أكد لـ«تي بي إس» اليابانية أن أي شيء سيناقش ينبغي أن يستند إلى الدستور … الرئيس الأسد: نعتقد أن «أستانا» سيجعل وقف إطلاق النار أولوية وليس من الواضح إذا ما كان سيتناول أي حوار سياسي
| وكالات
أكد الرئيس بشار الأسد، أن أي شيء ستجري مناقشته في «مؤتمر» أستانا ينبغي أن يستند إلى الدستور، معرباً عن اعتقاده بأن يجعل «المؤتمر» أولويته التوصل إلى وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية لمختلف المناطق، موضحاً أنه «ليس من الواضح إذا ما كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي لأنه ليس واضحاً من سيشارك فيه».
وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة «تي بي إس» اليابانية نشرت نصها وكالة «سانا» «حتى الآن نعتقد أن المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سورية ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة.. هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع توقعه في هذا الوقت».
وأوضح الرئيس الأسد، أن استقالة الرئيس أو استمراره في منصبه قضية وطنية وترتبط بكل سوري، لأن الرئيس في سورية ينتخب مباشرة من الشعب السوري، وبالتالي فإن هذا ليس حق الحكومة أو المعارضة، بل هو حق كل سوري، مشدداً على أن صاحب القرار الوحيد في هذا الصدد هو صندوق الاقتراع.
وأعرب الرئيس الأسد عن أمله في أن تكون الإدارة الأميركية القادمة صادقة في تشكيل تحالف حقيقي وواقعي لمحاربة الإرهابيين في المنطقة، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه «أخونجي» ويحاول إجراء بعض المناورات لإظهار أنه ضد الإرهابيين في «داعش» و«النصرة» لكنه يقوم فعلياً وبشكل يومي بدعم تلك المنظمات التي لا تستطيع البقاء دون دعمه.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..
اجتماع «أستانا»
شكراً لكم سيادة الرئيس على إتاحة هذه الفرصة لنا لمعرفة وجهة نظركم حول ما يحدث في سورية وحول مستقبل هذا البلد. سؤالي الأول مع اقتراب محادثات أستانا.. ما الذي تسعون إليه وتتوقعونه من هذا المؤتمر؟
أود أولاً أن أرحب بكم في دمشق ويسرنا أن نتحدث إلى الجمهور الياباني للمرة الأولى خلال هذه الحرب على سورية، ليست لدينا لنقل توقعات من مؤتمر أستانا، بل لدينا آمال في أن يشكل منبراً لمحادثات بين مختلف الأطراف السورية حول كل شيء، لكنني أعتقد أنه سيركز في البداية، أو سيجعل أولويته، كما نراها التوصل إلى وقف إطلاق النار وذلك لحماية حياة الناس والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى مختلف المناطق في سورية. ليس من الواضح إذا ما كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي، لأنه ليس واضحاً من سيشارك فيه حتى الآن. نعتقد أن المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سورية. ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة، هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع توقعه في هذا الوقت.
ليس في دستورنا ما يسمى حكومة انتقالية
وهل تقبلون مناقشة تشكيل حكومة انتقالية في هذا المؤتمر؟
إن أي شيء ستجري مناقشته ينبغي أن يستند إلى الدستور لأن هذا لا يرتبط بالحكومة والمعارضة، أو الحكومة والمجموعات الإرهابية، بل له علاقة بحق كل مواطن سوري في تحديد مستقبل سورية. ليس في دستورنا ما يسمى حكومة انتقالية. يمكن أن تكون هناك حكومة عادية تمثل مختلف الأحزاب ومختلف الكيانات السياسية في سورية. هذا هو موقفنا إذا أراد أي شخص الانضمام إلى تلك الحكومة التي نسميها حكومة وحدة وطنية، فهذا خيار متاح لكل طرف خارج أو داخل سورية، وبعد تشكيل تلك الحكومة يمكن التحدث عن انتخابات برلمانية يتبعها تشكيل حكومة أخرى تستند إلى نتائج الانتخابات.
إدارة ترامب
سيتسلم رئيس الولايات المتحدة المنتخب مهام منصبه قريباً جداً.. ما الذي تتوقعونه من ترامب؟ وما التغيرات التي تتوقعونها منه في مجال السياسات؟
كما تعرف فإنه أحد الرؤساء الأميركيين القلائل الذين لم يكونوا في الحياة السياسية من قبل. معظم الرؤساء السابقين كانوا يشغلون وظائف أو مناصب سياسية قبل أن يصبحوا رؤساء.. أما هذا فلا. إذا تابعت مختلف وسائل الإعلام بما فيها وسائل الإعلام الأميركية فإنها تعتبر أن من غير الممكن التنبؤ بسياساته لأنهم لا يعرفون سوى القليل عن رؤيته. الشيء الوحيد الذي يمكن أن نبني عليه حكمنا هو خطابه خلال الحملة الانتخابية، وإذا أردت اختيار الجانب الذي يمكننا أن نقول إنه جيد في تلك الخطابات فهو أولويتنا اليوم والمتمثلة في محاربة الإرهاب، وهذا ما قاله الرئيس المنتخب ترامب، فقد قال: إن أولويته هي محاربة «داعش»، وبالطبع فإن «داعش» يمثل أحد وجوه الإرهاب وأحد منظماته، وعندما تتحدث عن «داعش» فعليك التحدث عن «النصرة» وعن العديد من المجموعات المرتبطة بالقاعدة والموجودة الآن داخل سورية، لكنني أعتقد أن ما قصده بـ«داعش» هو الإرهاب، وأعتقد أن هذه الأولوية التي وضعها مهمة جداً، ومن ثم فنحن نتوقع ونأمل أن تكون الإدارة القادمة صادقة في تنفيذ هذا الخطاب فيما يتعلق بالإرهاب ومساعدة ليس سورية وحسب.. لأن الإرهاب اليوم ليس مشكلة سورية بل مشكلة شرق أوسطية وعالمية. نأمل أن تكون صادقة في تشكيل تحالف حقيقي وواقعي لمحاربة الإرهابيين في المنطقة، وهذا بالطبع سيشمل سورية في المقام الأول.
جماعات الضغط لا تريد تغييراً في سياسة أميركا
قرأت مقابلة ذكرتم فيها أن جماعات الضغط في واشنطن تعرقل إحداث تغيير في السياسات كما قلتم.
من الواضح جداً أن وسائل الإعلام الرئيسية ومختلف المؤسسات ومختلف جماعات الضغط تشكل تركيبة لا تريد أن ترى أي تغيير لأن لهم مصالحهم الخاصة في سياسة الولايات المتحدة، في السياسة التدميرية للولايات المتحدة التي نشهدها، على الأقل على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية. منذ وصل جورج بوش إلى الحكم عام 2000 إننا لا نرى سوى شن الولايات المتحدة للحروب سواء بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر من خلال وكلائها وتلك المؤسسات ووسائل الإعلام، وجماعات الضغط لها مصلحة في هذا النوع من المشاكل. قد تكون لها مصالح مالية في معظم الحالات، ولذلك من الواضح جداً اليوم أنهم سيضعون العقبات لإعاقة أي توجه في سياسة الرئيس الجديد سواء فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب أم باحترام سيادة الدول الأخرى أو حتى بوجود تهدئة في سائر أنحاء العالم من خلال العلاقات الجيدة مع روسيا أو مع أي قوة عظمى أخرى كالصين على سبيل المثال.
المنظمات الإرهابية التي لا تستطيع البقاء من دون دعم أردوغان
في سياق الحرب على ما يسمى «الدولة الإسلامية».. هل يمكن أن تسعوا إلى التنسيق مع لاعبين مثل تركيا والأكراد والولايات المتحدة؟
أولاً.. إذا أردنا أن نكون شفافين، فإن «داعش» أسست تحت إشراف الولايات المتحدة. كان ذلك في العراق عام 2006 قبل أن تصبح ما يسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وقد كانت محصورة في العراق فقط وسميت حينها «الدولة الإسلامية»، وعندما بدأ الصراع في سورية أصبحت «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ومن ثم قامت تركيا برعايتها لأنها كانت تستخدم حقول النفط السورية من أجل التصدير وللحصول على المال وتجنيد المزيد من المقاتلين، وقد كانت تركيا ضالعة بشكل مباشر في تهريب النفط وبمشاركة وتواطؤ من أردوغان نفسه مع «داعش»، ومن ثم فإننا لا نستطيع أن نتوقع حرباً صادقة على «داعش» من تركيا أو الولايات المتحدة. وآخر مثال صارخ على ذلك الهجوم على تدمر قبل بضعة أسابيع، عندما تمكنوا من الاستيلاء عليها تحت إشراف الأميركيين وتحت مراقبة الطائرات الأميركية من دون طيار. أتوا عبر الصحراء واحتلوا تدمر. اليوم، وبينما نحن نتحدث، يهاجم «داعش» دير الزور شرقي سورية، ولم يفعل الأميركيون شيئاً لوقفهم. مضى على بداية عمل ما يسمى «التحالف الدولي» لضرب الإرهاب أكثر من سنة ونصف السنة حتى الآن، ولم يحقق شيئاً لأنهم ليسوا جادين. بالنسبة لتركيا، أردوغان «إخونجي»، وهو متعاطف داخلياً وغريزياً ومرتبط وملتزم بـ«داعش» والقاعدة لأن لهم الأيديولوجيا نفسها ولا يستطيع أن يبتعد عنهم، يحاول إجراء بعض المناورات لإظهار أنه ضد أولئك الإرهابيين في «داعش» و«النصرة»، لكنه يقوم فعلياً وبشكل يومي بدعم تلك المنظمات التي لا تستطيع البقاء من دون دعمه.
فعلنا كل ما في وسعنا كي لا يكون هناك أي ضحايا
في حلب وفي مناطق أخرى تعرضت قواتكم المسلحة والقوات الروسية للانتقاد بسبب قصفها للمناطق والأحياء السكنية والمستشفيات من الجو. هل يمكنكم القول إن تلك المآسي الإنسانية كان لا مفر منها من أجل تحرير حلب؟
في الواقع فإن أولئك الذين اتهموا روسيا وسورية بالقصف أو بارتكاب جرائم وما إلى ذلك هم الدول نفسها التي دعمت الإرهابيين. بداية بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وقطر والسعودية ودول أخرى شبيهة بها، أولئك الذين دعموا الإرهابيين مباشرة من خلال وسائل الإعلام والسياسة ومن خلال إرسال الأسلحة والمال وجميع أشكال الدعم اللوجستي، لا يحق لهم البكاء من أجل المواطنين السوريين لأنهم هم السبب في مقتل المدنيين السوريين الأبرياء على مدى السنوات الست الماضية هذا أولاً. ثانياً: إن دورنا كحكومة وبموجب الدستور والقانون والتزامنا الأخلاقي نحو الشعب السوري والمواطنين السوريين هو تحريرهم من الإرهابيين. هل يمكن لأحد أن يقبل بأن ترى أي حكومة أي منطقة في أي بلد تحت سيطرة الإرهابيين الذين يقتلون الناس ويدمرون كل شيء ويفرضون تطبيق أيديولوجيتهم الوهابية الكريهة على الشعب، ويتوقع من الحكومة أن تكتفي بمراقبة ما يحدث؟ بالطبع، إذا أردت التحدث عن الضحايا ففي كل حرب هناك ضحايا، وكل حرب سيئة، في كل حرب قتل ودماء، لا تستطيع التحدث عن حرب جيدة. هذا بديهي، لكن إذا كان عليك اللجوء إلى الحرب لمكافحة الإرهاب فسيكون هناك ضحايا للأسف، ولقد فعلنا كل ما في وسعنا كي لا يكون هناك أي ضحايا، لكن أولئك الذين يتباكون على أولئك المدنيين. هل قدموا أي دليل على قيام سورية أو روسيا بقتل المدنيين؟ السؤال الآخر: كيف يمكن لحكومة، من الناحية الأخلاقية أن تقتل شعبها؟ وإذا كنا نقتل شعبنا أو نقتل المدنيين، فكيف لنا أن نصمد ست سنوات كحكومة أو كجيش أو كرئيس؟ هذا ليس منطقياً ولا واقعياً. نحن هنا لأننا نتمتع بالدعم الشعبي، لكن في النهاية، كما قلت: هناك دائماً ضحايا. ونأمل أن نتمكن فعلاً من وضع حد لهذه الحرب في أسرع وقت ممكن، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله إنقاذ الدماء السورية.
لم نستعمل الكيميائي
كانت هناك شكوك في أن قواتكم استخدمت قنابل تحتوي على غاز الكلور. هل تنكرون ذلك؟
في الواقع أنت تتحدث عن أسلحة كيميائية، والتحدث عن الأسلحة الكيميائية يعني قتل آلاف الناس في فترة قصيرة جداً من الزمن. وهو أمر لم يحدث في سورية منذ بداية الأزمة، لكن الأمر الأكثر أهمية هو أنه من الناحية الأخلاقية، كحكومة، لا يمكن أن تفعل ذلك. كما قلت لا يمكن أن تقتل شعبك وأن تستعمل أسلحة الدمار الشامل ضد شعبك. هذا مستحيل، الأمر الآخر والأكثر أهمية هو أننا وقعنا في عام 2013 معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وتخلينا عن ترسانتنا من الأسلحة الكيميائية ولم تعد موجودة لدينا، لكن في الواقع فإن الإرهابيين هم الذين استخدموا ذلك النوع من الأسلحة. وكانت المرة الأولى عام 2013 وفي ربيع العام نفسه طلبنا أن ترسل الأمم المتحدة وفداً للتحقيق. الأميركيون هم الذين أعاقوا محاولتنا لأنهم كانوا يعرفون حينذاك أنه إذا أتى وفد إلى سورية فإنه سيجد الدليل الملموس على أن الإرهابيين استخدموا غاز الكلور بحق جنودنا، ولذلك فإنني أنفي تماماً ما ورد في هذه المقولة التي تعكس الرواية الغربية فيما يتعلق بسورية وهي جزء من شيطنة الحكومة السورية والجيش السوري.
اللاجئون
هناك ملايين اللاجئين والنازحين بمن فيهم الأطفال الصغار، ومئات آلاف القتلى. ما مسؤوليتكم تجاههم بوصفكم رئيساً؟
بالطبع عندما تتحدث عن اللاجئين فإن ذلك يشكل مأساة وعندما تتحدث بشكل خاص عن الأطفال، الأطفال الصغار، والشباب فإن هؤلاء أبرياء ولا علاقة لهم بالحرب بصرف النظر عن انتمائهم. في الواقع عندما تتحدث عن الأطفال فإن هؤلاء ليس لهم أي انتماء سياسي. إنهم أبرياء، لكنهم هم الذين يدفعون الثمن قبل أي فئة أخرى في المجتمع. أنت تتحدث عن مأساة نعيشها بشكل يومي، لهذا السبب فإن هذا الشعور الذي أتحدث عنه، والذي نعيشه يومياً، يشكل الدافع بالنسبة لنا كمسؤولين لنبذل قصارى جهدنا للتخلص من الإرهابيين الذين خلقوا هذه المشكلة ولإعادة السلام والاستقرار إلى سورية. والسؤال الذي يطرحه السوريون الآن على الرئيس: بالطبع أنا كسوري أتعاطف مع كل سوري عانى بسبب الحرب، السؤال هو ليس كيف تشعر؟ بل ما الذي ستفعله؟ متى سنتخلص من أولئك الإرهابيين؟ لكن الأمر الأكثر أهمية والذي لا يذكره كثيرون في الغرب وفي العالم هو أن جزءاً من مشكلة اللاجئين لا يتعلق فقط بالإرهابيين أنفسهم، بل بالحصار الذي فرض على الشعب السوري من الغرب وحلفائه.. هذا الحصار لم يؤثر في الحكومة بل أثر في كل مواطن سوري، أثر في حياة كل مواطن سوري. لهذا السبب ترك العديد من اللاجئين بلدهم، ليس فقط بسبب تهديد الإرهابيين، بل في الواقع بسبب عدم توافر الاحتياجات الأساسية لحياتهم ولسبل معيشتهم كي يستمروا في حياتهم الطبيعية، سواء من حيث الغذاء، أم التعليم، أم الرعاية الصحية، أم أي شيء آخر. لم يعد ذلك متوافراً، ولذلك يغادرون سورية للعيش في مكان آخر والحصول على الحد الأدنى من الحياة الذي يمكن لأي شخص أن يسعى إليه.
