حفاوة سورية بالوافدين اللبنانيين
| ميشيل خياط
جسد السوريون قيادة سياسية وحكومة وشعباً المثل المعروف: الصديق عند الضيق.
وتنفيذاً للتوجيهات النبيلة للسيد الرئيس بشار الأسد إلى الحكومة الجديدة وجاء فيها: «العنوان الأساس لعمل الحكومة الجديدة في الساعات الأولى لها، وقبل كل العناوين هو كيف يمكن أن نقف مع أشقائنا في لبنان بكل المجالات وبكل القطاعات ومن دون تردد ومن دون استثناء»، انطلق عدد من الوزراء إلى المنافذ الحدودية لتسهيل إجراءات القدوم، وأرسلت بعض باصات النقل العام لنقل الوافدين إلى الأماكن التي يرغبون في التوجه إليها، ووضعت سيارات الإسعاف لنقل من يحتاجونها إلى المشافي السورية القريبة والبعيدة، بعد توجيهها أن تقدم خدماتها مجاناً لمن انتكبوا بالاعتداءات الصهيونية الوحشية مؤخراً على جنوب لبنان، فقدوا بعض أفراد عائلاتهم، ودمرت بيوتهم وحرقت مزارعهم، «خلال أربعة أيام من العدوان على جنوب لبنان وحتى الخميس 26_9، قتل العدو الإسرائيلي 1540 مواطناً لبنانياً وجرح 5420 طفلاً وامرأة ورجلاً». حسب هيئة الطوارئ اللبنانية.
وقدّر منسق خطة الطوارئ في الحكومة اللبنانية عدد النازحين من جنوب لبنان والبقاع بـ150 ألفاً.
وأرسلت وزارة الصحة السورية شحنة أدوية ومواد ومستلزمات طبية إلى لبنان بوزن عشرين طناً كدفعة أولى، وفتح نقيب أطباء سورية سجلاً للأطباء السوريين من مختلف الاختصاصات الراغبين في العمل التطوعي في المشافي اللبناني لمساعدة العاملين فيها على الأداء في ظروف الحرب الآخذة في الاتساع.
وكان لافتاً الاحتضان الشعبي السوري المذهل لهؤلاء الوافدين، إذ نشرت مؤسسات أهلية وجمعيات خيرية وفعاليات اقتصادية وأصحاب فنادق ومطاعم إلى جانب بعض الأشخاص العاديين، إعلانات على الفيس بوك، عن توافر بيوت وغرف للإقامة المجانية مع الطعام في أغلب المدن والأرياف السورية للأشقاء الوافدين من لبنان، ونشرت مع تلك الإعلانات أرقام الهواتف التي يمكن الاتصال بها لتسهيل الوصول إلى تلك البيوت «وصلت أجرة الشقة في بيروت إلى 1500 دولار في الشهر وبشروط مجحفة»، في وقت صدرت فيه التعليمات من المحافظين في المحافظات السورية القريبة، بفتح أبواب مقرات الإقامة المكرسة للطوارئ، لاستقبال الأشقاء اللبنانيين وتجهيزها بالمستلزمات الضرورية لحياة كريمة.
وما من شك في أن هذا الاحتضان النبيل، عمل إنساني من أعمال الإخوة العربية التي التزمت بها سورية على امتداد تاريخها الحديث، وهو في الوقت ذاته، مشاركة عملية في دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ومساهمة فعالة وملموسة في تقليص إضرار التوحش الإسرائيلي الذي تجاوز الجنون، والأعمال النازية وجرائم الإبادة الجماعية، «الجينوسيد».
فلقد قتل هذا العدو الإسرائيلي منذ الثامن من تشرين الأول عام 2023 وحتى الآن أي خلال ما يقرب من سنة «أكثر من 41300 فلسطيني في غزة، وجرح ما يقرب من 95550 مدنياً»، ودمر أغلب بيوت ومنشآت ومؤسسات ذاك القطاع الفلسطيني متجاوزاً كل أعراف الانتقام، من طوفان الأقصى على مدى التاريخ البشري…!!
ويروي خبير أجنبي في جريدة عالمية، أن «الإسرائيليين» أسقطوا على قطاع غزة في الثمانية أشهر الأولى من حربهم عليه، أكثر مما سقط من قنابل خلال ست سنوات من عمر الحرب العالمية الثانية، على لندن عاصمة بريطانيا ودرسدن وهامبورغ «وهما مدينتان في ألمانيا».
وثمة من أشار إلى أن ما تعرضت له غزة من غارات للطيران الحربي الإسرائيلي ومن صواريخ وقذائف يفوق في حجمه التدميري ثلاث قنابل ذرية مثل تلك التي ألقيت على هيروشيما.
وفي هجومه الموسع الأخير على جنوب لبنان، راح يسقط يومياً حسب أحد الخبراء العسكريين اللبنانيين: 1500 قنبلة…! ويوماً إثر يوم يعمق جرائمه باستهداف المدنيين ولاسيما في الضاحية الجنوبية من بيروت، إذ وصل فيه الإجرام الوحشي أن يقصف ويدمر مساء يوم الجمعة الماضي، مجمعاً سكنياً مؤلفاً من ست بنايات بقنابل تزن كل واحدة 2000 كيلوغرام لقتل أكبر عدد من المواطنين اللبنانيين.!
ولعل تلك المعطيات تضيء أهمية الاحتضان السوري للوافدين اللبنانيين الأشقاء، أنه دعم مادي ومعنوي للمقاومة البطلة في جنوب لبنان المساندة لجبهة غزة، في تصديها للتوحش الإسرائيلي الجنوني، ومساهمة فائقة الأهمية في الشد من أزرها.