المنطقة بين رغبة باستمرار داعش وأخرى بهزيمتها
| تحسين الحلبي
في كلمته أمام مؤتمر هيرتسيليا للأبحاث السياسية والإستراتيجية الإسرائيلية أعلن (هيرتسي هاليفي) العميد مسؤول المخابرات العسكرية بصراحة بأن إسرائيل «لا ترغب بأن ينتهي الوضع في سورية بهزيمة مجموعات داعش» وتحت هذا العنوان نفسه نشر موقع (ذي إنترنيشينال ريبورتر) افتتاحية لمحرر الموقع أن السعودية من أكثر الدول التي تشجع على بقاء الوضع السوري في «دائرة الحرب بوجود داعش» ويبدو أن التصريح الذي أطلقه مسؤول المخابرات العسكرية الإسرائيلية في مؤتمر هرتسيليا يعني بصراحة واضحة أن إسرائيل لن تتوقف عن وضع الخطط وبذل الجهود من أجل بقاء داعش والمجموعات المماثلة لها مثلما لن تتوقف عن التنسيق مع كل جهة ودولة تحمل الهدف نفسه. وكان معهد هرتسيليا نفسه قد استعرض دراسة لم يعرض موقعه الإلكتروني منها سوى موجز بسيط قدمه العقيد (المتقاعد) في المخابرات الإسرائيلية (شاؤول شاي) في صفحة الموقع وجاء فيه أن (جبهة النصرة) التي تتعاون معها إسرائيل قد تفرض عليها الأوضاع في سورية الاتحاد مع عدد من مجموعات تمثل داعش أو ما يسمى الجيش السوري الحر» لكي تستمر الحرب داخل سورية.
لكن هذه النوايا والأهداف المرسومة ستظل تصطدم بعدد من الحقائق التي بدأت ترسخ نفسها في المنطقة الممتدة من طهران إلى بغداد إلى دمشق وبيروت.
وهذا ما أشار إليه عدد من المحللين الروس والأوروبيين فالدعم الروسي لدمشق وطهران بالذات ما زال يشكل أهم العوامل القادرة على إحباط رغبة إسرائيل والسعودية وقطر ببقاء مجموعات داعش وأمثالها في سورية.
وفي تحليل نشره (اسكندر فاليتوف) في المجلة الإلكترونية (روسيا انسايدر) جاء أن التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية لن تسمح في السنوات المقبلة للولايات المتحدة بفرض نظامها العالمي الذي رسمت خططه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وكلما اتسعت مصالح دول مثل الصين وروسيا تطلبت ضرورة المحافظة عليها واستمرار تقدمها سياسة جديدة لن تكون بالضرورة حرباً عالمية أو حروباً مباشرة بين الدول الكبرى.. وهذا ما تؤكده التطورات في أوروبا بالذات فأوروبا في أزمة مع دولها واحتمال انسحاب عدد من الدول منها خلال سنوات قليلة وتاريخ الحروب الماضية يشير إلى أن أي حرب عالمية لا يمكن أن تحدث إذا لم تشارك فيها دول أوروبية بل بالذات ألمانيا.. وهذا ما يقوله (ستيفين سيستانوفيتش) في مجلة (ذي إنترنيشينال ريبورتر) في تحليل جاء فيه أن ألمانيا رفضت سياسة الحرب المتصاعدة على روسيا وأنها لا تجد أي مسوغات أو مصلحة من وقوع أي حرب على الساحة الأوروبية بين المصالح الأميركية والروسية.. ويبدو أن سياسة النفس الطويل التي ينتهجها حلفاء سورية هي السائدة الآن للوصول إلى إنجازات وانتصار بالنقاط وليس بالضربات القاضية التي لم تعد واشنطن نفسها قادرة على تحقيقها ضد هذه الدولة أو تلك فكل العالم كان إلى جانب واشنطن في حربها وغزوها ضد أفغانستان ومع ذلك لم تتمكن حتى الآن من إنهاء هذه الحرب التي دامت 15 عاماً وهي أطول الحروب الأميركية في عهد نظامها العالمي وقطبيتها الواحدة وهذه النتيجة البارزة لحركة الصراع الدولي والإقليمي توفر قاعدة لانتصار سورية والعراق على داعش وليس استمرار مجموعات داعش في ساحة هاتين الدولتين. فالتطورات المقبلة بموجب ما يتوقعه المحللون في أوروبا ستشهد تحولات أوروبية تصل إلى درجة إعادة النظر بقواعد اللعبة الأميركية مع أوروبا وربما مع تركيا.