لدينا مقدرة على صناعة النجم لكن العيب في التسويق … محمد زغلول لـ«الوطن»: نسعى إلى تطوير مواهب الأطفال وبناء شخصيّاتهم على المسرح
| عامر فؤاد عامر
درس الموسيقا في معهد «صلحي الوادي» عام 1983، وتخرج في المعهد العالي للموسيقا عام 1997، عازف الفيولا «محمد زغلول» المعروف بحضوره المميّز في أكثر من فرقة عبر آلته مثل أوركسترا «البحر الأبيض المتوسط»، وأوركسترا «مكتبة الإسكندرية»، والفرقة السيمفونية الوطنيّة السوريّة، له تجربته في التدريس، وهو رئيس قسم الموسيقا العربيّة في المعهد العالي للموسيقا 2013-2014، شارك في تأسيس عدد من الفرق مثل أوركسترا وكورال نقابة ريف دمشق، وكان آخرها أيضاً أوركسترا دمشق، وشارك في العديد من المهرجانات المحليّة، والعربيّة، وعلى مسارح عالميّة مثل إيطاليا، وألمانيا، ومصر، والمغرب، والولايات المتحدة الأميركيّة، والعراق، وتونس، ولبنان، وغيرها، تسلّم عدداً كبيراً من المسؤوليات والمهام، وتميّز في التجربة الإدارية، فكان مديراً لعدد من الفرق، ومشرفاً فنيّاً، ومنسّقاً، ورئيس فرع نقابة ريف دمشق 2010-2015، واليوم من موقعه في إدارة مديريّة المعاهد الموسيقيّة يخبرنا الأستاذ «محمد زغلول» عن الحركة الموسيقيّة وتطورها في سورية خلال السنوات الفائتة، وما الخطّة المُتّبعة حالياً، إضافة إلى مواضيع أخرى منها ما يتعلّق بإنجازه الموسيقي الشخصيّ «تأملات حجاز».
خطّة مدروسة
عانت الحركة الموسيقيّة في ميدان التعليم واستمرار نشاطها في المعاهد الموسيقيّة عامي 2012 و2013 وكان هناك نقصٌ في كوادر التدريس وغياب قسم كبير منها بسبب الهجرة، لكن ما الخطّة البديلة التي وضعها المشرفون على هذه الحركة، ومن موقعه يخبرنا الأستاذ «محمد زغلول» عن ذلك: «في عامي 2012 و2013 عانت الحركة الموسيقيّة في سورية الركود وذلك بسبب سفر عدد كبير من الموسيقيين والوضع الأمني، ونلاحظ أنه لم يكن هناك تخطيط منذ البداية لإعداد جيل موسيقي بحيث يكون لدينا أعداد معيّنة في العزف على كلّ آلة، ففي حال غياب شخص منهم يغطي الآخر مكانه، وهذا ما وعينا له اليوم لإعداد عازفين وأساتذة معاً في دمشق وفي المحافظات السورية، وبدأنا تنفيذ الخطّة في العام 2014 وبذلك ندافع عن الوطن من موقعنا، ومن خلال الاستمرار في العمل والحفلات على المسارح وفي حجم النشاط الذي قدمناه في دار الأوبرا في دمشق منذ عام 2014 وحتى اليوم، واليوم هناك فريق متكامل بين مديرية المعاهد الموسيقيّة والمعهد العالي للموسيقا ودار الأوبرا».
