افتتاح لمعرض الكتاب السوري ومعرض للفن التشكيلي … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: وليد مراد فنان مخضرم بدأ حياته الفنية متأخراً وتعامل مع الحجر كمهني
| مايا سلامي- تصوير طارق السعدوني
جمعت الفنان وليد مراد علاقة خاصة بالحجر منذ صغره ولم يكن يعلم أن عمله به سيتحول إلى حب وشغف كبيرين تتلاشى فيهما قساوة هذه الخامة الصلبة التي أصبحت رقيقة لينة بين يديه، وسمحت له أن يصنع منها تحفاً وأشكالاً جميلة أظهرت موهبته الفطرية التي خلقت تجربة فنية مميزة، كللها اليوم بافتتاح معرضه الفردي الأول «حوار مع الحجر» في غاليري زوايا بدمشق.
فنان مخضرم
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قالت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح: «وليد مراد فنان مخضرم بدأ حياته الفنية متأخراً وتعامل مع الحجر كمهني في المقالع وكان يشرح لنا قبل قليل كيف أنه تعامل مع الحجر بقساوة فكان يكسّر ويقتلع الحجر من الجبال، ثم شعر بالحنو تجاه الحجر وشعر بأنه يشفق عليه فأراد أن يسبغ عليه من روحه ومن حنانه وعطفه فعمل نحاتاً».
وأضافت: «في كل مرة يعرض وليد مراد منحوتاته نلاحظ أنه هناك فارق في المستوى وأنه هناك تقدم ملحوظ فني وتشكيلي وحرفي في الأعمال التي ينتجها، ومعرض اليوم جميل جداً يحتوي على أكثر من 40 منحوتة نحتها باستخدام أحجار مختلفة مستوردة ووطنية من جميع أنحاء سورية».
ولفتت إلى أن النظر إلى الحجر يثير عند المشاهد تساؤلات كيف أنه استطاع أن يخترع الشكل ويتخيله وينحت كتلة حجرية كاملة لتصبح طائراً أو عصفوراً أو امرأة أو وجهاً أو سمكة، كلها بخطوط انسيابية صعبة المنال إلا على الحرفي العالي المستوى.
علاقة أزلية
وتحدث الفنان التشكيلي غازي عانا عن تجربة وليد مراد وعلاقته بالحجر، قائلاً: «علاقة وليد مراد بالحجر علاقة أزلية بدأت منذ أن كان طفلاً يعمل في منشأة كبيرة مختصة بالرخام والبحث عنه في المقالع حيث كانت مهنته اقتلاع الأحجار وتكسيرها، لذلك هو يمتلك خبرة كبيرة بطبيعة هذه الخامة وفيزيائيتها ساعدته كثيراً بتشكيل الأعمال». وأوضح أن علاقة وليد مراد بالفنان لطفي الرمحين هي التي جعلته يحول هذا الشغف والحب إلى النحت، منوهاً بأن لطفي شجعه كثيراً وشيئاً فشيئاً بدأ ينتج الكثير من الأعمال المهمة، وأصبح بإمكاننا أن نطلق عليه الآن صفة النحات بكل ثقة وقناعة.
وعن الموضوعات التي تضمنها المعرض، بين أن وليد يحب ربط موضوعاته بالأدب وحاول قدر الإمكان أن يصنع أعمالاً تتعلق بأشكال معينة لكن الشيء الطاغي عنده هو التجريد الذي يعتمد على شكل الحجر الأساسي أي إنه يأخذ حجراً شكله نادر وجميل ينظفه وينحته ليصبح عملاً تجريدياً، والتجريد يخدم هذه الخامة لأنه هناك أحجار ملونة والحجر الملون لا يقبل التشكيل.
فنان بالفطرة
وكشف الفنان نبيل السمان أن وليد مراد صنع في السابق أعمالاً كثيرة ولكنه لم يعرضها ونحن تابعنا عمله منذ البدايات، وهو فنان بالفطرة يمتلك الشغف على الرغم من عدم دراسته للفن أكاديمياً لكنه كان مطلعاً على تجارب كثيرة ولديه مخزون، وهو ابن منطقة صيدنايا المشهورة بالصخر وعلاقة أهل هذه المنطقة بالصخور علاقة تاريخية، وهو اشتغل على نفسه كثيراً حتى جاء الوقت المفصلي لتبصر تجربته النور وتعرض أمام الجميع.
وأوضح أنه في تجربته نشاهد الحجر بأجمل تجلياته حيث نجح وليد مراد في تطويع هذه المادة مستفيداً من كل أنواع الأحجار سواء الأسود أو الأبيض أو الملون، فكل كتلة هي التي تحدد طريقة حل مفرداتها لإنشاء علاقة بين الكتلة والفراغ.
وأشار إلى أن علاقة السوريين بالنحت علاقة تاريخية بدأت منذ الحضارات القديمة لذلك ليس من الغريب أن يولد أشخاص موهوبون بالفطرة وشغوفون بهذا الفن، مؤكداً أن مقولة «عندما ينتهي الواقع يبدأ الفن» تنطبق على ما نشاهده اليوم من فن تشكيلي يضم أحياناً تشبيهاً لصور كائنات لطيفة نحبها لكنه بالأخير حجة لصناعة النحت، فأي موضوع هو حجة لإنشاء عمل جمالي ينقلنا إلى عوالم موازية.