إستراتيجية بوتين حيال سورية والمنطقة: «سورية موحدة» ومساعدة الجيش لبسط سيطرته على البلاد
| الوطن – وكالات
كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عناصر سياسته تجاه سورية، مبيناً أن الجهد الروسي خلال العام 2017 يتركز على مساعدة الجيش السوري على الأرض بالترافق مع زيادة جاهزيته القتالية من أجل بسط سيطرته على سورية، وذلك استعداداً لعودة القوات الروسية المنتشرة حالياً إلى قواعدها في حميميم وطرطوس.
أما على الصعيد السياسي فحرص الزعيم الروسي على إبداء بعض الود حيال الولايات المتحدة، وعرض عليها إقامة «تعاون بناء» في سبيل تسوية الأزمة السورية، كما لفت إلى أن بلاده بحاجة إلى دعم السعودية والأردن ومصر في هذا الصدد، وخصوصاً أنها قد تمكنت من تيسير دعم كل من أنقرة وطهران لها عبر «عملية آستانا».
وعرض بوتين فكرته حول «سورية موحدة» تعمل الأطراف المتناحرة فيها كافة «معاً» لمكافحة الإرهاب وبناء المستقبل، وسط مصالحة بين الفاعلين الإقليميين المتصارعين. وستتضمن التسوية الداخلية «حوار بين الحكومة والمعارضة، بمن فيها المسلحة»، من أجل «كتابة دستور جديد، وإجراء انتخابات تحت رقابة دولية صارمة وشديدة».
وكشف عن استعداد موسكو من أجل تقديم الدعم للجماعات المسلحة المستعدة لمحاربة تنظيم داعش و«جبهة النصرة»، معلناً أن الحكومة السورية توافق على ذلك.
وكشف بوتين في برنامج وثائقي مع المخرج الأميركي أوليفر ستون، أن روسيا كانت قريبة جداً من التوصل لاتفاق بشأن سورية مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قبل أن تستنكف عن ذلك في آخر لحظة لأسباب سياسية، في إشارة إلى اتفاق التاسع من أيلول الذي توصل إليه وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري خريف العام (2017) الماضي.
وقال: «هدفنا هو دعم الحكومات الشرعية ومنع تفكك الدولة السورية، وإلا فإن هذه المنطقة سوف تصبح ليبيا أخرى، أو ما هو أسوأ، أو صومال أخرى. وثانيا، هدفنا هو محاربة الإرهاب، وهذا ليس بأقل أهمية لنا».
ورداً على إذا ما كان يجب تقسيم سورية، لحل الأزمة في هذا البلد، شدد بوتين على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سورية والتوفيق بين الأطراف المتنازعة في المنطقة. وقال: «هناك الكثير من الخيارات والسيناريوهات (لحل الأزمة السورية)، لكننا نفترض دائماً، أنه من الضروري الحفاظ على وحدة هذا الوقت، يجب علينا اتخاذ الخطوة التالية، والنظر إلى المستقبل»، وتساءل قائلاً: «ماذا سيحدث، إذا قسمنا سورية؟ هل سيؤدي هذا إلى المواجهة الدائمة بين الأجزاء المنفصلة؟».
وتابع مشدداً: إن «الجميع يجب عليهم إبداء حذر كبير وبذل كل الجهود المتاحة لكي تتمكن الأطراف المتناحرة كافة، باستثناء الإرهابيين، «من العمل معاً».
ولفت بوتين إلى أنه أجرى حواراً مع الرئيس بشار الأسد قبل اتخاذ القرار ببدء العملية العسكرية في سورية. وتابع قائلاً: «تبين أنه يفهم الكثير من المشكلات بنفسه. وهو ليس فقط على استعداد للحوار مع المعارضة، بمن فيها المسلحة، بل على استعداد أيضاً للعمل معهم على دستور جديد، ومستعد للموافقة على وضع الانتخابات الرئاسية المبكرة المقبلة المحتملة تحت رقابة دولية صارمة وشديدة».
وكشف بوتين عن أن روسيا ستدعم الجماعات المسلحة «السنية» التي ستحارب داعش و«جبهة النصرة» وهناك موافقة على ذلك من الرئيس الأسد والعسكريين السوريين.
وشدد على أن روسيا ستتصرف بحذر في سورية لكي تثبت كل خطوة جديدة النتائج التي تم تحقيقها ولا تدمرها، مؤكداً في الوقت نفسه أن روسيا بحاجة إلى الدعم من الولايات المتحدة والسعودية والأردن ومصر من أجل تسوية الأزمة في سورية.
وكان بوتين ذكر خلال حواره المباشر السنوي مع المواطنين أن مهمة روسيا «على المدى القريب تكمن في زيادة مستوى الجيش السوري وقدراته القتالية، لكي نتمكن بعد ذلك من الانسحاب بهدوء إلى مراكز المرابطة في حميميم وفي قاعدة طرطوس، ولنتيح للقوات السورية فرصة العمل بفعالية وتحقيق أهدافها المرجوة». وأكد أنه حتى بعد هذا الانسحاب، سيكون بإمكان الطيران الروسي تقديم الدعم الجوي الضروري للجيش السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية.
على خط منفصل، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن وضع جبهة النصرة أصبح يمثل «لغزاً كبيراً» لروسيا، على خلفية استمرار المساعي الأميركية لتجنيب الإرهابيين الضربات، على الرغم من تغيير الإدارة في واشنطن.
وشدد قائلاً: «في الواقع نرى فقط العمليات (التي يشنها التحالف الدولي) لمحاربة «داعش»، لكننا لا نلاحظ أي جهود للتصدي للنصرة والجماعات التي اختلطت معها».