أكد في حوار مع «الوطن» أن سورية بوصلة التوازنات الإقليمية والدولية … الأمين العام للمنظمة الأوروبية للأمن: السعودية زوّدت المسلحين بمواد كيميائية وسنحاكمها .. البيروقراطية في سورية عرقلت تعاون المنظمة مع دمشق في محاربة الإرهاب
| سامر ضاحي
اعتبر الأمين العام للمنظمة الأوروبية للأمن والمعلومات السفير هيثم أبو سعيد أن سورية تشكل «البوصلة لكل ما يُبنى عليه من سياسات وتسوياتٍ إقليمية ودولية»، لافتاً إلى أن هذا الأمر وضعها في «هذا المأزق الأمني».
وفي حوار مع لـ«الوطن»، أكد أبو سعيد، أن منظمته تمتلك أدلة دامغة على تزويد السعودية لجبهة النصرة والمجموعات المسلحة الأخرى بغاز خانق «كلوريد السيانوجين» استعملته الأخيرة في خان طومان بريف حلب وأن المنظمة تنسق مع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات في فرنسا لرفع قضية ضدّ السعودية بسبب جرائمها في اليمن «سيتم فيها التوسع لجهة أن تشمل دولاً أخرى قامت السعودية بالتورط فيها مثل سورية»، في محاكم مثل المحكمة القضائية الدولية ITC والمحكمة الفيدرالية الأميركية ومحكمة العدل الدولية، بعيداً عن المحكمة «الجنائية الدولية المحكومة بتوازنات الدول الخمس، والحاضرة لإفشالها».
وبين أمين عام المنظمة «المعتمدة من حلف ناتو» والتي تتخذ من بيروت مقراً لها أن منظمته تتعاون مع الحكومة السورية «في إطار محاربة الإرهاب»، منتقداً «البيروقراطية في سورية التي تُبطئ العمل»، كاشفاً عن مساع مشتركة مع وزير العدل نجم الأحمد لرفع قضايا في محاكم دولية «لإعادة ما أمكن لأصحاب الحقوق المهدورة» في سورية. وفيما يلي نص الحوار الذي جرى عبر «فيسبوك»:
بداية سعادة السفير ما طبيعة علاقتكم بمنظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ولماذا أنتم موجودون في لبنان وليس أوروبا، انطلاقاً من اسم منظمتكم «الأوروبية للأمن والمعلومات»؟
إن الأمانة العامة للمنظمة الأوروبية للأمن والمعلومات قد اتخذت قراراً على مستوى المجلس التنفيذي لدى تعييني أميناً عاماً لها بأن يكون لبنان مقرّ الأمانة العامة وتم تصديق هذا الأمر لدى السلطات الإيطالية والأوروبية المعنية، على أن يتم تعيين شخص إيطالي كمساعد لنا من أجل تسهيل أمور إدارية بعد موافقتنا عليها، بغية إرسال كل ما يلزم من مستندات رسمية وتقارير صادرة عن مكتبنا الخاص إلى الأجهزة الخاصة للمتابعة.
هل أنتم جهة معتمدة لدى تلك المنظمات وكيف تتعاطى مع تقاريركم؟
المنظمة هي جهة معتمدة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ولها رقم خاص معتمد في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وكل ما يصدر عن المنظمة من تقارير يتم إرسالها للجهات المعنية من أجل المتابعة والنقاش في المسائل المفصلية والخطيرة وعلى رأسها المواضيع ذات الطابع الأمني.
كيف تتعاطون مع الأزمة السورية؟
نحن نتابع الشأن السوري منذ بداية انطلاقة الأحداث في 15 آذار 2011 وعندما كانت في بداياتها ونولي هذا الأمر اهتماماً دقيقاً لما لسورية من موقع إستراتيجي في الشرق الأوسط، ولسورية دور في توازنات الدول وتُعتبر البوصلة لكل ما يُبنى عليه من سياسات وتسوياتٍ إقليمية ودولية، ولعلّ هذا الأمر وضعها اليوم في هذا المأزق الأمني نتيجة عدم قدرة بعض الدول الإقليمية والدولية من السيطرة بشكل كبير على مفاصل التنمية الاقتصادية، وفي هذا السياق علينا أن نتذكر أن سورية في وقت سابق باتت مشكلة لمخطط اقتصادي دولي (إمداد أنابيب الغاز إلى تركيا ليتم تصديره إلى الغرب) ولم يستطيعوا أن يمرروا مخططاتهم. من هنا بدأ الصراع الحقيقي حيث اعتبرت دول الخليج أن سورية (التي تدور بفلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية) ليست تحت السيطرة لمزاج «الدول العربية».
