لماذا العشوائيات؟
| محمود الصالح
أصبح السكن العشوائي يشكل الهم الضاغط على منظومة الخدمات الاجتماعية نتيجة صعوبة توفير الخدمات اللازمة لمناطق السكن العشوائي التي أصبحت تشكل حسب آخر دراسة أجريت في عام 2009 أكثر من 70% من المناطق المأهولة في البلاد. ولأن هذه العشوائيات أصبحت تشكل أمرا واقعا منذ أكثر من نصف قرن كان من المفترض البحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة التي تأخذ عدة مناح، أولها فقدان الملكية القانونية للمساكن والمحلات التجارية المشادة في مناطق المخالفات لأن أغلب مناطق المخالفات أقيمت على أراض تعود ملكيتها للدولة وبالتالي لا يوجد أي صفة ملكية للقاطنين في هذه العشوائيات. والأمر الثاني صعوبة تقديم الخدمات اللازمة من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء وحدائق ومواقع خدمات ومراكز صحية. كل ذلك نتيجة عدم وجود مخطط تنظيمي لمناطق السكن العشوائي ما أدى وتلبية لظروف إنسانية إلى إنشاء البعض من شبكات الخدمات الأساسية من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء وفق الأمر الواقع. هذا الأمر أدى إلى تفاقم الحاجة إلى إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة وخصوصاً أن البلاد قادمة على مرحلة إعادة إعمار ويفترض أن يتم تفعيل القانون 60 الصادر في ثمانينيات القرن الماضي وكذلك القانون 26 وغيره من القوانين ذات الصلة. يجب العمل بشكل جوهري على قوننة ملكية السكن في مناطق المخالفات بحيث تصبح هذه المساكن مسجلة بأسماء أصحابها. والأمر الآخر أن يتم وضع مخططات عمرانية واضحة يتم من خلالها إيجاد أماكن للخدمات العامة والحدائق والمراكز الصحية والمدارس وكل ما تحتاجه العائلات التي تقطن في هذه المناطق. لأنه من غير المقبول أن ندخل مرحلة إعادة إعمار البلاد ونحن نغمض أعيننا عن هذه المشكلة المزمنة ونستمر في ترحيلها إلى أجيال قادمة. هذه المناطق هي ثمرة حاجة الفقراء ممن هجروا الريف بحثا عن فرص عمل لإعالة أسرهم وفساد الوحدات الإدارية المكلفة برقابة البناء وجشع تجار البناء، ولولا هذا الثالوث لما وجدنا مئات آلاف المساكن المخالفة أشيدت من دون أن تحمل أدنى المواصفات الفنية وعوامل الأمان اللازمة، وبات عليها إيجاد حلول جذرية بمواكبة عملية إعادة الإعمار.