تكريم الصحفيين حدث وطني مهم
| ميشيل خياط
سئلت عن معنى تكريم جيل الرواد من الصحفيين السوريين فأجبت، إنه حدث وطني مهم جداً، لأن الصحفي ضمير الشعب وصوته وأذناه، وجسره إلى الحياة والعالم.
لقد استشهد خمسون صحفياً سورياً إبان الحرب الإرهابية على سورية، وكنا جميعاً كصحفيين، سواء على خطوط التماس أو في شوارع وحارات ومؤسسات ووزارات مدننا، مشاريع شهادة، بسبب القصف العشوائي بقذائف الهاون أو المدفعية، الذي لجأ إليه الإرهابيون، في هجماتهم المجنونة على حياتنا الآمنة وبلدنا الجميل.
ولم يفكر أحدنا أبداً أنه من الأفضل له أن يتوارى حتى لا يخسر حياته، وهو يؤدي عمله الإعلامي، فلقد استشهد عدد من الزملاء وهم في مكاتب القناة الإخبارية السورية بسبب هجمة إرهابية عليهم واستشهد آخرون في أرض المعركة كالجنود تماماً، واستشهد أحد الزملاء على باب الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، بقذيفة هاون من الإرهابيين الذين كانوا في غوطة دمشق آنذاك.
وإذا كانت حياة الإنسان لا تقدر بثمن، فإن هناك أدواراً ثمينة بناءة يضطلع الصحفيون بها، على جبهة الروح الوطنية الإيجابية، النقيضة للروح السلبية المعبر عنها بـ«ما دخلني وما بعرف وفخار يكسر بعضه».
بهذه الروح الإيجابية البناءة يقبل الصحفيون بحماسة على الإخبار والإيضاح وسرد الهموم والصعاب والمشاكل وانتقاد الأخطاء في الأداء العام والفردي، إقبال يجسد أروع وأبهى مظاهر الروح الإيجابية التي تبني وتطور وتسهم في التقدم.
وإذ ننتقل من المجرد إلى المحسوس نجد أن حياة الإنسان المعاصر محكومة بالأداء الإعلامي النشط والموثوق، على كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إذ لم يعد ممكناً اليوم أن نحيا دون التواصل الدائم مع وسيلة إعلامية واحدة على الأقل لنعرف ماذا يدور حولنا وما المطلوب منا.
وبما أن امتياز الإنسان الكلمة، فإنها عندما تكون محضونة بأداء صحفي ملتزم، بقيم أخلاقية ووطنية، تلعب دوراً بنّاء في التغيير نحو الأفضل.
صحيح أن هذا الدور بطيء، وهنا تكمن أهم مشكلة في حياة الصحفي أو الصحيفة أو أي وسيلة إعلامية أخرى، لكنه السبيل إلى التقدم، علماً أن الهدم سريع جداً، يتم في لحظات، وثمة كلام هدام، يدمر بسرعة مذهلة، نفوساً أو بنى مادية.
توهجت هذه القيم والمبادئ، في حفل تكريم الصحفيين، في مكتبة الأسد بدمشق يوم 13_ 8_ 2024، وكانت باكورته لهذا العام 50 صحفياً وصحفية من جيل الرواد، على أن يتم تكريم دفعات أخرى في الأشهر القادمة من هذا العام، بعد تبني اتحاد الصحفيين ثقافة التكريم «في أعقاب موافقة مجلس الوزراء على المساهمة المالية في تكاليف التكريم ليوم 13آب والتكريمات القادمة، وتقديمه منحة مالية أيضاً دعماً لاتحاد الصحفيين وذلك استناداً إلى كلمة للأستاذ موسى عبد النور رئيس اتحاد الصحفيين في حفل التكريم»، وقد أحسن الاتحاد صنعاً في تبنيه ثقافة التكريم، إذ حظي المكرمون بحفاوة شعبية بالغة، ما يؤكد أن التكريم ضرورة إنسانية.
ولعل جزءا مهماً من تلك الحفاوة قد نهل من قيام رئيس مجلس الوزراء ورئيس اتحاد الصحفيين ووزيري الخارجية والإعلام وعضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام والمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، بتسليم شهادات التقدير للمكرمين، ومديرة التسويق في شركة إيماتيل بتقديم المنحة المالية، هنا وجدنا ترابطاً بين المعنوي والمادي، مع الهيبة والمصداقية، فكان الحدث كبيراً ومبهجاً جداً، إذ جرى وسط تنظيم دقيق، ولعب الفيلم الوثائقي عن تاريخ اتحاد الصحفيين وعيد الصحفيين دوراً مفيداً ومبهجاً في نفوس وعقول جمهور الحفل، «بطاقة شكر للزميلة كوثر أبو عساف وفريق عملها».
إن الهيبة والمصداقية أساسان صلبان لبناء شامخ، رأينا ذلك في الحفل البهيج وفي الحفاوة الشعبية الكبيرة للمكرمين، ولكانتا أمام درس جديد مهم، ومن الحكمة أن نستفيد منه، ليس في الإعلام وحسب بل في كل مجالات الحياة.
احضنوا أي أداء أو منجز بالهيبة والمصداقية وأنتم الرابحون.