أبناء يرثون آباءهم على «حياة عينهم».. و بنات طلبن الحجر على أبيهن بسبب الميراث! .. الأزمة ترفع نسبة خلافات الميراث بين الأقارب إلى 50 بالمئة
| محمد منار حميجو
أفرزت الأزمة التي تمر بها البلاد الكثير من الظواهر الغريبة على المجتمع السوري منها ما لم يكن موجوداً بالأساس وأخرى كانت محدودة لدرجة أنها نادرة الحدوث في مجتمعاتنا فارتفاع نسبة الخلافات الإرثية واحدة من هذه الظواهر التي ولدت من رحم الأزمة.
تحدث يوميا قصص في المحاكم الشرعية عن موضوع الميراث تضمنت في فحواها الغرائب والعجائب حتى إن القارئ سيتساءل في قرارة نفسه بعد أن يقرأ القصص هل هذا موجود في سورية؟ وأين الرادع الديني والأخلاقي عند الأبناء والأقارب بشكل عام؟
وقد اطلعت «الوطن» على بعض هذه القصص ومنها أن أربع نسوة وهن أخوات دخلن على القاضي إحداهن حصلت على وكالة عامة للتصرف بأموال والدها التي تقدر بالمليارات ما دفع الأختين الصغريين إلى رفع طلب حجر على الأب المريض إلا أن هذا القرار لم يرق للأختين الكبيريين ما دفع الكبريين إلى تقديم شكوى بذلك.
وظن القاضي أن الصلح هو سيد الأحكام فقرر جمع الأخوات المتنافسات على ميراث والدهن في المحكمة وما إن وجه القاضي سؤاله للأخت الكبرى التي ادعت أنها تصرف على والدها بقوله: «هل تجلسين مع والدك وتصرفين عليه؟» فما كان من الأخوات الأربع إلا أن هجمن على طاولة القاضي وبدأ الصراخ بينهن والمحاميان الوكيلان عن الطرفين يستمعان لهذه المشاجرة بذهول على حين القاضي وقع فريسة الصراخ الذي لم يعد يُفهم منه شيء.
وبعد عراك دام أكثر من عشر دقائق غضب القاضي علماً أنه من النادر أن يغضب وأمر الأخوات الأربع بالخروج من المكتب، فما كان من الأخت الكبرى إلا أن قالت لأخواتها إن والدها في العناية المشددة بين الحياة والموت.
سألت القاضي عن طبيعة المشكلة فكان جوابه: إن والد الأخوات يملك المليارات ولديه عقارات ومساكن في المالكي: مضيفاً: إنه من الغريب أن الأخوات يتنازعن على فواتير المشفى وغيرها من الحاجات الضرورية للأب لدرجة أن إحداهن طلبت تدخل الهلال الأحمر لرعايته.
قصة الأخوات هي واحدة من عشرات القصص التي تحدث شهرياً، ومنها أن أولاداً طلبوا الحجر على والدهم الذي يعد من أهم التجار في البلاد ودب الخلاف بينهم لأنهم قرروا أن يتقاسموا تركته بينهم علما أنه ما زال على قيد الحياة إلا أنه للأسف مقعد على كرسي لكونه طاعناً في السن.
وقال القاضي الذي أشرف على الكشف على بيته: حينما دخلت إلى بيته طلب الأب كأساً من الماء إلا أنه لم يتحرك أحد من أولاده لجلب الماء له فاستغربت للقسوة التي يملكونها على والدهم وتساءلت: هل هم بالفعل أولاده؟
وأضاف القاضي: إن المصيبة الكبرى أن إحدى بناته كانت تجبره على النزل معها إلى البنك لسحب أموال منه وبمبالغ كبيرة وحينما شعر موظفو البنك أن الأب فيه خلل طلبوا موافقة القضاء على سحب أي مبلغ، وهنا رفع الأولاد طلب حجر على الأب لتقسيم تركته بينهم.
وكشفت مصادر قضائية أن نسبة ارتفاع الخلافات الإرثية بين الأقارب بلغت 50 بالمئة وأن 15 حالة تستقبلها دمشق شهرياً، معتبرة أن النسبة كبيرة جداً مقارنة بما قبل الأزمة التي كانت لا تتعدى الحالتين في الشهر.
وفي تصريح لـ«الوطن» أوضحت المصادر أن الأزمة لعبت دوراً بارزاً في ارتفاع معدل الخلافات الإرثية وذلك أن الكثير منهم استغل سفر أقاربهم ليحرموهم الميراث فيسارعوا إلى تقسيم التركة ولو كان صاحبها ما زال حياً.
وبينت المصادر أن هناك معاملات تستقبلها المحاكم حول تقسيم التركة والخلافات تسود أصحابها لدرجة أنها تصل إلى التهديد المباشر بين الأقارب والقطيعة الشديدة، مضيفة: إن علم الفرائض المستمد من الشريعة الإسلامية وضع ضوابط وحدود للمسائل الميراثية لدرجة أنه لا يمكن أن يظلم أحد.
واعتبرت المصادر أن الرادع الديني والأخلاقي عند الورثة غاب لدرجة أن الكثير منهم لم يعد يهمهم صلة القرابة مهما كانت درجتها بينهم، معتبرة أن هذا الأمر من أخطر الآفات التي تهدد المجتمع السوري علماً أن مثل هذه الخلافات كانت قليلة الحدوث.
وأشارت المصادر إلى أن هناك من يتعمد حرمان الإناث من الميراث وتهديدهن في حال طالبن بحقهن، مؤكدة أن هؤلاء بعيدون عن الشريعة والقانون باعتبار أن للأنثى نصيباً من الميراث وهو حق لها لا يستطع أحد أن يمنعها منه.