تحدثتم مؤخراً عن تزويد السعودية لجبهة النصرة عبر الحدود الأردنية بمواد كيميائية استعملها «النصرة» في حلب عبر برنامج الدعم السعودي للجبهة من بلغاريا، ما هو هذا البرنامج؟ ولماذا بلغاريا بالذات؟
طبعاً، إن المملكة العربية السعودية التي أخذت على عاتقها علناً دعم مجموعات مسلحة وعلى رأسها جبهة النصرة الإرهابية تقوم بتزويد تلك الجبهة بسلاح من بلغاريا حيث تقوم طائرة بوينغ بشكل دوري وشهري بالإقلاع من مطار الرياض باتجاه صوفيا لتقوم بتحميل كل أنواع السلاح والذخيرة المطلوبة، حيث تُعتبر الأسلحة رخيصة الثمن في صوفيا نظراً للحالة الاقتصادية المتردية هناك، وتقوم من بعدها تلك الطائرات بالتوجه إلى الأردن بالتعاون مع الاستخبارات الأردنية لتأمين هذه الذخيرة عن طريق «تابوك» إلى الداخل السوري، وقد تم في أوقات سابقة رصد وجود سلاح كيميائي (مادة الكلورين) بيد ما يُسمّى «جيش الإسلام» المدعوم مباشرة من السعودية وقد استخدمه ضدّ الجيش السوري في خان العسل والغوطة الشرقية، وكان الناشطون التابعون لنا قد قاموا بما يلزم من رصد وتجميع للمستندات وإرسالها إلى الجهات الدولية المعنية، وقد وحصل تجاذب داخلي أممي نتيجة وقوف بعض الجهات مع هذه المجموعات في حسابات سياسية تناقض العمل الأممي، وفي 12 أيار استعملت تلك المجموعات المسلحة غازاً خانقاً (مادة «كلوريد السيانوجين») في خان طومان من أجل إبطاء زحف الجيش السوري باتجاه المناطق التي يوجدون فيها.
تحدثتم عن أدلة بهذا الخصوص ما نوعية هذه الأدلة وما درجة موثوقيتها؟
صحيح، إن كل تقاريرنا مستندة إلى أدلّة دامغة من خلال حالات واقعية مرضية إضافة إلى عينات تمّ أخذها بالتعاون مع جمعيات ذات صلة، وصور وفيديوهات خاصة وسرية تشير إلى المخطط الذي تمّ إعداده في هذا الإطار والمواقع التي يريدون استهدافها. ولكن للأسف فإن هذه الفيديوهات جاءت بعد تنفيذ مخططاتهم.
هل لديكم معلومات أخرى حول برامج دعم خارجية لجهات إرهابية داخل سورية؟
نعم لدينا معلومات ذات أهمية كبرى في هذا الشأن، ونحن نقوم بالتعاون مع الجهات الخاصة في سورية من أجل إيجاد أرضية تنسيق في إطار محاربة الإرهاب، إلا أن البيروقراطية في سورية تُبطئ العمل برغم وجود مساع جدية من بعض المسؤولين في الحكومة، إلا أن هذا يبقى غير كاف إذا ما أخذنا حجم الخطر الموجود.
