قضايا وآراء

ازدياد مظاهر اليأس في الكيان ومن نتنياهو

| تحسين حلبي

إذا كان الكيان الإسرائيلي يحاول إخفاء خسائره البشرية ومظاهر هزيمته النفسية والمعنوية وازدياد مشاكله بعد عملية طوفان الأقصى خلال ثلاثة عشر شهراً، فإن عدداً من الكتاب والمعلقين الصحفيين الإسرائيليين بدؤوا يكشفون الصورة المعاكسة والمناقضة لما اعتاد رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو على سرده من مزاعم تحقيق النصر لتغطية الصورة الحقيقية للكيان الإسرائيلي، ففي المجلة شبه الفكرية الإسرائيلية «زمان إسرائيل» نشرت الكاتبة بئير لي شاحار مقالاً أول أمس الثلاثاء تحت عنوان: «لن نسامح أنفسنا على تفضيل احتلال الأرض بدلاً من المحافظة على حياة الفرد اليهودي»، تخاطب فيه القيادة الإسرائيلية قائلة: «سيأتي يوم تلف أجساد بعضكم أكياساً سوداء، وبعض آخر يحيا فيما بقي له من روح بعد إصابته، أما نحن فسنجد أنفسنا نحمل ندوباً نازفة مع وصمة عار لا تمحى في تاريخ الشعب اليهودي ولن يسامحنا أحد لأن الحكومة فضلت التمسك بأرض تحتلها بدلاً من إنقاذ يهود من الموت».

وتضيف شاحار: «لم نكن نتصور أن تحل علينا كارثة كهذه، أو أن نرى كيف خطف البعض كل الدولة، وهي تبكي عاجزة تحت قيادة مجرمة أخفقت في حمايتنا، لقد أخطأنا وأهملنا وقصرنا وها هي النتيجة السيئة».

في المجلة نفسها ويوم الإثنين الماضي، قررت ايلانا دايان، وهي أهم محققة صحفية في مسائل إستراتيجية في القنوات العبرية، إلقاء كلمة أمام معهد وايزمان طرحت فيها أسئلة حساسة على قيادة الجيش والحكومة ومنها: «لماذا لم تتشكل لجنة تحقيق فيما جرى»؟ وقالت: إن عدم وجود لجنة تحقيق يعد سابقة خطيرة»، لأن جميع الإخفاقات والانتكاسات في حروب إسرائيل شكلت لها لجنة تحقيق رسمية، وقالت: إن الخسائر البشرية بلغت في صفوف الجيش وبين المستوطنين حجماً يستدعي فوراً تشكيل لجنة تحقيق، وإن الخسائر المالية الناتجة عن انهيار الاقتصاد بشكل غير مسبوق، تفرض على الحكومة إيقاف الأموال التي تمنحها للأحزاب الدينية السلفية اليهودية مقابل تأييدها للحكومة في البرلمان، على الرغم من أن هذه الأحزاب تمتنع عن إرسال أعضائها إلى الخدمة الإلزامية العسكرية بموافقة الحكومة. وقامت دايان بتحريض الحضور في معهد وايزمان، وأمام جمهور إسرائيلي كبير قائلة: «كيف نصمت على هذه الحكومة ولا نمنعها عن الاستمرار بهذه الكارثة المدمرة علينا؟ كيف لا يقوم كل الحضور في معهد وايزمان بالتحرك ضد هذه السلطات»؟ وشنت حملة على الوزيرين ايتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش مطالبة بمنعهما عن تنفيذ ما يعلنون من سياسات خيالية، وكشفت أن «معظم الجمهور الإسرائيلي يعاني من صدمة نفسية وأول المهام هي إنقاذه من هذا الوضع النفسي الذي يستبد به طوال أربعة عشر شهراً»، وانتقدت سكوت المستوطنين على كل ما تقوم به الحكومة من سياسات لا تنقذ حياتهم بل تزيد أعباءهم.

صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نشرت من جهتها الإثنين الماضي تحليلاً لأحد مديري الاستثمارات الإسرائيلية ويدعى تسيفي تسيتبيك، طالب فيه بأن يقدم نتنياهو استقالته لأنه المسؤول الأول عن كل ما حملته عملية «طوفان الأقصى» حتى الآن من كوارث على إسرائيل وخاصة لأنه يتحمل تقصيراً حين جرى إبلاغه بما وقع في السابع من تشرين الأول العام الماضي ولم يستطع اتخاذ القرارات بالشكل الفاعل مع القيادة العسكرية، وقال تسيتبيك: «إن نتنياهو لا يرغب بتقديم استقالته لأن ذلك يعني أن يدين نفسه في التقصير والمسؤولية عن الكارثة التي حلت بإسرائيل»، وبالمقابل يؤكد معظم المحللين في الكيان الإسرائيلي بأن نتنياهو يقود حرباً لم يعد لها ضرورة لو وافق على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدين لإيقاف النار، وهو يعرف أن الاستمرار بالحرب هو الضمانة لبقائه رئيساً للحكومة ونجاته من مسؤولية الهزيمة، وبالإضافة إلى ذلك لم يسبق لرئيس حكومة إسرائيلية أن قاد حرباً أمام جمهور من المستوطنين بلغت نسبة من لا يريد بقاءه بهذا المنصب 72 بالمئة بموجب استطلاعات الرأي، وهذا يدل على أن مظاهر هزيمة الكيان تتضح كثيراً من أزماته الداخلية، وخاصة في موضوع عدم الثقة بقياداته العسكرية والسياسية، لكن نتنياهو يحافظ على بقائه بهذا المنصب لأنه يرشو الأحزاب المشاركة في حكومته لكي يضمن استمرار تأييدها لبقائه، ولذلك لديه في البرلمان أغلبية من 68 عضواً من 120 ولا يسقطه من الحكومة إلا البرلمان إذا حجب بعض الأحزاب من داخل حكومته الثقة عنه، وهذا ما يجعله يراهن على الاستمرار بالحرب من دون أن إسقاطه من أغلبية المستوطنين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن