من دفتر الوطن

خزانات الغضب

عبد الفتاح العوض : 

ساعة الغضب ليس لها عقارب. هكذا قال غاندي ذات يوم.. وإليكم من عجائب السوريين في هذه الأزمة أنهم يضبطون أعصابهم بنجاح في القضايا الكبرى، ويفقدون أعصابهم في الصغائر بجنون.
أظن، الكثير منّا عاين هذه الحالة التي يستسلم فيها للمشكلات العويصة أو للمواقف الصعبة التي يتعرض لها، ومنها ما يكون الاقتراب من الموت أو العيش في الخطر أو التعرض لخسارات كبيرة سواء خسارات بشرية من أهل وأصدقاء وما أكثرها! أم خسارات مادية وأيضاً ما أكثرها!
بالمقابل، الواحد منّا يصبح نزقاً، وسريع الغضب في حالات أخرى مثل الدخول في جدال أو حتى نقاش مع صديق.
أو تلك المشكلات الصغيرة التي تحدث في كل البيوت، أو حتى تلك الصغائر التي يتعرض لها البشر وهم يتعاملون مع بعضهم في أماكن عامة، كأن يختلف جاران في السرفيس أو يختلف اثنان على موقف سيارة وغيرها من الأشياء الاعتيادية.
كيف نمرر الخسارات الكبرى بلا غضب ولا نزق، على حين نجد أنفسنا نتحول إلى كتلة صراخ في التوافه من الأمور؟
التفسير البسيط ولا أدري إن كان صحيحاً أننا في المشكلات الكبرى لا حول لنا ولا قوة، نستسلم من ضعفنا ونضغط على انفعالاتنا بحيث لا تظهر، إما لأنه لا يفيدنا أن تظهر وإما لأنها «تضرنا» أكثر إذا ظهرت.
بينما نترك لأنفسنا العنان ونحن نتجادل مع الأصدقاء، وندع غضبنا يتفجر في البيت، وتنهمر انفعالاتنا في العمل. كل هذا لأن ذلك ممكن وبلا عواقب «وخيمة»، ثم إنها تظهر بهذا الحجم والقوة ليس من الصغائر بل من مخزوناتنا من الكبائر… تحولنا إلى خزانات نزق تنفجر في المشكلات الصغيرة.
كأننا نحتفظ بكل غضبنا للقضايا الصغيرة.
جاء رجل إلى رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم وقال له: أوصني، فقال له الرسول: لا تغضب. مرة أخرى يسأل الرجل: زدني يا رسول الله. ويعيد الرسول النصيحة: لا تغضب. ومرة ثالثة يسأل الرجل السؤال ذاته ويجيب الرسول: لا تغضب.
في علم النفس يقولون إنك تحتاج من نصف دقيقة إلى دقيقة حتى تستطيع أن تتعامل مع الانفعال بحكمة، بمعنى آخر إنك تحتاج إلى هذا الوقت لكبح الغضب حتى تستطيع أن تعيد قراءة الموضوع بأحرف واضحة. نحن أنفقنا أربع سنوات ونصف السنة ولم ننجح بعد بالتحكم بغضبنا!!!!!.

•••
الرجل الذي يفكر من لحيته
في نيسان من عام 2010 – زمن العسل السوري القطري – كتبت هنا في هذه الزاوية عن «الرجل الذي يفكر من لحيته» وكانت عن أحمد منصور مذيع الجزيرة عندما أساء للشعب السوري كله في مقابلته مع عبد الكريم النحلاوي أحد رموز الانفصال. وقتها قال منصور عن الشعب السوري: إنه يقبّل حذاء عبد الناصر وإنه شعب «بينضحك عليه».
أستذكر هذا العنوان من خلال مقابلة منصور مع طيار سوري أسير لدى النصرة، في هذه المقابلة يتصرف منصور كمحقق يتبع النصرة، يريد أن يجعل الأسير يقول أشياء لا يعلمها لكنها أشياء تساعد منصور والنصرة معاً.
كنت أقول إن الرجل يفكر من لحيته، يبدو أنه لم يعد «يفكر أبداً» أصبح كله لحية ولحية….!!.

أقوال:
• لا ينال العلا من طبعه الغضب
• عندما يتصرف الإنسان بغضب يصبح كمن يتناول السمّ ويتوقع أن يموت به الآخرون.
• اكتب رسائل الغضب إلى أعدائك ولكن لا ترسلها إليهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن