تطبيع العلاقات بين تركيا و«إسرائيل» ونواب أتراك يعتبرونه استهدافاً لسورية
أعلنت تركيا والكيان الإسرائيلي رسمياً أمس تطبيع العلاقات بينهما بعد خلاف دام ست سنوات، في تقارب رحبت به الولايات المتحدة، معتبرة أنه «خطوة إيجابية»، فيما أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم أن «إسرائيل» ستدفع عشرين مليون دولار لعائلات عشرة أتراك قتلوا خلال الهجوم على سفينة «نافي مرمرة» في 2010، في إطار «اتفاق مصالحة» سيوقع اليوم الثلاثاء، في حين قال عضو البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري آران أردام إن التطبيع جاء في الوقت الذي يستمر فيه التحالف التركي السعودي- القطري بدعم الجماعات الإرهابية في سورية وأن التحالف مع تل أبيب يستهدف سورية بشكل خاص».
هذا وتنازل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان عن شرط رفع الحصار عن قطاع غزة والذي كان يضعه شرطاً للتطبيع.
من جهته دعا نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي أرتورك يلماز لعقد جلسة طارئة للبرلمان والحكومة التركية لمناقشة اتفاقية إعادة العلاقات بين تركيا و«إسرائيل» مشدداً على أنه على الحكومة أن تشرح للبرلمان خلفيات ومبررات وتفاصيل هذه الاتفاقية الخطيرة.
وحذر يلماز من مخاطر هذه الاتفاقية لما تضمنته من بنود تتعلق بالتعاون المشترك في المجالين الاستخباراتي والعسكري وقال: «إن الاتفاق يتضمن الكثير من النقاط الغامضة كما أن رئيس النظام رجب أردوغان يكذب على الشعب في موضوع رفع الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يستمر خلافا لأكاذيب أردوغان حول رفعه».
بدوره قال عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري آران أردام إن «أردوغان خدع الشعب التركي في موضوع الاتفاق مع «إسرائيل» وتراجع عن جميع أقواله السابقة ضدها وها هو الآن يخدم مصالح الصهيونية».
وعبّر أردام عن قلقه من الاتفاق وقال «إنه جاء في الوقت الذي يستمر فيه التحالف التركي السعودي- القطري بدعم الجماعات الإرهابية في سورية وأن التحالف مع تل أبيب يستهدف سورية بشكل خاص».
كما أعلن أن تركيا سترسل «أكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية» من مرفأ مرسين (جنوب) إلى مرفأ أشدود الإسرائيلي للفلسطينيين في قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي.
وقال يلديريم: «احتجنا إلى سنوات لإعداد هذا الاتفاق العلاقات بيننا ستعود إلى طبيعتها بهذا النص».
بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس أن الحصار البحري المفروض على قطاع غزة سيبقى على حاله بعد التوصل إلى اتفاق مع تركيا لتطبيع العلاقات.
وقال نتنياهو في روما بعيد الإعلان عن الاتفاق إن «الاتفاقية تسمح باستمرار الحصار البحري على ساحل قطاع غزة».
كما أكد أن استمرار الحصار «مصلحة أمنية عليا بالنسبة لنا ولم أكن مستعداً للمساومة عليها».
كما أعلن نتنياهو أن الاتفاق يلزم تركيا بمساندة إسرائيل على الانضمام وفتح مكاتب في المؤسسات الدولية بما في ذلك حلف الناتو.
وأكد أن العلاقات السيئة مع تركيا لا تساعد إسرائيل في المنطقة، مشيراً إلى أنه سيعرض الاتفاق مع تركيا على الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة.
وقال نتنياهو: «الاتفاق قد يساعد على إعادة جثث الجنود الإسرائيليين لكن تركيا لم تضمن لنا ذلك».
وأشار إلى أن إسرائيل معنية بإعادة إعمار البنية التحتية لقطاع غزة من قبل تركيا ودول أوروبية، معلنا الموافقة على تمرير المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وكشف أن الاتفاق يتضمن استمرار الحصار البحري الإسرائيلي لغزة.
وأعرب عن ارتياحه بأن الاتفاق يحمي جنوده من أي ملاحقات قضائية، في إشارة إلى عناصر القوات الخاصة الإسرائيلية التي هاجمت سفينة «مرمرة التركية» عام 2010، والحروب على غزة.
وقال نتنياهو: إن الاتفاق ستكون له آثار اقتصادية هائلة لإسرائيل، موضحاً أنه يفتح الطريق أمام إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي لأوروبا عبر تركيا.
وشدد نتنياهو على أن الاقتصاد الإسرائيلي سيستفيد بصورة كبيرة من الاتفاق حيث سيكون هناك انعكاسات إيجابية كبيرة عليه.
وصرح نتنياهو أمام صحفيين في روما بعد محادثات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري «أعتقد أنها خطوة مهمة أن نقوم بتطبيع علاقاتنا».
و«إسرائيل» التي ستباشر استغلال احتياطات من الغاز في البحر المتوسط تبحث عن منافذ لتصريف إنتاجها.
كذلك رحب كيري بالاتفاق واصفاً إياه بـ«خطوة ايجابية».
وكان عشرة أتراك قتلوا في 2010 خلال هجوم شنته «وحدة كوماندوس إسرائيلية» على سفينة «مافي مرمرة» التركية المحملة بالمساعدات الإنسانية التي كانت تحاول كسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
من جهته رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أمس بالاتفاق بين إسرائيل وتركيا معتبرا أنه «إشارة أمل» للشرق الأوسط.
ورأى بان الذي يزور الأراضي الفلسطينية في الإعلان عن تطبيع العلاقات الإسرائيلية- التركية «إشارة أمل مهمة لاستقرار المنطقة».
وكانت تركيا حليفة إقليمية كبرى لإسرائيل حتى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة.
وتعهدت تركيا أيضاً بمنع حماس الإسلامية من تنفيذ أي أنشطة ضد إسرائيل على أرضها، كما ذكرت صحيفة هآريتس الإسرائيلية الأحد، موضحة أن الحركة ستواصل العمل من تركيا لأهداف دبلوماسية.
في سياق متصل صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يعني أن تصم تركيا آذانها عن «الظلم» الذي يتعرض له الفلسطينيون.
وقال جاويش أغلو في كلمة ألقاها، مساء الأحد في محافظة أنطاليا، جنوبي البلاد إن تركيا لا تقدم تنازلات عن شرطين لها في المفاوضات مقابل تطبيع العلاقات، وهما: رفع الحصار عن قطاع غزة، وتعويض أسر ضحايا سفينة «مرمرة».
وقالت مصادر في الرئاسة التركية: إن الرئيس رجب طيب أردوغان اتصل هاتفياً بنظيره الفلسطيني محمود عباس مساء الأحد لإبلاغه بالتوصل للاتفاق مع إسرائيل، الذي يهدف، وفق الرأي التركي، إلى تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
من جهتها أكدت النائب في الكنيست الإسرائيلي حنين الزعبي أن: «موافقة إسرائيل على دفع تعويضات للأتراك يعني اعترافا منها بمسؤوليتها عن أحداث مرمرة».
وأضافت الزعبي: إن الاتفاق تم دون أي تنسيق مع الفلسطينيين.
(أ ف ب– روسيا اليوم– سانا)