لم نُخلق لنتألم.. وجدنا لنتعلم ونتأقلم
| هبة الله الغلاييني
كثيراً ما يتبادر هذا السؤال إلى الأذهان، هل خلقنا الله سبحانه وتعالى كي نتألم؟؟!!
كم نحن مخطئون حين نعتقد أن الألم هو شريك حياتنا، فالموت والمرض والفقر والفقد والإحباط وخيبة الأمل- نراها في كل زاوية من زوايا الحياة.
وكم نكون مخطئين حين نظن أن الدنيا حظوظ، وأن الاستسلام لفكرة أن الحياة بطبيعتها مؤلمة وظالمة هو الحل الأفضل للاستمرار حتى نهاية الأجل.
يبدأ الدكتور في الصحة النفسية (حسن المزين) كتابه، بالحديث عن أهم شيء في الحياة وهو الأسرة، والحياة الزوجية الناجحة فيقول:
إن التحدي الأكبر في حياتنا أننا لابد أن نعرف كيف نتعامل مع الحياة الزوجية بطريقة مختلفة عما عهدناه من قبل، بمعنى أننا لا بد أن نعلم حقاً أن الحياة الزوجية ليست حباً مطلقاً، وليست سيطرة مطلقة، فالحياة الزوجية لا تتخذ شكلاً واحداً لا بد أن تسير عليه.
لا بد أن تسأل نفسك سؤالاً: هل أعلم حقاً السبب الحقيقي للزواج؟ ولا بد أن تكون الإجابة صريحة للغاية، فالزواج هو الطريقة الشرعية لضرورة البقاء والاستمرار.
لكننا عندما نتخذ هذه الخطوة، تكون هناك أمور كثيرة غائبة عن أذهاننا، ولا نعرف حقيقة الزواج ولا السبب الحقيقي لتلك العلاقة، وحينئذ يكون من ضمن الأسباب:
– الضغط المجتمعي الذي نراه في حياتنا اليومية، كأن يقال للفتاة: لا بد أن تتزوجي لأنك كبرت في السن، وليس معقولاً أن تعيشي عمرك كله وحدك وبلا شريك…
– إن الزواج هو الطريقة الوحيدة الشرعية والمقبولة من المجتمع للحصول على إشباع الرغبة الجنسية.
كل هذه الضغوط تجعل الإنسان يلجأ إلى الزواج من دون تفكير عميق في الأمر، والمعظم من المتزوجين لا يفهم نفسه ولا يعلم رغباته الشخصية، وبالتالي يعيش مع شريك من دون أن يفهم بعضهما الآخر طبعاً، لأنه في البداية لم يفهم نفسه بنفسه، فهل سيفهمه غيره؟
فلا بد من وجود التمازج الجيد بين كلا الطرفين، هذا التمازج الذي يساعد على التفاهم والرضا، فنحن بشر ولسنا كاملين أو معصومين، ودائماً نبحث عما ينقصنا في الآخرين.
ويتمثل ذلك في امرأة تحتاج إلى رجل يشعرها بالأمان، فهذا احتياج نفسي، وكذلك فالرجل بحاجة إلى امرأة تشعره برجولته، فحينما يبحث الإنسان عن الزواج فهو يبحث عن إشباع لحاجة نفسية تكمن في داخله، فإذا لم يكن واعياً بشكل كامل بهذا الاحتياج، تتوالى من هنا المشاكل.
ومما جاء في هذا الكتاب: «لا يوجد شر مطلق، ولا خير مطلق، فكل منا فيه الخير وفيه الشر، لكن بدرجات متفاوتة؛ لذلك فحينما نتعامل مع إنسان على أنه مقدس أو معصوم، فإن الإحباط سيصيبنا؛ لأننا تفهمنا أنه لن يخطئ أبداً، وكذلك حينما نتعامل مع إنسان على أنه شيطان، فإننا سنعاني في حياتنا كثيراً، لأننا وضعنا في أذهاننا صوراً وهمية عمن حولنا، ومنهم شريك الحياة، وبالتالي حين يرى هذه المعاملة فإنه يبدأ بالعناد أكثر وأكثر، فيتعامل بشكل أوقح وبشكل أقسى وأبرد.
وحول المرأة يقول الكاتب: لم يحترم أحد المرأة كما احترمتها الأديان وقدرتها وأعطتها حقها، ولم تفرق بينها وبين الرجل، وهذه المساواة لا تعني إشارة يساوي (=) بل هي احترام لحقوق المرأة، وهي الأشياء التي تلزم للإحساس بكينونتها.
لذا فإن المرأة حينما تشعر بضياع حقوقها، فإنها تحاول جاهدة أن تصير مثل الرجل، وبالتالي تقل نسبة طاقة الأنوثة لديها، وترتفع طاقة الذكورة، وللأسف حتى وإن حصلت على حقوقها بهذه الطريقة فإنها في وقت معين تشعر بالتأثير السلبي في كيانها وكينونتها؛ لأنها لم تخلق لتكون رجلاً، بل لتكون أنثى.