صندوق الاقتراع هو الفيصل
في سياق عملية صنع السلام. هل يمكن أن تفكر في الاستقالة كخيار، إن كان ذلك ضرورياً من أجل المصالحة؟
إن استقالة الرئيس أو استمراره في منصبه قضية وطنية وترتبط بكل سوري.. لأن الرئيس في سورية ينتخب مباشرة من الشعب السوري. ومن ثم فإن هذا ليس حق الحكومة أو المعارضة، بل هو حق كل سوري، ومن ثم فإن صاحب القرار الوحيد في هذا الصدد هو صندوق الاقتراع. كل من يرد من الرئيس أن يغادر، يستطع الذهاب إلى صندوق الاقتراع وأن يقول: «لا.. لا نريده». هذه هي الديمقراطية في سائر أنحاء العالم، ولذلك، فإن هذا أمر لا نناقشه سواء مع المعارضة أم مع أي بلد آخر، هذه قضية سورية وتتعلق بالدستور. إن موعد إجراء الانتخابات أو الانتخابات المبكرة، ليس موضوعاً على الطاولة الآن، لكن هذه هي الطريقة الوحيدة لتحديد إذا ما كان علي المغادرة أم لا. مرة أخرى، لست أنا سبب المشكلة، أنا كرئيس علي مساعدة بلادي خلال الأزمة، لا أن أهرب وأنجو، أو أقول.. «علي أن أغادر وأترك الناس يدافعون عن أنفسهم». لا، ليس هذا هو الحل. في الأزمات ينبغي على الرئيس أن يكون ممسكاً بزمام الأمور وأن يتصدى للأزمة، ثم بعد انتهائها يمكن أن يقول إنه يريد أن يبقى أو يغادر، وعندها يمكن للشعب السوري أن يقول له: «ابق» أو «لا، عليك أن تغادر، فنحن لم نعد نريدك».
