لن تكون الحرب النفسية التي يلجأ إليها الكيان الصهيوني للتغطية على عجزه عن تحقيق إنجازات ميدانية في غزة أمام أبطال المقاومة الفلسطينية سوى فقاعات إعلامية ستزيلها الوقائع على الأرض، خاصة أن الأزمة داخل ما تسميه وسائل إعلام العدو «حكومة وحدة» أو «حكومة حرب» تتفاقم وتتجه نحو الانفجار.
هذه الفقاعات الإعلامية اتضحت عبر تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال تقييم أجراه مع قائد القيادة الجنوبية في جيش الاحتلال اللواء يارون فينكلمان، حول أن قيادة حركة حماس في الخارج تتطلع إلى استبدال زعيمها في غزة يحيى السنوار، مستنداً إلى تقارير إسرائيلية تقول إن السنوار انقطع عن الاتصال بقيادة الحركة في الخارج منذ نهاية شهر كانون الثاني الماضي، كما أن مشاركته في المفاوضات الجارية بشأن الرهائن موضع شك، مضيفاً: إنه لا يوجد قادة في الميدان للتحدث معهم.
حرب العدو على المستوى النفسي، تهدف إلى محاولة تبرير العدوان الهمجي المتواصل على قطاع غزة، وتخفيف الضغوطات الخارجية المتزايدة على الكيان لإيقاف حرب الإبادة الجماعية، خاصة مع المواقف التي يتخذها الاتحاد الإفريقي والبرازيل وقوى ذات تأثير دولي.
ورد المقاومة على تلك المحاولات الإسرائيلية كان في الإطار نفسه، حيث نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس صورة مصممة تحمل رسالة تقول: «حكومتكم تكذب عليكم»، في إشارة إلى ملف تأخر الحكومة الإسرائيلية في التوصل لاتفاق بشأن المحتجزين.
وتُظهر الصورة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وقد ألقى في سلة المهملات بملف يحمل اسم «ملف الأسرى» ويستبدله أمامه بملف آخر يحمل عنوان «الرشوة التي تؤدي لتماسك الائتلاف الحاكم»، فيما كان التوقيت متزامناً مع إلغاء اجتماع مقرر عقده يوم الإثنين الفائت بين نتنياهو وممثلي أهالي المحتجزين لدى المقاومة في قطاع غزة.
الإعلام الحربي للمقاومة أظهر خلافات الداخل الإسرائيلي على السطح، وأبرزها انفراد نتنياهو بالقرار، والذي يوسع الانقسام ويسرع في مصير الأخير، خاصة أن تسريبات اجتماع المجلس الحربي المصغر الذي عقد يوم الخميس الماضي حسب «القناة 13» الإسرائيلية تؤكد ذلك، حيث قالها، الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، صراحة من أن نتنياهو يفعل كل ما في وسعه لاتخاذ قرارات بمفرده وليس بشكل مشترك.
وذلك وسط شكاوى من أن نتنياهو يتخذ قرارات تتعلق بالجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق إطلاق سراح الأسرى مع حماس بمفرده، من دون استشارة مجلس الوزراء الحربي أو مجلس الوزراء الأمني، كما اشتكى وزير الحرب، يوآف غالانت، من أن نتنياهو «تجاوز» مؤسسة الدفاع، ما أدى إلى ارتكاب «أخطاء» خلال الاجتماع، لذلك رفض غالانت اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم اقتراحه في المفاوضات مع حماس، فيما أصر نتنياهو على أنه لم يمنع أي أحد من تقديم تقارير إلى مجلس الكابينيت، ملمحاً إلى أن وسطاء مصريين اتصلوا بـغانتس مباشرة لدفع محادثات صفقة الرهائن.
صمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وحاضنتها الشعبية على مدى أيام الحرب القاسية، والعدوان الصهيوني الممنهج على القطاع والذي يستهدف كل مقومات الحياة، هو ما يربك العدو وداعميه، ويسرع بتحقيق نتائج استراتيجية يخافها الاحتلال في المنطقة.