قضايا وآراء

الوجه الآخر للعدوان… أوراق للسياسة أم للكارثة..!؟

عبد السلام حجاب

 

لا يختلف أحد ممن تابع توقيت وحجم العدوان الذي يقوده نظام أردوغان العثماني، بدعم مالي سعودي وقطري، ولوجستي صهيوني وأردني، لقطعان الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة، ضد سورية، إلا وتأكدت لديه قناعة بأن الأجندة الجيوسياسية التي حدد الرئيس الأميركي أوباما خطوات تنفيذها ودور ووظيفة أطراف حلفه الإرهابي بما فيها الجماعات الإرهابية المعدة أو تلك التي يجري إعدادها في معسكرات تدريب فوق الأراضي التركية والأردنية، هي أجندة قيد التنفيذ في عدوان متعدد التسميات، وإن أصبحت حالياً، بحسب مراقبين تصارع توجهات وتداعيات ليست على مقاس تلك الأجندة التقسيمية الإرهابية ما يجعلها أمام طريق مسدود، فإما الانكفاء والهزيمة وإما المغامرة والانتحار وهما خياران أحلاهما مر لسببين:
1- إن صمود السوريين جيشاً وشعباً وقائداً حكيماً وشجاعاً، هو أمر لم يعد بحاجة إلى اختبار جديد بعد مرور أكثر من أربع سنوات من الحرب الكونية المعلنة، حيث شكل الإرهاب وداعموه العصب الرئيسي في هذه الحرب. وهو صمود مازال يؤكد السوريون ثباته، وأنه غير قابل للانكسار أو المقايضة أو التخلي عن التضحيات التي تصنع الانتصارات في السياسة والميدان.
ولعل من يعرف السوريين ويقرأ جيداً وقائع تاريخهم الوطني دفاعاً عن السيادة والاستقلال والمبادئ يدرك أن مصير العدوان الهزيمة.
2- إن محاولة حلف الحرب على سورية بقيادة تركيا العثمانية لقطعان الإرهابيين الإسلامويين والمرتزقة بإسناد ناري ودعم مالي سعودي قطري وقواعد لوجستية استخبارية صهيونية وأردنية. بهدف تحصيل مكاسب سياسية أو فرض شروط سبق لها أن سقطت مع أفول أجندات فشلت، بما فيها الإعلامية، إنما هي محاولة في منزلة أوراق سياسية بائسة لن تبدل في واقعها المراهنة على إقحام مواعيد غير مدروسة لجنيف أو الاتفاق النهائي المفترض بين إيران ومجموعة دول 5 + 1 الكبرى، لأن الطريق الصائب أمام الرئيس أوباما حين يجتمع في كامب ديفيد سيئ الصيت مع حكام الخليج هو بإزالة الحجر الذي يفرضه على تنفيذ قرارات مجلس الأمن 2170 و2178 و2199 المتعلقة بمكافحة الإرهاب والخروج من سجن أوهامه وما ترسمه له مخيلته من أهداف يمكن أن يحققها في سورية أو العراق أو غيرهما من البلدان بواسطة آفة الإرهاب، وإلا فسيؤكد انفصاله عن الواقع في ضوء تحول الإرهاب إلى كابوس يطارد الأوروبيين بمن فيهم فرنسا وإنكلترا اللذان يشكلان رأس حربة في هذا السياق، وأصبح الإرهاب أداة ووسيلة لكل من تركيا والسعودية وقطر للخروج من المأزق ولكن باتجاه الكارثة!؟
لاشك أن هذين السببين يشكلان قوساً نارياً يهدد بما هو أبعد من العدوان على سورية ودول أخرى في المنطقة، لكنهما يفتحان مساحة أوسع مدى للعقل والمنطق السياسي. ولاسيما أن دي ميستورا الباحث عن حل سياسي بين فواصل ونقاط الإرهاب وداعميه، بات اليوم أكثر بعداً عن حلول سياسية يسعى إليها وأكثر قرباً من واقع ينزلق أمامه بسبب أجندات حلف الإرهاب، باتجاه بدائل كارثية لن يوقفها قلق الأمين العام للمنظمة الدولية الذي كان يجب أن يكون قلقه منصباً حيال السلوك الأميركي والغربي تجاه تجميد قرارات الشرعية الدولية في محاربة الإرهاب وإلزام الدول الراعية والداعمة بتنفيذ مندرجات تلك القرارات.
وإذا كان الواقع يشير بوضوح إلى أن العدوان التركي المساند للإرهاب في الشمال السوري يشكل نموذجاً حياً لغياب الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب فإن التمادي السعودي في العدوان على اليمن هو نموذج آخر لا يكشف عجز المنظمة الدولية فحسب بل هيمنة أميركية فاشية تؤكد رغبة أوباما في فرض حلول سياسية تخدم مصالحه الاستراتيجية في سورية والعراق وفق ما كشف عنه عملياً مشروع القرار المقدم إلى الكونغرس الأميركي بشأن تقسيم العراق الذي رفضه شعب العراق ولعل دي ميستورا قد أدرك في خلفية هذا التوجه الأميركي، ما يفصح عن أسباب منعه تنفيذ قرارات مجلس الأمن والحيلولة دون تنفيذ مندرجات تلك القرارات ذات الصلة بمحاربة الإرهاب وإلزام الدول الدائرة في فلكه السياسي والإيديولوجي وتلك الخاضعة لمتطلبات مخططاته التقسيمية في سورية والمنطقة بتفتيت الدولة الوطنية، وخلق كيانات تناسب مقاس أطماع الكيان الصهيوني والعثماني التركي التي تعكس الوجه الآخر للعدوان المتلطي خلف الإرهاب المبرمج لتحقيق أهداف جيوسياسية على حساب سورية، باعتبارها قلعة الصمود في محور المقاومة.
إنه ليس مفاجئاً في ضوء ما أعلنه أوباما وجنرالاته بتقديم العسكرة وإرجاع السياسة والدبلوماسية، أن يواصل حلفه الإرهابي حربه المعلنة على سورية، التي خبر السوريون وجيشهم البطل، مواجهتها وإفشال مخططاتها- لكن المفاجئ لو أن دي ميستورا بما يمثله قد استكان أو اكتفى بالانتقاد، الأمر الذي يجعل مناقشاته في جنيف منصة للإرهابيين ورعاتهم وداعميهم، تذهب بمحاولاته تدوير الزوايا إلى حيث تضيع منه الزوايا والدائرة، فلا يصل إلى حل سياسي يسعى إليه ولا أن يمنع انزلاقات وأفخاخاً تقود إلى الكارثة!؟
ولعله من المفيد التذكير أن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد أكدوا عبر سنوات الحرب وبتحدياتها القائمة قدرتهم على الصمود ومواجهة الأعداء مهما اتخذوا من أسماء وأشكال وصفات ولاسيما أن رجال الجيش العربي السوري قدموا دروساً وعبراً في التصدي للعدوان وفي دحر أدواته الإرهابية، في القصير وكسب والقلمون وحمص وحماة وحلب ولن يكون صعباً أمام إرادتهم الصلبة أن يكتبوا بدمائهم صفحات انتصار جديدة في إدلب وجسر الشغور ومن يراهن على غير ذلك فإنما يربط نفسه بأحلام مثقوبة واحتمالات ساقطة مهما روج لها وخادع بها سياسيون منافقون أو إعلاميون ظلاميون أو مضللون، وليس بعيداً سيعلم الظالمون أي منقلب سينقلبون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن