمل لجو بايدن مع أنها ليست شخصية سياسية ولم تترشح أبدا، ويرى كثيرون أن، ميشيل أوباما، شخصية ذات شعبية كبيرة بين الديمقراطيين وتتمتع بثقافة جيدة وهي محاورة موهوبة.
من الصعب التصديق أن الحزب الديمقراطي يعلق آماله في الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة على رجل يعتقد ٧٦ بالمئة من الأميركيين أنه لا يتمتع بالصحة العقلية والجسدية اللازمة ليكون رئيسا لولاية ثانية، وبالنظر إلى استطلاعات الرأي هذه، يعتقد الجمهوريون أنه لابد من وجود خطة ما لدى الديمقراطيين على حين أن، جو بايدن، هو الخطة حسب مراقبين.
سيكون من المثير للاهتمام أن يكون، جو بايدن، على وشك أن يستبدل، بميشيل أوباما، في خطة متعمدة لخداع الجمهوريين والانطلاق نحو النصر.
فهل حقا يعمل الديمقراطيون على استبدال، جو بايدن، في اللحظة الأخيرة؟ أم إنهم في الواقع يتمسكون بهذا الرجل باعتباره الخيار الأقل سوءاً؟
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة