خيانة العقل
| عبد الفتاح العوض
علماء النفس يطلقون تعبيراً جميلاً «الشجاعة الأخلاقية» في تعريفها يقولون: التمسك بالمبادئ والقيم بمواجهة الضغط الاجتماعي، فيما يقولون إن الشجاعة النفسية هي القدرة على مواجهة العواطف السلبية، وفي كل الحالات فإن ذلك يحتاج إلى قوة داخلية.
هذه المقدمة للحديث عن النخبة التي خانت مبادئها وأفكارها ولبست لبوس من يطعمها، ومن يحتويها، ومن يأمرها.
بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى فئة الكتاب والأدباء والإعلاميين خلال هذه الأيام لا يكفرون فقط أوطانهم بل يكفرون بأفكارهم وأنفسهم.
فكيف يمكن أن تكون مع جماعات متطرفة تنظيمياً وفكرياً وأنت الليبرالي أو اليساري أو القومي أو العلماني ثم تتحول إلى نموذج مختلف عنك ومختلف عن ثقافتك وعما تعلنه وتنحاز بشكل مباشر ووقح لهذه الجهات المتطرفة والتي لها تاريخ مع الدم، وسلوكها سلوك يتنافى كلياً مع أي مبدأ إنساني، والسبب أنك تساندها وتقف معها ألا لأنها تحارب من تحاربه أنت.
أريد أن أتحدث هنا عن الشجاعة الأخلاقية والتي اعتبرها أفلاطون أحد الفضائل الأربع الرئيسية فهي تقف إلى جانب الحكمة والعدالة والاعتدال حتى إن مفهوم الشجاعة لا يظهر إلا في الأوقات الصعبة وحسب فإن الشجاعة تنبع من القدرة على مواجهة المخاوف الداخلية.
وثمة من يقول من علماء النفس وهم أصحاب نظرية السلوك إن الشجاعة يمكن تعلمها.
ربما لم تستطيعوا أن تأخذوا دروساً في الشجاعة وإبداء الرأي المعتدل والعادل والقائم على الاعتراف بأن الجهة التي يحركها الخارج أياً كان ليست إلا خيانة وطنية.
حقيقة أننا لم نتعلم من دروس الماضي وخلال كل السنوات السابقة التي عاشت فيها سورية، فإن ما حدث كان يجب أن يعطينا دروساً عميقة حول الوطن وحمايته.
المشكلة أنه خلال السنوات الصعبة والتي عادة تكون أكبر مدرسة يمكن أن يتعلم منها الناس لم نستطع أن نتعامل معها على أنها تجربة عميقة وخبرة في مواجهة هذه الأحداث.
حتى الأكاذيب التي يتم ترويجها كأنها أكاذيب «مستعملة» تم استعارتها من بالة 2011 تم ترويجها في السابق، والآن تعاد نفس العبارات ربما بلهجة مختلفة لكن هي ذاتها التي اعتدنا عليها منذ 2011.
لماذا لم نتعلم؟ لماذا لم يدرك السوريون أن المسألة التي تتعلق بالوطن لها قدسية خاصة ولا يمكن لأي شخص مهما كان أن يخرج وطنه من قلبه ومن عقله إلا إذا كان معتوهاً.
كيف لم يدرك السوريون أن القصة علاقات دول تتصارع وأنه من العار أن تكون ضد وطنك وأن تنفذ ببهجة عارمة أجندة ضد نفسك مثلما هي ضد وطنك.
متى ندرك أن القصة ليست مباراة كرة قدم تشجع نادي إيران أو نادي تركيا ولا مباراة كرة قدم بين ناديي روسيا وأميركا.. المسألة موقف مبدئي ووطني وإنساني وأخلاقي وعقلي بين أن تكون مع وطنك أم لا.!!!
متى يدرك السوريون أن السلاح ليس إلا إعلان مزيد من الضغط للحصول على تنازلات إضافية ليس لمصلحة الشعوب التي لا تهمهم أصلاً مصالحهم بل تنازلات لمصلحة إسرائيل ودول أخرى،
لماذا لم نتعلم هذا هو السؤال المر !
أقوال :
• تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل القدرة على التغلب عليه».
• «الشجاعة هي عدم الخوف من الموت، بل مواجهة الحياة بشجاعة».
• «الخيانة الأصلية هي خيانة المبادئ».
• «أكثر ما يثير الألم هو الخيانة، وليس السقوط، بل خيانة المبادئ التي صعدنا بها».
• خيانة المبادئ أحياناً تكون أقسى من خيانة الأشخاص».
• خيانة المبادئ تقود إلى انهيار الروح».
• «أسوأ الخيانات هي خيانة القيم التي كنا ندافع عنها».