ويبقى التاريخ الوهم الأخير
| د. علي القيّم
لننفض الغبار عن جدران الوطن
لنفرش التراب بالورد والياسمين
حان الوقت لنقول كفى..
حان الوقت لنكسر تماثيل الحرب
لنغرس على أطلالها النايات والأعواد
كفى دماراً وقتلاً وإرهاباً
حان الوقت لنقول للأرض كوني شعراً
حتى نغنّي جميعاً أناشيد المحبة والسلام
ونتعانق بالقلب واليد والعقل والوجدان
حان الوقت لنحتفي بالجمال بعيداً عن أضغاث الأوهام
يا أدباء الوطن
ضعوا سورية في أعماقكم.. في كتاباتكم
في عشقكم، فيكم تسمو الكلمة
وترتفع الرايات
أيها الأدباء
كسروا تماثيل الحرب أينما كانت..
في زمن «الربيع العربي»
اشتقنا إلى نسمة العليل في البريّة
أصبحنا أهل كهف، لا نرى سوى ظلالنا
ماذا يفعل المحاصرون غير أن يناموا في صمتهم وقهرهم
الإرهاب حولنا من كل حدب وصوب
ريح الصحراء في الأرض الغبراء
همس الصدى يدور في الزوايا
أين يمضي الغريق
لقد مات قبل أن يموت
السماء أصبحت تمطر غباراً
اليأس ملأ حلوق الأبرياء لقد رأينا البرق ممتزجاً بسحب أسمنها الدم والدمع
لقد مشينا على العلّيق والشوك والعوسج
لقد سمعنا آلات بربرية تعزف أناشيد الموت والدمار
فكل ما كان حيّاً أمسى ميتاً
لقد كتب «الربيع» يوميات حرب مجنونة
الخفافيش أصبحت تدل ثعالب الصحراء على الطريق
حيوانات الليل أنتجت وحوشاً
الشر طرق الباب والقتلة عبروا الحدود
العالم هيّأ لهم أسباب الموت
القتلة لا يتوقفون عند الجسد
إنهم يصوبون إلى نعيمنا السالف
الحريق يتحرّك في جميع الاتجاهات
طبقات الجحيم تلائم بعضها ويبقى التاريخ الوهم الأخير
دمشق أنت الوعد والحلم
دمشق أنت القوة القادرة
أنت البهيّة والحرية والعزيمة
والكرامة العربية
دمشق أنت الإيمان بأن الوطن أكبر
من الملوك والحكام.. أنت الدم في العروق
أنت اليقين والكبرياء
أنت موئل التاريخ
ومجد الحضارة
أنت الطاقة المتفجّرة في الرحم الخصب
أنت شعلة القداسة في هذا الزمن المدنّس
أنت موطن العز والمجد الذي به نفتخر
أنت موطن الطهر والخلود منك يذكر
أنت الحرّة التي ما انحنت للخصم هامتها
أنت الجمال إذا غنّت شمائله.