العظيم الحقيقي..
| د. اسكندر لوقا
من لا يعمل لا يخطئ. هذه المقولة تبدو مستحبّة لدى البعض منا وعلى الأغلب لتبرير خطأ نكون قد ارتكبناه، علما بأنه من الطبيعي أن يترافق أي عمل نقوم به، مع قليل أو كثير من الخطأ غير المقصود، وذلك حتى يستقيم أداؤنا للعمل الذي نقوم به، مع تكرار التجربة ومرور الوقت طال أم قصر.
في هذا السياق، كثيراً ما يلتقي أحدنا إنساناً يرفض الاعتراف بأنه قد ارتكب خطأ ما وذلك حتى لا يضطر، كما يُفهم، للتراجع عن موقف كان قد أعلنه حتى في حال وضوح الخطأ المرتكب أمام الغير. وقد يكون السبب في هذا الرفض، قناعته بأنه فوق الخطأ وليس كبقية البشر الذين يمكن أن يخطئوا لاعتبارات منطقية وموضوعية بينها، على سبيل المثال، نقص التجربة وقلة الخبرة أو بسبب من سوء فهم ما طلب منه أداؤه، وربما أيضاً يلعب ضعف الثقة بالنفس أو فقدانها دوره في هذا الأمر.
في مضمار العلاقات الدولة، قد لا تبدو هذه المسألة واضحة من حيث صلتها بالخبرة أو التجربة أو الثقة بالنفس وسوى ذلك من مبررات يلجأ إليها أحياناً المعتدي على حقوق الآخرين، أفرادا كانوا أم شعوباً، بتخطيط ومنهاج معدّ، وذلك على غرار ما يحدث في منطقتنا في الوقت الحالي وذلك بلجوء المعتدي علينا إلى مبررات لا علاقة لها بالواقع بل بحلم إمكانية إعادة عجلات التاريخ إلى الوراء، إلى زمن الاستعمار الذي ولى من على أرض المنطقة تحت إرادة الشعب الذي أراد الحياة وانتصر على أعدائه الفرنسيين في أوائل القرن الماضي ويكتب اليوم سطور انتصاراته على أعدائه القادمين إلى ملاقاة أبنائه واختبار عزيمتهم من جديد.
إن الخطأ الذي يرتكبه الفرد قد يعاني هو نفسه تبعاته، وربما أصابت تبعاته أفراداً معدودين حوله، بيد أن الخطأ الذي ترتكبه الدولة تجاه سواها من الدول، تتعدى تبعاته الفرد إلى مجموع الأفراد، ومن هنا خطر الخطأ الذي تقدم هذه الدولة أو تلك على ارتكابه وتنعكس تداعياته على حياة الغير سلباً بشكل أو بآخر. وبذلك تبقى الإدانة بحق المعتدي قائمة إلى أن يقر بخطأ ارتكبه عمداً بالتحديد.
يقول ميخائيل نعيمة «1889 – 1988» تحت العنوان الذي اخترته بداية للمقالة من قوله التالي، يقول: «العظيم الحقيقي ليس الذي لا يخطئ، بل ذلك الذي إذا أخطأ يعود عن خطئه ويتخذ منه عبرة ودرساً».
ترى من هذا العظيم المنتظر على ساحة الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبه بحق البلد الذي طالما اعتبر رمزاً للعروبة وللسلام في المنطقة، أعني به سورية الحضارة والتاريخ؟