معاهد فاعلة
في الحديث عن الخطّة وأبعادها وما تمّ تنفيذه بالتنسيق بين دمشق وباقي المحافظات السوريّة يكمل الأستاذ «زغلول» حديثه: «6 معاهد في المحافظات السوريّة تتبع مديريّة المعاهد الموسيقيّة: «معهد صلحي الوادي في دمشق، معهد صباح فخري في حلب، معهد فريد الأطرش في السويداء، معهد نجيب السراج في حماة، معهد محمد عبد الكريم في حمص، ومعهد محمود عجان في اللاذقية» والمعاهد الثلاثة الأخيرة أحدثتها وزارة الثقافة بين عامي 2014-2015 واليوم يتزايد عدد الأطفال والمتقدمين إلى المعاهد الموسيقيّة لنصل إلى أعداد لم تشهدها المعاهد حتى في سنوات ما قبل الأزمة، وهذا ما يشجّعنا على العمل أكثر من جديد، ومقاومة الفكر التكفيري بالثقافة والموسيقا، وبدوري أشكر الموظفين والعاملين فيها والمدرسين، وكذلك أشكر الأهالي، والطلاب، والمواظبة في التواصل مع المعاهد، وبالتالي هذا التعاون بين الجميع هو مقاومة، ورغبة في الاستمرار، والمحافظة على الوطن، فنحن بلد النوطة الموسيقيّة الأولى والأبجديّة الأولى فنحن صنّاع التاريخ والمستقبل ومن المستحيل أن يمحى هذا».
الأطفال وتربيتهم
تعتني معاهد الموسيقا بالأطفال كثيراً من خلال الاجتهاد على تدريسهم الموسيقا ومن خلال بناء شخصيتهم في المجتمع وهذا ما أشار إليه مدير مديرية المعاهد والموسيقا: «الفنّ بلا أخلاق لا تكتمل رسالته، وفي العمل على هذا المبدأ سنصل إلى الملايين، ونؤثر فيهم، ولذلك نسعى للاهتمام بالطفل أكثر من خلال فتح مجال المقدرة الاستيعابيّة لطلاب جدد، فتعليم الطفل العزف على آلة موسيقيّة سيبعده نفسيّاً وعمليّاً عن حالة العدوانيّة، وبالتالي رعاية الطفل لتفريغ طاقته في معهده، والبعض منهم اليوم يبدأ بالتأليف، وبالتلحين، بالتالي نسعى لتطوير مقدرات الأطفال بصورةٍ راقية بعيداً عن وقع الحروب. نعمل أيضاً على تكثيف عدد الحفلات تمهيداً لتكوين شخصيّة الطفل موسيقيّاً، من أجل خلق مسؤوليّة جديدة لديه، ودعم العمل الجماعي في التشارك في العزف ضمن الحفلات، وهذا ما نسعى إليه في وزارة الثقافة لبناء شخصيّة الطفل».
منفذة وقيد التنفيذ
الخطوات العمليّة التي يتمّ تنفيذها والعمل عليها، عددها لنا الأستاذ «محمد زغلول» بما يلي: «وضع خطّة منهجيّة لإعداد كوادر موسيقيّة في كل الاختصاصات، ودعم روح الفريق، وتأسيس الطلاب في المعهد لرفد فرق الأوركسترا المتوافرة في البلد، وتحضير هذه الكوادر للمعهد العالي للموسيقا، ومنها للعزف على مسرح دار الأوبرا في دمشق، والعمل على توافر فريق متكامل، وافتتاح قسم للغناء الشرقي، وبناء شخصيّة الطفل الموسيقيّة في تكثيف الحفلات، ودعوة الأهل، والجمهور، وتكريم المتفوقين من خلال حفلات متعددة، ففي 2016 قدم معهد «صلحي الوادي» 35 حفلة إلى اليوم، وفي معهد محمود عجان 20 حفلة، وفي معهد فريد الأطرش 30 حفلة، وفي حماة كذلك وفي معهد صباح فخري الذي قام بعدد كبير من النشاطات رغم الظروف الصعبة التي تواجه حلب، وهذه النشاطات من حيث العدد والنوعيّة جديدة في الخطّة، وأحدثنا كورالاً في معهدي «صلحي» و«العجان»، وكذلك في معهد «فريد الأطرش» بالإضافة إلى فرقة «الحجرة الموسيقيّة»، وأيضاً العمل على الانسجام بين الطالب والأستاذ، ومن الملاحظ أن الحفلات في المحافظات ولّدت منافسة بين المعاهد، وخلق فرص عمل جديدة، ورفع ذائقة الجمهور، والشكر موصول هنا لوزارة الثقافة، ففي العام الماضي كان هناك مهرجان «معاً إلى سورية»، وهذا العام مهرجان «طريق النصر». أيضاً العمل على خلق صفوف في آلات موسيقيّة جديدة، وتفعيل صفّ الناي، وصف السكسفون، وصف الأوكورديون… وهناك مشروع «معاً للموسيقا» وهو مشروع مفتوح لكلّ الأعمار لمساعدتهم في تعلّم الموسيقا ضمن الإمكانات التي يمتلكها الشخص، واستقطاب شرائح من المجتمع لإتاحة الفرصة لهم من خلال ورشات عمل ستبدأ من معهد «صلحي الوادي» لتنطلق إلى باقي المحافظات، وهي عبارة عن ورشات مرحليّة متتابعة وبدعم من وزارة الثقافة».
