استثمار أصحاب السيكار
| هني الحمدان
لا أحد يستطيع التشكيك بأن سخاء الحكومات السابقة تجاه الاستثمار والاعفاءات الممنوحة كان قليلا أو لا يوازي متطلبات المرحلة أو الفورة الاستثمارية التي عصفت بحياتنا وبمشروعات عديدة كانت ضرورية.. ولا شك أيضاً أن الخزينة العامة كانت سخية جداً بالإعفاءات الممنوحة للمستثمرين بهدف جذب الاستثمارات الخارجية، وتوطينها لتعزيز عملية النمو المستدام.
معظم الإعفاءات الممنوحة لمئات المشروعات ولمستثمرين محليين وأجانب جاءت بموجب إجراءات ونواظم هيئة الاستثمار، إلا أن ما يثير التساؤل هو جدوى تلك الاستثمارات وحقيقة أن المستثمر قد قام فعلا بتنفيذ كل ما التزم به تجاه الحكومة والخزينة التي أعطته من المزايا والتسهيلات الشيء الكثير…؟! صحيح أن المستثمر سواء أكان محليا أم أجنبيا بحاجة إلى حوافز وتسهيلات لإتمام نشاطه الاقتصادي، لكن من حق الحكومة أن تتابع سير عمل تلك المشاريع خطوة بخطوة، وتتأكد من أن تلك الاعفاءات المالية التي منحت له حققت الهدف المرجو منها. وهنا لنقف برهة من الوقت ونسأل: هل تم تقييم كامل وجدي لكل المشروعات الاستثمارية التي نالت ما نالت من عطايا وحوافز…؟! وهل استطاعت وزاراتنا السير قدما تجاه معرفة تفاصيل ما آلت إليه بعض المشروعات التي بقيت للأسف خبرا على ورق..! اليوم تطل علينا وزارة السياحة بتوجهها إزاء المشروعات النائمة ووجوب فك ارتباطها، وهي خطوة إيجابية بضرورة البدء بتقييم كامل للمشروعات الاستثمارية ومعرفة فوائدها وأماكن إخفاقاتها، وهددت بفسخ العقود المبرمة مع السادة المستثمرين، وهم كثر استفادوا من الكرم الحكومي على مدار سنوات مضت، ليتبين فيما إن كانت أفكارهم لم تتحول بعد إلى مشروعات نحن أحوج إليها اليوم قبل أي فترة خلت..!
قد يقول البعض من «أصحاب السيكار» وممن امتهنوا صنعة الاستثمار هناك عقبات وروتين وبيروقراطية قاتلة تطرد وطردت بعض المستثمرين، لكن على التوازي نقول: لدينا بيئة مواتية لجذب المستثمرين وتنمية الأعمال والأنشطة الاقتصادية، لكن غابت المحاسبة الحقيقية..! من هنا يكون واجب مسؤولي الدولة العمل على المراجعة الدورية لتلك الإعفاءات والحوافز الممنوحة للمستثمرين والتحقق من جدواها، فالحكومة يجب أن تكون شريكا فعليا بالمشروعات بفعل تلك الإعفاءات الممنوحة وبالتالي عدم التنفيذ لا يخلي الأجهزة من مسؤولياتها تجاه مراجعة تلك الإعفاءات وتغريمها لمن خالف شروطها..!