ثقافة وفن

المغترب السوري عين الوطن ونبض قلبه … الشاعرة سعاد إبراهيم بأنفاس ياسمين ديوانها تقول للعالم كلّه: هنا سورية

| سوسن صيداوي

أنفاس الياسمين السوري تفوح من دمشق منطلقة حول العالم، معرّفة عن السورية الحقيقية، وعن حب كبير لوطن، لا تعبر عنه مشاعر ولا يمكن لكلمات أو مفردات أن تصفه. هذا الحب تحدى أقوى ظروف الغربة وأقساها، محتجزا بين نبضات قلوب أصحابه التي تكبر به، لأنه حب الوطن الكبير.. حب سورية العظيمة. ولأن المغترب هو كلمة السر لفتح عقول وأذهان ومشاعر مجتمعات بعيدة عن مجتمعاتنا، لهذا حمل أبناء الوطن المغتربين الرسالة، لنشر الوعي والحقيقة، بأن سورية وطن لكل الأبناء، ولم يستغن يوماً عن أي ابن له، بل على العكس سيفرح بعودة ابنه الضال. ليس هذا فقط فهؤلاء الأبناء البارون يسعون للنشر عبر ما أمكن من معارض وحفلات موسيقية وندوات ثقافية وعبر نشر كتب أو دواوين شعرية، وحتى من خلال جمعيات أو ورشات عمل لإيصال الفكرة الحقة عما يدور على أرض الوطن، وهذا أمر نحن على معرفة به، بعكس الخارج الذي يظن أن سورية بلد يعيش في الخيام وليس فيه أي مظهر حضاري. ولمتابعة هذه الرسالة ولأن ما يقوم به هؤلاء الأبناء هو صادق بحق ولضرورته الملحة، أقامت مكتبة الأسد على المدرج الصغير، ندوة ثقافية للتعريف بديوان «أنفاس ياسمين سورية» للشاعرة والأديبة السورية المغتربة سعاد إبراهيم، هذا الديوان الذي طُبع في السويد باللغة السويدية شاملاً نصوصاً شعرية لشعراء سوريين بغية إيصال بانوراما سورية للشعب السويدي والأوروبي، تترجم أفكار السوريين العابقة بحب وطن الحضارة والمحبة والسلام، حيث امتلأ المدرج بشخصيات سياسية وأدبية وثقافية وإعلامية، وعلى سبيل الذكر عضو مجلس الشعب جانسيت قازان والباحثة الدكتورة أيسر ميداني والمخرج ريمون بطرس الذين قاموا بمداخلات خلال الندوة، إضافة إلى حضور عدد من الشعراء والأدباء وأعضاء اتحاد الكتاب العرب، علاوة على الأصدقاء والمتابعين.

بطاقة تعريف
قام بإعداد الندوة وإدارتها الإعلامية إلهام سلطان التي تحدثت عن الشاعرة سعاد إبراهيم، معتبرة إياها حفيدة الخنساء وزنوبيا، وابنة الحضارة التي علّمت العالم الحروف الأبجدية وعزفت للعالم الموسيقا الأولى، مشيرة إلى أن الشاعرة هي نموذج السيدة السورية التي حلّقت عاليا إلى بلاد الضباب ولكن بقي وطنها سورية مغروسا في عقلها وقلبها ووجدانها، متابعة: «عندما بدأت هذه الحرب الظالمة على سورية، شاعرتنا لم تقف مكتوفة الأيدي، وخاصة عندما بدأ الإعلام الغربي بتشويه كل شيء، هي رفعت صوتها عاليا لتقول إن بلد الشمس سورية لن تستطيع دول الظلام أن توقف نوره، وتابعت مسيرتها هذه بقلمها رغم وضعها الصحي، وكتبت ديوان «أنفاس ياسمين سورية» الذي جمع قصائد لشعراء سوريين، على حسابها الخاص، ووضعته في المكتبة الملكية في السويد، كي تؤكد فكرة أن الإنسان السوري إنسان حضاري». ومضيفة: «الشاعرة السورية تركت وطنها منذ تسعة عشرين عاماً إلى السويد، أديبة كاتبة شاعرة، قاصة وإنساناً، صدرت لها دواوين عديدة أهمها: يلهب الشوق وجدي، رسائل من إمرأة مغتربة، لم أكن قد غفوت، طلقة الثلج الأخيرة، قصص قصيرة، وجدانيات باللغة السويدية، وقصص أطفال مترجمة من اللغة السويدية إلى العربية».