صناعة النجم
هل تستطيع معاهدنا صناعة النجم؟ كان هذا هو السؤال الذي وجهناه للأستاذ «محد زغلول» الذي أجاب: «تستطيع معاهدنا أن تصنع النجم بجدارة، لكن الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة وتعاون بين الوزارات، فجهود وزارة واحدة كوزارة الثقافة لن تكفي بالتأكيد، إضافة إلى أن هذه البرامج تعتمد على تمويل كبير، إضافة إلى أننا نفتقر في سوريّة لموضوع التسويق، فلا استمراريّة لنجومنا على الرغم من وجود خامة النجم بقوّة، فلا مؤسّسات مختصة لدينا في هذا المجال. لذلك يكتشف المشاهد السوري مواهب أبناء بلده من خلال تلك البرامج غير السوريّة، وفي الحقيقة نعمل اليوم على صناعة برنامج تلفزيوني سيقدّم من خلال الشاشة السوريّة يلقي الضوء على مواهب الأطفال والشبان الموجودين لدينا».
أوركسترا دمشق
من آخر الإنجازات التي عمل الأستاذ «زغلول» على تقديمها هي أوركسترا دمشق التي قدّمت حفلاً أوركستراليّاً بعنوان «من دمشق هنا حلب» وهو الحفل الأول لهذه الأوركسترا التي تألفت من كورال «نيغاتسي» الحلبي، وهو من الكورالات العريقة، بقيادة الأب «الياس جانجي»، ويشير الأستاذ «زغلول» إلى أنه كان لديهم الرغبة في تقديم حفلة في دمشق، وتواصلوا معه لتقديمها في دار الأوبرا، فكانت حفلتها الأولى في دار الأوبرا والأخرى في كنيسة الزيتون، وهي اوركسترا غير مقيدة باسم معين، وستقدّم الشرقي والكلاسيكي، وجديدها سيكون في دار الأوبرا ضمن مهرجان الموسيقا العربية في شهر آب المقبل.
التأليف الموسيقي
مطبّ الإدارة يسرق الوقت من الفنان، وهذا ما شرحه الأستاذ «محمد زغلول» لنا من خلال تجربته في الإدارة التي تأخذ معظم وقته، فقد دخلها منذ عمر الـ25 ورافقته إلى اليوم، وعلى الرغم من أن الإدارة موهبة تسند الحركة الموسيقيّة وتنشّطها، إلا أنه يقول أيضاً إنه ظلم نفسه لأنه يحبّ التأليف الموسيقي، لكن الإدارة أخذت جلّ وقته، وعلى الرغم من ذلك يسعى اليوم الأستاذ «محمد زغلول» لتقديم عمله الأول الذي أصبح قيد التوزيع واسمه «تأمّلات حجاز» الذي سيتمّ تقديمه مع إحدى الفرق العربيّة.