أخطاء البعث بحق البعث!!
| عبد الفتاح العوض
ذات صفٍّ وزَّع الموجه أوراق الانتساب لحزب البعث، ومذّاك التاريخ أصبح كل منا في الشعبة حزبياً.. أي بعثياً..
أيضاً في كل صباح كان شعار «أمة عربية واحدة» قادراً على بث روح ما في داخلك ولأنك أصغر من أن تعرفها، كنت تشعر بها وكفى.
في أوراق التقديم للجامعة وللمدينة الجامعية رافقتنا إلى جانب كلمة «ترعرعت» فقرة عن الأحزاب التي انتميت إليها، وكان الجواب دوماً حزب البعث العربي الاشتراكي.
الآن.. والحزب قد أكمل 53 عاماً من عمر تسلمه للسلطة أين أصبحت شعاراته، وأين وصل بمبادئه؟
لعل شعار «أمة عربية واحدة» يمرّ الآن بأسوأ مراحله، فلا يمكن أبداً الحديث عن «أمة عربية واحدة» بعد أن صار في كل دولة عربية أكثر من «أمة»!! وأكثر من ولد عاق لأمة ما!!
الآن ثمة من يكفر بالعروبة جملة وتفصيلاً وليس من سلوك يلوح بالأفق يمكن أن يعيد الإيمان إلى روح الكثير من العرب أنفسهم!
ورغم القناعة الأكيدة أنه لا يمكن التنكر للعروبة، فهي ليست «قميصاً نخلعه» إلا أن المشاعر الحالية على الأقل ليست في مصلحة شعار البعث.
من الأشياء التي لم يستغلها حزب البعث أنه من خلال مبادئه وشعاراته كان بإمكانه أن يجمع معظم العرب.. فالأفكار التي لم تستطع أن تجذب العرب هي الشيوعية لأنها مرتبطة بالإلحاد.. وكذلك فإن الأحزاب الدينية تتعامل مع الحياة كما لو أنها دورة تدريبية لحياة ما بعد الموت.
بينما كان البعث يجمع اليسار مع التعامل العاقل مع الأديان هذا على الأقل فكرياً، إضافة إلى هذه الأزمات العاصفة التي أدت إلى انحسار الفكر القومي فإن تسلم السلطة أبعد الحزب من كونه فكراً إلى مجرد أداة سلطة، ولم يطور نفسه كحزب فكري قابل للتطور والتأقلم، حتى إن المنطلقات النظرية لحزب البعث ما زالت منذ نهاية الستينيات على ما هي عليه.
ومن الفرص الضائعة لتطور الحزب ما جرى بعد عام 2005 «المؤتمر القطري العاشر» حيث كان من المفترض أن نشهد ثورة جديدة في عقلية البعث، لكن الشيء الذي حدث أن الأمور بقيت على ما هي عليه.
الآن ونحن نتحدث عن انتخابات لمجلس الشعب فإن أكثر ما يثير الانتباه أن حزب البعث لم يحمل في داخله ما يقدم الأفضل ليكون ممثله لدى الناس.
الاختيار قائم على الولاء والمعارف وغير ذلك من قضايا يرفضها حزب البعث فكراً ويقبلها سلوكاً.
وكان من الممكن أن يكون «ديمقراطياً» داخلياً بحيث يجري انتخابات داخلية رغم ما قد يشوبها من القبلية والمناطقية، لكن تكرار التجربة قادر على تحسين الحال.
إن انتخابات ديمقراطية داخلية في حزب البعث قادرة على إيصال الأقرب إلى الناس وليس الأقرب إلى المسؤولين.
الآن وقد جرى ما جرى فلا شيء يوحي بأننا أمام تغيير يذكر في أكبر حزب في سورية.
ولعلنا الآن أمام إحدى الفرص النادرة التي يمكن لحزب البعث أن يقدم بنفسه وعن نفسه مراجعة صادقة تتيح له إمكانية استخدام اسمه في بعث حياة جديدة لفكره وممارسته.
أخيراً إن ما قدمته هنا لا يلغي مزايا خاصة بحزب البعث قدمها على مدار سنوات طويلة أبرزها الانحياز للفقراء.
أقوال:
•• التجديد هو ما يميز القائد عمن يتبعه.
•• إذا كنت تبحث عن فكرة مبتكرة، فاذهب لتتمشى، فالإلهام ينزل على الأشخاص الذين يمشون.