علة العلل
| محمود الصالح
يبدو أننا لم نصل إلى قرار حاسم بحل المشكلة الأساسية التي يعاني منها الجميع رغم توصيفنا لها، ومعرفتنا اليقينية بالداء والدواء. الجميع متفقون من الحكومة إلى المواطنين وما بينهم من حلقات مختلفة ومتسلسلة على أن العلة الأساسية التي تضغط على الحكومة وعلى المواطنين على حد سواء هي مشكلة عدم ضبط الأسعار. حيث نجد الأسعار التي تضعها الجهات المعنية غير محترمة من قبل الجميع. سائق التاكسي لا يلتزم بالعداد ويأخذ الضعف وبالتالي يستنزف المواطن، وبائع الخضار كذلك وجميع الباعة دون استثناء.. ملف شائك وكبير ومعقد خسائر بالمليارات لخزانة الدولة نتيجة اعتماد فواتير وهمية لمعظم المستوردات حتى لا يدفع التاجر عليها الضريبة الحقيقية، بالمقابل يحصل على أسعار من التموين تفوق التكاليف بعدة أضعاف، ومع هذا وذاك لا يلتزم البائع بالأسعار التي توضع.. كلفة البدلة الرجالية في إحدى الجهات العامة 10 آلاف ليرة ومن أجود الأنواع ونفس القماش ونفس الموديل والخياطة نجدها على بعد أمتار في الصالحة بقيمة 35 ألف ليرة، أحد الخبراء في صناعة الألبسة قال لي أفضل طقم رجالي اليوم يكلف 14 ألف ليرة.. هذا مثال فقط يدفعنا لطرح آلاف الأسئلة: من الجهة المعنية بالتسعير الموضوعي؟ ولماذا نحرر الأسعار ونحن في حالة حرب؟ كل فئة من المجتمع تلقي اللوم على الأخرى، والحقيقة أن الكل مدان في هذه الفوضى. التموين معني بذلك لأنه يرتشي من أصحاب الفعاليات لترتد رشواه على ملايين المواطنين. والقضاء معني لأنه يتساهل في الدعاوي المرفوعة أمامه.
اليوم المواطن لا يريد زيادة أجر إنما يريد ضبط الأسعار. هل هذا مطلب صعب على حكومة حاربت معظم العالم وانتصرت؟ المواطن يريد من حكومة «الفقراء» أن تضرب بيد من حديد كل النفوس الضعيفة ابتداء من سماسرة الدم الواقفين على أبوابها، إلى جميع مفاصل العمل الحكومي، يكفينا شعارات وتصاريح، المواطن ينتظر أن يصله الغذاء والكساء والدواء بما يمتلك من دخل، هل هذا مطلب صعب التحقيق.