ماذا يحصل لو سبحنا عكس التيار؟ ما حسابات الربح والخسارة؟
من المؤكد أن السباحة عكس التيار صعبة للغاية، أكانت سباحة حقيقية، أي نسبح في نهر بعكس جريانه، أم سباحة افتراضية أن نقوم بفعل ما عكس ما هو مألوف أو متوقع.
أصعب أنواع «السباحة عكس التيار» هو مخالفة العادات والأعراف والتقاليد المتعارف عليها في مجتمع ما، وأكثرها صعوبة تلك التي لها علاقة بمجتمعنا العربي.
كثير من المفكرين والأدباء والشعراء قادوا ثورة ضد التقاليد القديمة البالية، أذكر منهم شاعرنا الكبير نزار قباني الذي تعرض لموجة عاتية من الانتقاد والحرب حتى تحت قبة المجلس النيابي، أي البرلمان.
وكان أحد عائلة القباني قد تعرض بدوره للهجوم وتأليب الشارع والسلطة عليه، وأقصد أبو خليل القباني الذي اضطر لمغادرة دمشق والهجرة إلى مصر لمتابعة مشروعه الفني الذي كان سبباً للحرب عليه في سورية.
عندما بدأت موجة الشعر الحديث وشعر التفعيلة والشعر الحديث وغير ذلك من التسميات جُوبهت بانتقادات شديدة من أصحاب الشعر التقليدي أو العمودي، لكنها استمرت وأثبتت وجودها كنوع جديد من الشعر والأدب.
هناك أمثلة أقل عمومية حول فكرة أو فعل السباحة ضد التيار، أذكر في بدايات صحيفة تشرين أن قام أحد الزملاء بإجراء مقابلة فنية مع كومبارس، وقد أثارت تلك المقابلة جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض.
معروف أن الصحفي يسعى لإجراء مقابلة مع نجم أو نجمة مثل دريد لحام ونهاد قلعي أو رفيق السبيعي وهالة شوكت ونجاح حفيظ وغيرهم، ولن تجد صحفياً واحداً يفكر في إجراء مقابلة مع كومبارس، لكن زميلنا فعلها مشيراً حينها إلى رغبته في كسر القواعد الجاهزة، ولإنصاف هذا الفنان الذي وجد نفسه خارج إطار النجومية.
هل يمكننا وصف من يسبح عكس التيار بالشجاع؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يعني أن من يتمسك بالتقاليد والأمور المتعارف عليها يمكن وصفه بالجبان؟
من دون توصيفات، فالناس تختلف على كل شيء تقريباً، وكما قال الشاعر أبو فراس الحمداني قبل أكثر من ألف عام: وللناس فيما يعشقون مذاهب.
المهم أعترف أنني شخصياً أعشق السباحة عكس التيار، ليس خروجاً على القوانين-لا سمح الله- بل لرغبتي في إيصال صوتي وصوت فقراء الوطن إلى حيث يجب أن تصل، وعندما أنتقد قرارات وسياسات الحكومة فأنا أحاول تصويب تلك القرارات والسياسات، لأنني أدرك أن الحكومة تخطىء كأي شخص في الدنيا، وأنا للعلم لست ضد الحكومة، كالفنان أحمد زكي في الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه، بل أنا أمثل الأغلبية العظمى من الشعب، وعلى الحكومة مجتمعة أن تستمع لهذا الشخص الذي يسبح مع التيار الشعبي الجارف، وبذلك يجب أن تعلموا أنني لا أسبح ضد التيار.
صورة طبق الأصل للسيد حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء مع الشكر.