بدائل الهروب من مستنقع الإرهاب، إلى أين..!؟
| عبد السلام حجاب
لعله من المفيد، إنعاش ذاكرة الجميع بما كتبه الجنرال الأميركي بترايوس في مذكراته بعد أن ترك موقعه العسكري والسياسي، كقائد للجيوش الأميركية في أعقاب غزو العراق حيث يقول: إن ما نحتاج إليه هو العنف المستدام، أي لفترات مديدة، ليسهل السيطرة على البلد وإبقائه عاجزاً وبلا قوة حقيقية». ما يتطابق مع ما أفصحت عنه هيلاري كلينتون في مذكراتها بالقول: «إننا نحن الذين أوجدنا الإرهابيين». الأمر الذي يعني أن المواطن الأميركي على حق حين يقول: «إن التاريخ سيشهد، أننا الجيل الذي أرسل الإنسان إلى الفضاء بينما رأسه غارق في الوحل الأخلاقي..!؟
بل، يمكن القول إن مصطلحات ومفردات جرى تركيبها لمسار سياسي عكستها إجراءات عملية، استندت بشكل مباشر وغير مباشر على أهداف حرب تحدث عنها منظّر السياسات الخارجية الأميركية كيسنجر باتجاهين، مع اختلاف بالأدوات التي كتب عنها فيلسوف الإرهاب برنار لويس مبيناً المراحل والسلوك المفترض اتباعه.
1- السيطرة الكاملة على منابع النفط والغاز، وقد خرجت إيران من إسارها بعد الاتفاق النووي المعروف 5 + 1، مثلما اختلت حسابات السيطرة.
2- ضخ الحقد بين شعوب الدول المحيطة بمصادر الثروة، وهو ما يزال سارياً لأنه الأهم واستنتاجاً فإن الاتجاهين يحسبان للكيان الإسرائيلي الحصة الأكبر من حصاد حرب الإرهاب بالوكالة على سورية ومحورها المقاوم، لكن العالم تغير، والعودة إلى الوراء لم تعد ممكنة، حيث عقلاء السياسة في العالم لن يسمحوا بحصول حرب عالمية جديدة لحساب الإرهاب وداعميه، ولاسيما أن الإعلام الذي يشكل أهم أسلحة هذه الحرب فقد الكثير من مقوماته ومبرراته التضليلية. وأصبح الإرهاب عارياً إلا من جرائمه الدامية ودعم وتمويل رعاته، وتحول إلى مستنقع آسن يبحث من يريد النجاة من الغرق فيه عن بدائل تساعد على الهروب من مزالقه الخطرة بين إرهابيين أخيار وأشرار!؟
لكن السؤال عن البدائل ما يزال قائماً. فهل تسييس الإرهاب وإلباس تنظيماته الوهابية والإخوانية أقنعة لإخفاء بنيتها التي تتماهى مع النازية والعنصرية الصهيونية يمكن أن يكون بديلاً!؟ أو أن تجهيل الإرهاب ومصادر تمويله وتغذيته، كما تفعل أنظمة حكم في السعودية وتركيا وقطر، يمكن أن يكون بديلاً بعد أن بات واضحاً أن الإرهاب لا وطن له ولا دين ولا هوية!؟ ويؤكد سياسيون ومحللون أميركيون أن السعودية مصدر الإرهاب الأول في العالم. كما تطالب المتحدثة باسم الخارجية الروسية مجدداً بإغلاق الحدود التركية من أجل وقف تدفق الأسلحة والإرهابيين إلى سورية، على حين يجدد الرئيس الروسي بوتين استعداد روسيا لمواصلة التعاون مع سورية في مواجهة الخطر الإرهابي، وكان أعلن في الأمم المتحدة ضرورة تشكيل جبهة دولية لمحاربة الإرهاب على أساس القانون الدولي بالتنسيق والتعاون مع سورية، حيث لا بديل آخر يقضي على الإرهاب ويفتح الطريق أمام العملية السياسية لحوار السوريين في جنيف على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وإلزام الأطراف بتنفيذ القرار الدولي 2253 الخاص بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه ومنع التعامل معه تحت طائلة الفصل السابع.
