سامر إسماعيل.. بين الفن التشكيلي والكتابة الإبداعية
| مايا حمادة
يجمع الفنان التشكيلي «سامر إسماعيل» بين الرسم والنقد موازناً بين التجربتين بمعنى ألا يكون الهاجس الثقافي والفكري على حساب الهاجس البصري، معتبراً أن الكتابة في مجال الفن تساعد في إغناء التجربة التشكيلية للفنان وتعطي بعداً آخر للوحته عبر اطلاع الناقد على تطور الفن وقيمته وتاريخه وما طرأ عليه من تبدلات في الشكل البصري.
الفن ليس قراراً
ينشغل الفنان «سامر إسماعيل» في أعماله الفنية عموماً بالتركيز فيها على التجربة الإنسانية ما يسودها من انفعالات بكل تجلياتها، مشيراً إلى أنه يعمل على خلق الحوار الداخلي بين المرأة والرجل ويجسده بنوع من التأمل والوجود والانتظار، ويقول: «إن الاختيار الفني لم يكن يوماً قراري لأن الهواية والطاقة الإبداعية تولد مع الإنسان من خلال الفطرة بالبداية ثم بالتعلم الأكاديمي، وبالتالي الفن التشكيلي هو اختيار طبيعي ووسيلة للتعبير عن الفني البصري، وبهذا الإطار عملت على تأسيس مشروع فني يتمحور حول الإنسان ضمن مرحلة معينة (الشخوص الإنسانية) ومن ثم أنسنة الأشياء، فمنذ أشهر تقريباً حاولت أثناء إحياء أحد المعارض الفنية تبيان الوضع الإنساني في (ذاكرة الطاولة) التي أصابها التشظي والتشرذم بعد الحرب القاسية التي طالت سورية، وكانت التجربة حول إظهار كل تجليات الطاولة وحالاتها المختلفة واعتبرتها أداة تعبير عن المجتمع كانت تجمع الحميمية بين الناس سابقاً، في حين تعمل اليوم على تباعدهم وتفرقتهم بتغير المفاهيم الإنسانية».
إسهاماته في الكتابة
يجد الفنان «سامر» لكل من الرسم أو الكتابة أن لهما وسيلة تعبير خاصة تختلف عن الأخرى إلا أن المجالين قريبان منه كثيراً في التعبير عن هواجسه وأفكاره، إذ يلاقي بعض الصعوبات هذه الأيام ما يخص الكتابة والنشر في بعض المواقع الإلكترونية العربية، مبيناً أن ظروف الفن التشكيلي كانت متجهة نحو الازدهار والتطور لولا سنوات الحرب وتبعاتها المؤثرة بشكل عميق على النشاط الفني في هذه الأوقات، كما يقول إن أي حالة ثقافية أو مشروع فني يحتاج لمؤسسات ثقافية داعمة ومتابعة سواء في مجال البحث التشكيلي أم بالكتابة الفنية، وباعتباره مولعاً بالرسم لم يمنعنه ذلك عن دخوله مجال الكتابة حيث قدم أربعة كتب اثنان منها في مجال الأدب (مجموعة قصصية ومجموعة نثرية) واثنان عن الفن وهما (تأملات في الصورة والحداثة التشكيلية)، كما اشتغل نحو الـ300 مقال وبحث فني حول ظواهر الفن وعلم الجمال وفي الحداثة التشكيلية وتطورها، وحالياً ينشغل في الكتابة والبحث في تاريخ الجسد بصرياً وبحسب قوله هو موضوع يتطلب الكثير من الوقت والجهد إضافة إلى اهتمامه بموضوع الثقافة السريانية فيما يخص الأيقونة تحديداً.
أهم مشاركاته وأعماله
أما عن الرسم فهو بالنسبة لي فعل مستمر وحالة ثابتة يتابع حديثه الفنان «سامر إسماعيل» ويضيف: «تقنياً مادتي الأساسية الألوان الزيتية أستخدم معها الكولاج وأستخدم أيضاً كل ما يخدم العمل الفني، كما أشتغل بالأحبار الملونة أعمالاً أقرب للغرافيك في تكنيك خاص من خلال مزج مواد قوامها زيتي ومائي بآن معاً، من جانب آخر أعمل على تحضير عدة مشاريع فنية تتضمن التنسيق الفني في مهرجان الدلبة مشتى الحلو، حيث يعد أحد أهم الفعاليات الفنية السورية، تأسس بدعم من المجتمع الأهلي والمؤسساتي، حيث نحتفي هذا العام في الثقافة السريانية من خلال الموسيقا والتشكيل الفني والنحت وبمشاركة نخبة من الفنانين السوريين، كما تتضمن مشاركاتي في أنشطة أخرى حيث شاركت بمعرض اللوحة الصغيرة منذ أشهر إضافة إلى مشاركتي بمعرض مشترك مع فنانين مصريين بالبحرين».
العالم في مرسمه
يتحدث عن الفنان «إسماعيل» الفنان والناقد «عمار حسن» قائلاً: «ليس بحثاً تشكيلياً جاداً وحسب، بل بحث عن وجود يعكس رؤية وعالم سامر إسماعيل، هذا العالم المتفجر بإيقاع نغمي مضبوط ومتوازن، ومتعدد الأبعاد والمناظير، هذا العالم هو مرسم سامر هذا الفضاء الثنائي البعد والثلاثي الأبعاد، حيث يختلط الزمن والمنظور والرغبة في الانعتاق والتحرر، ثم لا تكون إلا السكينة رغم التفجر والانكسار الداخلي وكأنه يتطهر من ذاته لتكون اللوحة بهذا الانوجاد الذي يوشك أن يكون سريالياً، إلا أنه يبقى واقعياً تعبيرياً لمصفوفات يومية حياتية تنظم في أنساق بصرية لتشكل حياة موازية لعالم مضطرب وقلق، وما بين العاصفة في الخارج وترويضها على مسطح اللوحة يكون النغم، وهنا تكمن فنية هذا العرض الذي وصل إليه الفنان «سامر إسماعيل».