الحياة حلوة!
| عصام داري
حرام أن نهدر سنوات أعمارنا في أمور لا تفيدنا ولا تنفع الآخرين، ثم نرمي خيباتنا وإخفاقاتنا على الزمن والظروف والحظ.
وكما تقول أغنية فريد الأطرش «الحياة حلوة بس نفهمها» لكن أغلبنا لم يفهم هذه الحياة، والغريب أن فريد الأطرش نفسه غنى أغنية «ومين قال الحياة حلوة، وفيها الذل والقسوة» وما بين هذين التناقضين الصارخين علينا أن نعد سنوات عمرنا يوماً وراء يوم وشهراً إثر شهر وكأننا نحسب حصاداً لا يعنينا!.
تنوس سنوات حياتنا بين سلسلة تناقضات لا تنتهي، بين الحب والكراهية، بين الحقد والتسامح، بين الشر والخير، وبين التوحش والإنسانية، نخطف لحظات الفرح والحب والسعادة من براثن الأحزان والكراهية ونعرف أننا في لحظة الفرح ننسى أن الفرح لا يدوم، والحزن لا يدوم، وأن الحياة- كما كنت أقول دائماً- هي هذه اللحظة التي نعيشها الآن، فما قبلها صار تاريخاً مضى ولن يعود، وما بعدها مستقبل لا يستطيع التنبؤ بما يحمل لنا وللعالم.
لذا، نقول: قبل أن يمضي النهار والقطار، وتنتهي الآجال والأعمار، خذ فرصتك في الحياة واعمل صالحاً يجعل ذكراك من نوع ما عملت، وازرع حباً تحصد سنابل حب ومحبة، لكنك إن زرعت بغضاً تحصد مواسم مما زرعت.
اغتنم اللحظة قبل رحيلها، واليوم قبل انقضائه، وقوتك قبل ضعفك، فالحياة أقصر مما تتخيل، ومزارع الحب واسعة وشاسعة لمن يرغب فيها، ومزارع الشوك بانتظار عشاق الذات وكره البشر.
تمضي الحياة مسرعة نحو خط النهاية من دون أن نجد بصمة تبرر قدومنا إلى هذه الدنيا، كل ما نفعله في عمرنا لا يعادل لمحة بصر عابرة، ولا يسجل في دفاتر إنجازات بني البشر على هذا الكوكب، لكن غرورنا يجعلنا نتصور أننا مركز هذا الكون الذي يدور من أجلنا، وأن غيرنا مجرد مخلوقات ثانوية تكميلية لهذا المشهد الكوني، لا نحتاج إلا إلى قليل من التواضع، فجميع ما في كوكبنا الأرضي لا يشكل ذرة في هذا الكون الواسع المترامي الأطراف، فماذا تشكل أنت الضعيف الذي تقتله جرثومة لا ترى بالعين المجردة؟.
في هذا العالم المضطرب، ووسط دوامات الأيام والليالي، العمل ومتطلبات الحياة، نحتاج ليس إلى التواضع فقط، بل إلى أحلام تحملنا إلى عالم مفقود وإحساس بالفرح والحب المتخيل، والصعود إلى عالم السحر والخيال يبدأ بخطوة على درج الورد، ربما ذكرتني أغنية فيروز «درج الورد مدخل بيتنا» بهذه الرغبة في الولوج في حلم يريحني من هموم يومي ومن حرارة الطقس وبرودة العواطف وندرة الحب، فهل نستطيع الحصول على حلم وسحر وخيال؟.
درج الورد هو سبيلي إلى الحلم الذي غاب عنا حتى أثناء النوم لتحل مكانه كوابيس الواقع، وكأننا أصبحنا أسرى لتوحش الطبيعة والإنسان، وحضارة التكنولوجيا والحاسوب، لذا أرى أن من حقنا أن نمشي على دروب وردية، نغوص في بحر التخيل، تقودنا خطواتنا نحو بيت الأزاهير، شيء مذهل أن تعيش وسط قارورة عطر، وعالم من سحر وخيال وجمال، لكنك ستصحو على الكابوس المستمر الذي حول حياتنا إلى جحيم مقيم، وموت متجول، فأين المفر؟.