هل تواصلتم مع منظمات أممية حول الأدلة التي بحوزتكم عن المواد الكيميائية وبالمقابل هل اتصلت بكم أي منظمة أو جهة حكومية بخصوصها؟
في سياق عملنا هناك تنسيق كامل مع المنظمات الدولية ذات الشأن المشترك وغير المشترك، وهناك تبادل للرسائل مع الجهات الأوروبية وتحديداً مع رئيسها والمسؤولة عن العلاقات الأمنية والخارجية، ونحن نتلقى عند الحاجة ونرسل في المقابل ما يدعو إلى التنسيق في المواضيع الحساسة والخطرة، وهناك ما يُؤخذ به و(أحياناً) نواجه بعض الصعوبات نتيجة التداخلات السياسية للدول الأعضاء، وأما لجهة الاتصالات مع الحكومة السورية فهي لم تنقطع، وهناك اتصالات جارية مع رسميين في الحكومة وعلى رأسهم وزير العدل السوري الدكتور نجم الأحمد الذي يسعى معنا لرفع قضايا في محاكم دولية محقة لإرجاع ما أمكن لأصحاب الحقوق المهدورة حقوقهم. كما أن هناك الضرر الذي لحق بالفرد السوري جراء انتهاكات فاضحة بحقّه، إن كان على المستوى الفردي أو الجماعي، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر، ونعتقد أن استعمال الأسلحة المحظورة بحق الشعب السوري يندرج ضمن السؤال ضمناً. وفي هذا السياق قد تكون هناك دول مما تم ذكرها أعلاه لا يعجبها المقاربة التي نقوم بها في سورية لما لذلك من تعارض مع مصالحها القومية أو الشخصية في أحيان أُُخرى، وقضية الاتصال معهم أو عدمها يرتبط بهذه الملفات.
هل تتوقعون أو لديكم معلومات عن ترسانة «النصرة» أو غيرها من أسلحة كيميائية أو أسلحة أخرى محرمة دولياً ولاسيما أن موسكو أعلنت أمس أن «النصرة» تستعد للهجوم على دمشق ومحاصرة الجيش السوري بحلب؟
إنّ لجبهة النصرة قوة عسكرية مهمة ولكن لا ترقى إلى ترسانة ونعتقد أن تضخيم حجمها يعود أيضاً لأسباب مختلفة منها عسكرية ومنها نفسية ولا نريد الدخول في التفاصيل لأسباب تتعلق بنمط عملنا مع الحكومات المعنية في الأمر ومنها الحكومة السورية، ونحن نحرص من أجل إنجاح خطة تفشيل عمل تلك المجموعات على أن نعمل بهدوء وبعيداً عن التفصيلات.
ما طبيعة الاتفاق مع وزير العدل السوري وكذلك الخطوات اللاحقة التي سيتم العمل بها في حال تشكيل المحكمة، وما اختصاصاتها؟
كما ذكرنا منذ قليل فإن هناك مسعى جدياً مع وزير العدل السوري أثناء لقاءاتنا معه من أجل أن نعدّ ملفات قضائية لدى المحاكم الدولية، بعيدة عن (المحكمة) الجنائية (الدولية) المحكومة بتوازنات الدول الخمس والحاضرة لإفشالها إذا ما تضاربت ومصالحها مع الدول المتورطة، من أجل مقاضاة المسؤولين الإقليمين والدوليين الذين تورطوا في ملفات مختلفة قضمت الحقوق السورية في مجالات واسعة ومختلفة منها اقتصادية ومنها سياسية ومنها اجتماعية. والمحاكم المطلوب التوجه إليها موجودة في الدول الأوروبية وأميركا. وهنا أيضاً نأمل أن تقوم الحكومة السورية المقبلة بإكمال هذا الطريق دون الدخول في حسابات خاصة وضيقة لتشريع وتسريع هذا الأمر لما فيه خير ومصلحة عليا للشعب السوري مجتمعاً، التقينا المسؤولين السوريين في هذا الإطار وعلى رأسهم رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام في 28 شباط الماضي.
ما طبيعة هذه المحاكم التي يمكن أن تتوجهوا إليها إن لم تكن المحكمة الدولية؟
المحاكم الدولية التي سيتم التوجه إليها بعد تسجيلها في المحاكم السورية هي المحكمة القضائية الدولية ITC والمحكمة الفدرالية الأميركية ومحكمة العدل الدولية وهي الذراع القضائي الأساسي للأمم المتحدة.
وهل يمكن استخدام الأدلة التي بحوزتكم لرفع قضية دولية ضد بعض دول المنطقة لانتهاك القرار الدولي 2254 وثبوت تورطهم بقتل السوريين عبر تزويد النصرة بالأسلحة؟
لدينا تنسيق كامل مع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات في فرنسا من أجل القيام بمحكمة قضائية ضدّ السعودية لجرائمها في اليمن، وهذه القضية سيتم فيها التوسع لجهة شمول دول أخرى قامت السعودية بالتورط فيها ومنها سورية والعراق. وسيتضمن هذا الأمر الاستناد إلى القرارات الأممية التي تمنع التدخل للأفراد والدول بشأن دول أخرى بما فيه قرار 2254.