توقعات بعودة اليابان إلى سياستها السابقة
ما الدور الذي تتوقع من اليابان أن تلعبه في صنع السلام وإعادة بناء سورية؟
دعني أكن صريحاً معك كضيف ياباني في سورية.. منذ استقلالنا ومنذ إطلاق العلاقات بين سورية واليابان قبل عقود لعبت اليابان دوراً مهماً وحيوياً في تطوير مختلف البلدان بما في ذلك سورية من خلال دعم البنية التحتية وما إلى ذلك.. وقد كانت اليابان دائماً غير منحازة فيما يتعلق بمختلف القضايا في الشرق الأوسط.. كانت دائماً تحترم القانون الدولي حتى بداية هذه الأزمة.. حيث خرقت اليابان هذه النزعة عندما قالت إن على الرئيس السوري الرحيل.. السؤال هنا: هل يستند هذا إلى قيم وأخلاق الشعب الياباني؟ بالتأكيد لا.. الجميع يعرف مدى أخلاقية المواطنين اليابانيين.. هل يستند ذلك إلى القانون الدولي؟ لا.. فنحن بلد مستقل ذو سيادة.. وليس من حق أحد في العالم أن يحدد من ينبغي أن يبقى ومن ينبغي أن يذهب.. للأسف.. أتى هذا انسجاماً مع السياسة الأميركية والغربية.. ومن ناحية أخرى.. انضمت اليابان إلى الحصار على سورية.. وهي التي كانت تساعد الشعب السوري.. هل يرتبط الحصار الذي فرض على الشعب السوري بأي شيء يتصل بمصالح الشعب الياباني أو قيمه أو قوانينه أو دستوره أو أي شيء آخر؟ لا أعتقد ذلك.. ومن ثم.. كيف يمكن لليابان أن تلعب ذلك الدور على حين ليست لديها سفارة… ومن ثم لا تستطيع أن تعرف ما يجري هنا.. في الواقع أنها تعاني العمى مثلها في ذلك مثل العديد من البلدان الغربية التي لا ترتبط بأي علاقة مع حكومتنا أو مع بلدنا.. ومن ثم لا تستطيع أن تلعب أي دور لأنها لا تعرف ما يحدث.. معلوماتها مستمدة من الدول الغربية.. وهو أمر سخيف بالنسبة لنا.. لا تستطيع التحدث عن إعادة البناء في سورية على حين تفرض حصاراً عليها. لا تستطيع أن تعطي الغذاء بيد وتأخذه باليد الأخرى.. ومن ثم.. فإن هذا يتعلق بسياسة اليابان.. عليهم أن يعودوا إلى القانون الدولي.. فنحن بلد ذو سيادة.. وقد كانوا دائماً يحترمون سورية.. ونحن نتوقع منهم أن يعودوا إلى ذلك الخط الذي ميز اليابان عن معظم دول العالم.. هنا يمكن لليابان بالتأكيد أن تلعب دوراً مهماً وحيوياً فيما يتعلق بالسلام والمحافظة على الدماء وإعادة بناء سورية لمساعدة أولئك الناس، معظم اللاجئين ليسوا بحاجة لأن يرحب بهم أحد في ألمانيا أو فرنسا أو أي بلد آخر. إنهم يريدون العودة إلى بلادهم ولا يريدون أن يحصلوا على المساعدة هناك.. بل يريدونكم أن تساعدوهم هنا.. هكذا نرى دور اليابان في المستقبل.. ونأمل أن تعود اليابان التي كنا نعرفها خلال العقود الماضية.
كما تعرفون.. فإن لليابان تجربة ودوراً في بناء الدول.. فقد قدمت لبلادكم المشورة حول إعادة البناء والإعمار قبل سبعين عاماً
بالتأكيد.. بالطبع.. نأمل ذلك.
لا معلومات عن «جوم بي ياسوده»
كما تعرفون فإن الصحفي الياباني «جوم بي ياسوده» صحفي قدير، وهو صديقي، اختطف في سورية في حزيران 2015 هل لديكم أي معلومات عن وضعه ومكان وجوده؟
حتى هذه اللحظة لا.. ليست لدينا أي معلومات عنه.. نشعر بالأسف لهذا.. ونحن كسوريين نستطيع أن نفهم مشاعر أسرته لأن لدينا العديد من المفقودين في سورية خلال هذه الحرب. نحن نفهم مشاعر أسرته ونشعر بالأسف لذلك.. لكن لو كانت لدينا أي معلومات لكنا زودناكم بها.
«جبهة النصرة» تحتفظ به رهينة.
نعم.. وأعتقد أن الجهة التي يمكن أن تساعد في الحصول على معلومات هي تركيا.. لأنهم هم من يشرفون على «النصرة».. لا بد أن يكون بحوزتهم جميع المعلومات التي لدى «النصرة».. بحوزة مخابراتهم وحكومتهم.
وهل تواصلت الحكومة اليابانية معكم في هذا الصدد؟
للأسف لا.. لم يحدث أي اتصال بين الحكومة السورية والحكومة اليابانية فيما يتعلق بأي موضوع.. بما في ذلك موضوع هذا الصحفي الياباني الذي هو مواطن ياباني في النهاية.