شعر إنساني شامل
خلال الندوة تحدث الشاعر صالح الهواري عن أعمال الشاعرة وترجماتها، شارحا بشكل تفصيلي الأسلوب الشعري الذي تميّزت به قائلاً: «أول سمة لشعرها هي اتشاحه بظلال وجدانية تصلح لأن يتفيأ فيها أي إنسان في العالم، إذاً هو شعر إنساني ووجداني يتلاقى فيه إيقاع وجدانها كسورية بإيقاع وجداني عالمي، وهذا ما يجعله يحمل صفة الخلود، لكونه ليس شعر مناسبات أو شعراً محلياً محصوراً بمكان معين، أنه شعر الشمول والإنسانية في أجلى معانيها. أستطيع أن أقول إنني عاصرت تجربتها الإبداعية في الشعر منذ بدايتها، وأعجبت بكتاباتها التي تقود الغيم إلى الصحراء لتسقي نخيلا يرنو إلى مطر إبداعي، ابتكرته الأديبة الشاعرة سعاد إبراهيم بقدرة فنية فائقة، تجلت في البعد عن استخدام التراكيب الجاهزة، والتعامل مع الصورة الشعرية البسيطة التي تكتنز أسمى المعاني، إنها صورة موظفة إنسانيا وحياتيا وبعيدة عن الترف والعبث، وأما نفسُها الشعري في كتابة النص فهو قصير لا يحتمل الإسهاب الذي لا يفضي إلا إلى التقريرية والمباشرة، وهذا أدبها في جلّ نصوصها وهو مايسمى الاختزال(البلاغة في الإيجاز)».
الشعر قابل للترجمة

من جانبه اعتبر الدكتور حسام الدين خضور مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب، أن هذه المناسبة تتوافق مع طموحات وزارة الثقافة، ممثلة بالهيئة العامة للكتاب ومديرية الترجمة، معتبرا أنه من الواجب المبادرة إلى تقديم أدبنا وثقافتنا ومدنيتنا إلى الأخر، لأن ثمة قوى أخرى تعمل على تشويهنا، مؤكداً أهمية مبادرة الشاعرة والقاصة سعاد إبراهيم، مشيراً إلى نقطة جدّ مهمة تقوم بها الجهات المعنية بالثقافة في البلدان الصغيرة مثل تشيكيا وسويسرا، حيث تشجع ترجمة نتاج كتّابها وشعرائها إلى لغات أخرى من خلال دفع تكاليف الترجمة إلى تلك اللغات، مضيفاً إن الهيئة العام السورية للكتاب ستعمل على دراسة تجارب الشعوب الأخرى في ترويج نتاجها الفكري عالميا، متابعا بشأن ترجمة الشعر ما هو التالي: «قال المنظرون وهم قامات عالية في عالم الأدب، إن الأدب لا يترجم، ولاسيما الشعر، لأسباب في مقدمتها: الوزن والقافية والمحسنّات البديعية والفروق الثقافية؛ لكننا في الحياة نترجم ونشعر بالمتعة الفنية والجمالية والمعرفية فيما نقرأ من ترجمات في القصة والرواية والشعر والمسرح وغيرها من الأجناس الأدبية، وتزداد ترجماتنا يوماً بعد يوم ونطالب بالمزيد دائما. ما يُكتب كل يوم في هذا الموضوع كثير ومعظمه يشكو الترجمة وقصورها عن تقديم نموذج تام بين النص المصدر والنص الهدف. ورأيي باختصار هو أن الشعر قابل للترجمة، لأن الشعر روح تستطيع أن تحل في كل شيء وتحوله إلى شعر خالص بشيء من العمل الإبداعي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن