بعد حوار «الطرشان» بين الجمهوريين والديمقراطيين على واحدة من أهم القضايا في السياسة الأميركية … مجلس الشيوخ الأميركي يرفض فرض أي قيود على حيازة الأسلحة بعد اعتداء أورلاندو
رفض مجلس الشيوخ الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون تعزيز القوانين المتعلقة بحيازة الأسلحة بناء على اقتراح للديمقراطيون بعد مقتل 49 شخصاً في مدينة أورلاندو في أسوأ حادث إطلاق نار في التاريخ الحديث للولايات المتحدة.
وفي أوج حملة انتخابية وقبل شهر من مؤتمري الحزبين الديمقراطي والجمهوري لاختيار مرشحيهما لاقتراع الرئاسي الذي سيجر في تشرين الثاني، كان من غير المرجح أن يتفق البرلمانيون فجأة على واحدة من أهم القضايا في السياسة الأميركية، عالقة منذ سنوات.
وقررت الأغلبية الجمهورية الراغبة في التحرك بعد اعتداء أورلاندو، التصويت على مشروعي قانونين تقدم بهما الديمقراطيون ونصين آخرين منافسين تقدم بهما الجمهوريون. لكن في كل عملية اقتراع كانت كل مجموعة تصوت ضد النص الذي تقدم به الطرف الآخر.
وقال السناتور الجمهوري تشاك غراسلي: إن «التعديل الثاني (للدستور) حول حق حيازة أسلحة، هو حق أساسي وأي عمل تشريعي يجب أن يأخذ بالحسبان هذا الواقع».
أما الديمقراطي ديك دوربن فقد عبّر عن أسفه لأن «مجلس الشيوخ أدار ظهره مساء الإثنين لضحايا أورلاندو وسان بيرناردينو ونيوتاون وشيكاغو»، وأضاف: «لماذا؟ لأن عدداً كبيراً من أعضاء المجلس لا يملكون الجرأة لقول لا للرابطة الوطنية للأسلحة (ناشيونال رايفل أسوسييشن – إن آر إيه)».
وكان النصان المقترحان من الديمقراطيين يهدفان من جهة إلى منع الأشخاص المدرجين على لوائح المراقبة لمكافحة الإرهاب من شراء أسلحة نارية، ومن جهة أخرى تعميم التدقيق في السوابق الإجرامية والنفسية لمن يرغب في شراء قطعة سلاح، وخصوصاً في المعارض المتخصصة.
ويعتبر الجمهوريون أن حيازة السلاح حق دستوري ويرفضون منح مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) إمكانية منع أي فرد من شراء سلاح بقرار إداري بسيط. لذلك اقترحوا في المقابل تأخير بيع قطعة السلاح 72 ساعة للمشتبه فيهم في الإرهاب، الفترة اللازمة ليوافق قاض على المنع. أما الاقتراح الجمهوري الآخر فيقضي بتعديل هامش نظام التدقيق في السوابق.
ورأى الديمقراطيون أن هذه الإجراءات متواضعة جداً ونجحوا في إفشالها لأن إقرار أي نص يتطلب أغلبية موصوفة من ستين صوتاً من أصل مئة عدد مقاعد المجلس.
ولتجاوز هذا الإخفاق الجديد، ستقوم سوزان كولينز الجمهورية المعتدلة التي تشغل مقعداً في مجلس الشيوخ، بعرض حل وسط قريباً لكن فرص نجاحها تبدو ضئيلة.
وكان أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي صوتوا في الماضي على إجراءات مماثلة بعد هجوم سان بروناردينو في كانون الأول الماضي، من دون أن يحققوا أي نجاح.
وليس لدى الديمقراطيين أي أوهام حول فرص تبني إصلاح قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في تشرين الثاني المقبل. وهدفهم الحقيقي هو جعل الجدل حول حيازة الأسلحة أحد محاور الحملة الانتخابية.
وقال الديمقراطي كريس مورفي: «نعرف أن فك الطوق الذي ضربته الرابطة الوطنية للأسلحة حول الكونغرس سيكون معركة طويلة وشاقة»، وأضاف: «لكن حركتنا تسارعت هذا الأسبوع».
وقال جون فينبلات رئيس رابطة «إيفريتاون فور غان سيفتي» المعارضة لحيازة الأسلحة: إن «المدافعين عن الحس السليم حول الأسلحة النارية غيروا الحسابات السياسية هذا الأسبوع وأجبروا مجلس الشيوخ على التصويت».
وأضاف: إن «الحسابات بدأت تتغير في البلاد وسيصوت الأميركيون معاً في تشرين الثاني تبع لهذه القضية».
واتخذ المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب موقفاً يدعو إلى منع «الإرهابيين» من شراء أسلحة، لكنه يحاول عدم إثارة غضب الرابطة الوطنية للأسلحة بعدما تلقى دعمها.
وقال ترامب لشبكة «سي بي إس» الأحد: إن «الرابطة الوطنية للأسلحة لا تسعى إلا للدفاع عن مصالح بلدنا».
ومنذ الهجوم على الملهى الليلي في مدينة أورلاندو ليل 11 إلى 12 حزيران، قال ترامب: إنه يأسف لأن أياً من الموجودين فيه لم يكن مسلحاً. ورد رئيس الرابطة الوطنية للأسلحة وين لابيار معترضاً: «لا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك أسلحة في الأماكن التي يشرب فيها الناس» الكحول.
لذلك حاول ترامب الإثنين توضيح تصريحاته. وكتب على موقع «تويتر» للرسائل القصيرة: «كنت أتحدث بالتأكيد عن نشر عناصر أمنيين إضافيين».
أ ف ب