«التحالف» دمر البنى التحتية
لقد حددت الدور الياباني من خلال انتماء اليابان كعضو في «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة
لكن السؤال هو: ما الذي حققه هذا «التحالف»؟ في الواقع لا شيء. «داعش» يتوسع منذ بداية ضربات «التحالف» الجوية والتي كانت ضربات تجميلية، أنا صريح جداً معك، حتى تدخل الروس ضد «داعش» في أواخر أيلول عام 2015 عندها بدأ «داعش» بالانكماش.. وبالتالي فإن هذا «التحالف» لم يحقق شيئاً.. كل ما فعلوه هو قتل الجنود السوريين الذين يحاربون «داعش» في تلك المنطقة.. لقد دمروا البنية التحتية للسوريين والتي بنيت على مدى السنوات السبعين الماضية منذ الاستقلال.. وقد فعلوا ذلك في كل قطاعات البنية التحتية.. سواء تعلق ذلك بحقول النفط أو المدارس أو الجسور أو مصافي النفط.. لقد دمر «التحالف» كل شيء.. وهذا هو للأسف الإنجاز الوحيد لـ«التحالف».
إعادة البناء بدأت قبل نهاية الأزمة
ماذا عن خطتكم لإعادة بناء هذا البلد؟ كم من الوقت سيستغرق ذلك؟ ما برنامجكم الزمني لذلك؟
لقد بدأنا قبل نهاية الأزمة، فوضعنا الخطط وبدأنا في الضواحي المحيطة بدمشق.. والآن نخطط لحلب والمدن الأخرى لإعادة بناء ضواحٍ جديدة بدلاً من تلك التي دمرت.. لكن بطريقة حديثة.. وبالتالي.. نحن لم ننتظر.. ولن ننتظر إلى أن تنتهي الأزمة.. يمكننا البدء مباشرة.. فالشعب السوري مصمم على إعادة بناء بلده.. نحن بنينا سورية.. فسورية لم تبن على يد الأجانب.. نحن بنيناها بجهود مهندسينا وعمالنا ومواردنا وبمساعدة بعض أصدقائنا.. وقد كانت المساعدة مالية وليست تقنية.. وبالتالي.. فنحن نمتلك القدرة على إعادة بناء سورية.. إن ذلك يستغرق وقتاً لأنه يتطلب الكثير من المال.. كل سوري سيعيد بناء منزله طبقاً لموارده.. حتى لو كانت محدودة.. هناك المغتربون.. وهناك اللاجئون الذين غادروا سورية.. وبعضهم في وضع جيد ويريدون العودة.. وبدعم من أصدقائنا.. روسيا والصين وإيران.. وهناك العديد من البلدان الأخرى بدأت بمناقشة إعادة إعمار سورية.. وستقدم المساعدة من خلال مواردها المالية.. هناك العديد من الموارد لإعادة بناء سورية.. المسألة لا تتعلق بالوقت فهي ستستغرق وقتاً.. إن أي عملية لإعادة البناء تستغرق وقتاً.. لكن الأمر الأكثر أهمية هو القدرة على إعادة البناء.. ونحن لسنا قلقين حيال ذلك.. ما يقلقنا هو كيف نتمكن من إعادة بناء عقول الناس الذين وقعوا تحت سيطرة «داعش» و«النصرة» لعدة سنوات.. وقد لوثت عقولهم بسبب الأيديولوجيا التي زرعوها فيها.. التي وصفتها بالأيديولوجيا الكريهة أو الأيديولوجيا الوهابية.. لقد رأى هؤلاء الموت والقتل.. وفي بعض الأحيان قتل الأطفال بأيديهم أشخاصاً أبرياء.. كيف نستطيع إعادة بناء تلك العقول أو إعادة تأهيلها… هذا شاغلنا الأكبر بعد الأزمة.
شكراً جزيلاً لكم.
شكراً لكم.