هل انتهى عصر الضحك الجميل؟ الدراما الكوميدية تدخل غرفة الإنعاش
| وائل العدس
عندما نذكر العصر الذهبي للدراما السورية، لا بد لنا أن نمر على أهم المسلسلات الكوميدية التي جابت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وحققت نجاحات مبهرة لم يسبقها عليها أحد.
منذ انطلاق شهرة درامانا، برع السوريون في الكوميديا، عندما أبدع الثنائي نهاد قلعي ودريد لحام في رسم خريطة الطريق الكوميدية عبر سلسلة ما زالت تحقق الإبهار حتى الآن، منها «صح النوم، حمام الهنا، ملح وسكر، مقالب غوار».
وبعدها، استمرت الكوميديا بانتزاع المساحة الأوسع على الشاشات العربية، فدخلت كل البيوت وحازت إعجاب جميع من شاهدها، نذكر منها: «البناء 22، عيلة خمس نجوم، جميل وهناء، هومي هون، بطل من هذا الزمن، دنيا، ضيعة ضايعة، مرايا، يوميات مدير عام، الخربة، بقعة ضوء» وغيرها الكثير الكثير.
وظلت المسلسلات الكوميدية السورية الحصان الرابح في الدراما الرمضانية من حيث نسب المشاهدة لسنوات طويلة؛ لكن مع تراجع تلك الأعمال في السنوات القليلة الماضية، جاءت أعمال الموسم المنصرم لتؤكد أن أزمة عدم وجود مؤلفين متخصصين في هذا النوع والاستسهال تسببا في تراجع إقبال الجمهور على الفن الكوميدي.
اليوم، تدخل الكوميديا السورية غرف الإنعاش بعد أن همدت وخمدت نجوميتها، إذ اتجهت معظم شركات الإنتاج السورية إلى الأنواع الأسهل من الدراما، فتوغلت في البيئة الشامية وركزت على بعض القضايا الاجتماعية.
ومع غياب كتّاب متمرسين بالكوميديا وعدم شجاعة شركات الإنتاج في إنتاج أعمال كوميدية ثقيلة، اتجهت بعض الشركات الجديدة والممثلون الجدد لتقديم كوميديا بإنتاج متواضع وأفكار سطحية، فطغت على الساحة مسلسلات هشة مبتذلة.
في الموسم الرمضاني الأخير، حضرت الكوميديا في الدراما السورية من خلال أربعة مسلسلات مرت مرور الكرام ولم يرسخ مشهد واحد منها في أذهان المشاهدين.
الهروب إلى الكوميديا
تؤكد استطلاعات الرأي أن الكوميديا هي المفضلة لدى الجمهور أكثر من الأعمال الاجتماعية والسير الذاتية لأسباب عدة، بينها بالتأكيد الأوضاع الملتهبة في المنطقة العربية التي جعلت المشاهد العربي يهرب إلى الترفيه خاصة أنها تعتمد ركائز قوية تتناول واقعنا وتستند إليه؛ لتترك للتاريخ صورة شاهدة عليه، وتترك لنا بسمة ممتعة في زمن شح فيه الضحك.
إن الجمهور السوري يحتاج إلى الكوميديا بعد أن بدأ يشعر بالملل من دراما العنف والصراعات البشرية التي لا تقدم للمشاهد إلا الحزن والتشاؤم.
صحيح أن الأعمال الاجتماعية ظهرت بمستوى عالٍ وحققت نجاحاً كبيراً لكن ذائقة المشاهد لا تتحمل كل هذا القدر من الجدية والمشكلات، فيهرب إلى الكوميديا الغائبة في حاضرنا والحاضرة في ماضينا.
إن توجه الجمهور نحو الأعمال الكوميدية مرده الهروب من الواقع والبحث عن ضحكة تسلي القلب وسط بحر الهموم، وخاصةً أن الأعمال الكوميدية عادة لا تضم مساحة كبيرة ليشغل المشاهد فيها تفكيره أو يتفاعل معها عبر تتبع أحداثها.
أزمة أكبر
منذ فترة نعاني غياب الكوميديا وتأثيرها على الخريطة الفنية بسبب أزمة أكبر في الكتابة ووجود أفكار جيدة ومبتكرة ومتجددة للدراما، فلا يوجد كاتب متخصص في الكوميديا، ومستمر فيها مثلما كان في الفترات السابقة.
ويحاول بعض المؤلفين خوض التجربة الكوميدية وبعضهم يحولونها إلى مجرد عمل محترف رائج فقط يعمل على فكرة قوية، ثم يحاول حشو الحلقات بأحداث قد تكون غير ملائمة، فيظهر العمل ركيكاً في أغلب الأحيان.
صعوبات عدة
مازالت الأعمال السورية الكوميدية القديمة تحظى بفرص عروض كبيرة على معظم القنوات المحلية والعربية رغم أن الضحك يتغير مع مرور الزمن ليكون ضحكاً عصرياً متجدداً ومواكباً للواقع، لكن هذه الأعمال حرصت على أن تُعرض في أي زمان ومكان وتكون قادرة على إضحاك من يشاهدها، وهنا تكمن الصعوبة إلى جانب صعوبة الإخراج والكتابة والأداء التمثيلي.
أعمال أخرى
وأخيراً، لا بد أن نعرج على المزيد من المسلسلات السورية الكوميدية المتميزة، ونذكر منها: «أبو جانتي، أبو المفهومية، أنت عمري، أنا وأربع بنات، أيام الولدنة، قانون ولكن، أهلاً حماتي، زمان الصمت، ببساطة، ضبوا الشناتي، الملك لله، عائلتي وأنا، عش المجانين، عودة غوار، قلة ذوق وكثرة غلبة، مرسوم عائلي، الدغري، رومانتيكا، صبايا، عيلة ست نجوم، عيلة سبع نجوم».