ربما يكون بديهياً القول: «إنه حتى الذين لا يعرفون الاستقامة والأمانة في تعاملهم مع الآخر انطلاقاً من مصالحهم وأجنداتهم، فإنهم لن يترددوا بإعلان أنهم فخر الطبيعة الإنسانية».
وعليه، ألا يمثل ذلك أحد أهم أسرار الخلاف السياسي القائم بين القطبين الدوليين روسيا وأميركا، وهو خلاف بين المبادئ الدولية التي تتحصن بها السياسة الروسية في سورية وفقاً للشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، وبين المصالح السياسية وما تشكله سياسة المعايير المزدوجة الأميركية من غطاء سياسي وشروط، يحاول مثلث الإرهاب السعودي التركي القطري العمل على فرضها قسرياً عبر دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية كبدائل للهرب من واقع مستنقع الإرهاب على حساب سورية ومحورها المقاوم، لكنه، من غير المرجح، في ظل المقاربات السياسية الروسية الأميركية التي تتقدم إلى الأمام على استحياء ومماطلة أميركية الإقدام على خطوات تقطع الصلة مع ما أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق لينكولن ذات يوم أنك تستطيع أن تخدع جميع الناس نصف الوقت، وأن تخدع نصف الناس كل الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع جميع الناس كل الوقت.
بدليل ما بحثه الوزيران لافروف وكيري في محادثتهما الهاتفية الأخيرة التي نقل فحواها بيان للخارجية الروسية ودار فيه! بحث سبل قطع التغذية عن الإرهابيين والمتمثلة باستمرار تدفق الإرهابيين والأسلحة من خارج الحدود السورية، وأنه بات ملحاً فصل «المعارضة المعتدلة» عن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، وعبر لافروف عن قلقه من محاولات تعطيل محادثات جنيف بذرائع مفتعلة، وقال في مقابلة تلفزيونية «إن الإرهاب يشكل تهديداً للجميع، وإن المشكلة الرئيسية تتمثل في أن روسيا على خلاف بعض الدول الغربية، تنطلق من ضرورة اتخاذ خطوات أكثر فاعلية في محاربة الإرهابيين». فهل يعني أن أميركا تقدمت خطوة باتجاه التخلص من ضغوطات مثلت الإرهاب السياسية على اعتبار أن الغرق في مستنقع الإرهاب لم يعد مفيداً في حساباتها القادمة على الرغم من الدور المزدوج والمشبوه الذي تقوم به في مناطق من الشمال السوري، وبات السؤال الذي يتردد داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، ماذا لو ارتفع عدد قتلى الجنود الأميركيين من خلال سياسة الاحتواء المزدوج للإرهابيين مهما اختلفت تسمياتهم إلى عدد يتجاوز القتيلين إلى رقم أكبر من ذلك وأي حصاد سيفوز به أوباما وحزبه للفترة المتبقية؟
لا جدال بأن أميركا تدرك جيداً أن المبادئ والحقوق الوطنية السيادية غير قابلة للبيع والشراء كما تدرك أن سورية وروسيا لا يريدان منها إعلانات دعائية في محاربة الإرهاب بمختلف تنظيماته الإرهابية من «داعش» إلى جبهة النصرة وما بينهما من تنظيمات تعمل تحت عباءتيهما، ما يعني أن بدائل لا تندرج في إطار محاربة الإرهاب من دون انتقائية أو معايير مزدوجة سوف تكون بمنزلة نار تحت الرماد تهدد الجميع من دون استثناء ولن تفيد إزاءها أي خيارات أخرى مثل التقسيم أو الفدرلة أو الكانتونات بل إنها ستجعل مستنقع الإرهاب أكثر اتساعاً وأشد ابتلاعاً ولا شرعية لها.
ولذلك فإن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد وبدعم الحلفاء والأصدقاء يتابعون بثقة انتصاراتهم لتحقيق خياراتهم الوطنية في المسارين السياسي والعسكري، وأما بدائل الآخرين للهروب من مآزقهم فسيكون لها الانكسار بدليل مؤشرات تتأكد واقعيتها بأداء أعضاء مجلس الشعب القسم الدستوري أمام رئيس الجمهورية وبانتصارات الجيش العربي السوري.