غيوم جنيف لن تمطر!!
| عبد الفتاح العوض
الرئيس الأميركي ترومان يقول: إذا أردت أن تتخذ صديقاً في واشنطن فعليك أن تشتري كلباً.
هذه المقولة من رئيس أميركي وليس من أي عدو لأميركا…….. تذكرتها والمعارضون السوريون يندبون ويلطمون على تخلي الولايات المتحدة الأميركية عنهم.
أقول ذلك مقدمة لفكرة أن غيوم جنيف لا تمطر حلاً في سورية بل غيوم دمشق وحدها القادرة على ذلك.
ثمة فرق بين أن تكون متشائماً أو تكون واقعياً.. من سوء الحظ أن يصبح التشاؤم واقعياً.. أو أن يكون الواقع تشاؤمياً.. عندما أقول: إن غيوم جنيف لن تمطر حلاً فإن هذا يدخل في إطار الواقعية السياسية ولا علاقة له بالتشاؤم الإنساني.
والأسباب واضحة جداً.. أول هذه الأسباب الدول الفاعلة في الأزمة السورية ما زالت تتصارع ولم تصل بعد إلى مرحلة التفاهم الذي يجعل الحل ممكناً في سورية.
مثل هذا الكلام مؤلم جداً لكن علينا أن نعترف به.. فاللاعبون الأساسيون لم ينهوا اللعبة بعد، ويتبدى ذلك إثر الشغب الذي تحدثه بعض الدول الإقليمية التي لا ترقى لمستوى أن تكون مشاغباً إلا إذا طلب منها «الأستاذ» هذا الشغب، وأتحدث هنا عن الدول التي تحدد هي من أسماء المعارضة السورية ومن ثمَّ هي تحدد ممثليها في المفاوضات.
السبب الثاني أننا نطلق عليها اسم «مفاوضات».. وهذا بحد ذاته عبء آخر على الحل.. فالمفاوضات تفترض أن أحداً يربح.. وآخر يخسر.. أو يربح هنا ويخسر هنا بينما مبدأ الحوار أن نبحث معاً عن حل.
في حالة جنيف يبدو هذا الكلام «تخريفاً» إنها ليست مفاوضات بل «صراع» ولا نستطيع أن نقول: إنها معركة ساحتها طاولات المفاوضات، لأن هذه المفاوضات ستجري وكل فريق في غرف منفصلة كاتمة للصوت.. وللحل!!
ثم إن الذين يفاوضون باسم المعارضة ليست لديهم القدرة على التحكم بأنفسهم أصلاً حتى يستطيعوا أن يفاوضوا على شيء.
والأهم من ذلك أن حركات الإسلام السياسي سواء داعش أو النصرة أو التسميات الأخرى لكل فصيل من حركات الإسلام السياسي غير قابلة للتفاوض.
وتعبير غير قابلة للتفاوض معناه أنها لا تريد التفاوض مع أحد لأن مشروعها معروف ومحدد.. كما أن أي دولة لا تستطيع أن نتفاوض معها.
بمعنى آخر هم لا يريدون التفاوض مع أحد.. ولا أحد يريد التفاوض معهم.. والقضية معهم رابح أو خاسر ولا شيء آخر.
ثمة أسباب أخرى الجزء الأكبر لا يتعلق بالسوريين أنفسهم.. لكن هل هذا مدعاة للتشاؤم..؟؟
برأيي إن إخفاق جنيف هو إخفاق هذا النوع من الحل.. الذي يقوم على قدرة وتأثير الدول الفاعلة في الأزمة السورية.
الحل سيكون أفضل وأسهل عندما تيئس الدول من جدوى التدخل بالعمل العسكري ودعم المعارضة بالسلاح.. والتوقف عن إهداء السوريين المزيد من الأسلحة.
عندها يكون الحل سورياً مع دروس السنوات الخمس التي لا شك في أنها أعطت السوريين ما يكفي من الدروس للتعلم بأن إدخال الغرباء على البيت يفسده ولا يصلحه.
إن الإصلاح السوري ضروري لدرجة أن فاتورته مهما بلغت لا تصل إلى فاتورة عدم الإصلاح.
هو رأي شخصي بحت.. جنيف لن تحل الأزمة السورية لكنها ستعلمنا كيف نحلها!!
أقوال:
• • التفاوض هو فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقداً أنه حصل على الجزء الأكبر..
• • الحياة لا تعطينا كل ما نحب، ولكن من نحبهم يعطوننا كل الحياة.