رياضة

الدوري الممتاز في مرحلة الإياب – الحلقة الثالثة … الهبوط قدر لا مفر له والأسباب داخلية وكثيرة

| ناصر النجار

في البداية نطرح السؤال التالي: هل ظلمت الفرق الهابطة بهبوطها إلى الدرجة الأدنى؟ والجواب: لا، فكلها استحق الهبوط، ولم يكن هناك أي عامل من العوامل الخارجية ساهم بهبوطها وأخطاء التحكيم مرت على الجميع سلباً وإيجاباً، ونطرح السؤال الآخر: هل هناك فرق كانت تستحق الهبوط؟ نقول: نعم: فريق الوثبة أولاً، والكرامة والنواعير بعده بدرجة أقل.
بناء على ما سبق فإن الدوري الممتاز لا يتسع لأكثر من عشرة فرق، لكن الحاجة تفرض وجود أكثر من ذلك لاعتبارات مختلفة.
الأهم من هذا وذاك هو قدرة الأندية على دخول هذا الدوري، فنراها تتسابق وتتزاحم، ثم تئن وتشتكي فيما بعد من نفقات الدوري، وعدم قدرتها على تجهيز الفرق بما يتناسب مع مستوى الدوري ونفقاته.
وبناء عليه فإن العوامل المالية كانت أحد أسباب هبوط فرق: جبلة والفتوة والجزيرة والحرية، ولو امتلكت المال اللازم لما اضطرت لبيع أفضل لاعبيها والتعاقد مع آخرين كانوا أقل مستوى ومردوداً.
أما العامل الثاني وقد يكون الأهم فتمثل بغياب الاستقرار الإداري، فالأندية التي ذكرناها تعرضت لفراغ إداري وتبديل إداراتها أكثر من مرة في الموسم الواحد وهو ساهم بشكل مباشر بزعزعة العمل الفني الذي تأثر مع كل تبديل إداري فتغير المدرب وربما تغير طاقم العمل كله.
العامل الثالث وهو مهم أيضاً وجود الشللية داخل الفرق وخارجها، فلم تتحد أصوات المناصرين في دعم الفريق بل اتخذت أشكالاً متعددة من الدعم واللادعم، فهذا مع الإدارة وهذا ضدها، وهذا مع المدرب، وذاك يرغب بمدرب آخر، والأمر نفسه انسحب على العديد من اللاعبين الذين دفعوا ضريبة تباين وجهات النظر، ومجمل الخلافات هذه.
وبالمحصلة العامة لا تعدو هذه العوامل عن كونها أخطاء وعثرات وقعت بها الأندية ودفعت نتيجتها ضريبة الهبوط.
وسرى مؤخراً كلام حول وقوع مجاملات في بعض المباريات أفضت إلى هبوط جبلة والفتوة باعتبار أن الجزيرة والحرية فقدا الآمال مبكرين، فإن هذا الكلام غير مقبول شكلاً ومضموناً لأن البقاء بالدوري كان بيد جبلة والفتوة، لكنهما لم يحققا النتائج المطلوبة أواخر الدوري، والكلام هذا يبقى كلاماً وهو حجة الضعيف لأنه يفتقد الدليل الملموس، وكان رئيس اتحاد كرة القدم أعلن صراحة في المؤتمر السنوي أنه من يملك الحجة على أي تواطؤ فإن اتحاده سيعاقب المتواطئين ويهبطهم.
قصة الهبوط أمر محزن، لكنها قدر الأندية التي لم تنجح في الامتحان، وهي قصة كل موسم، ولابد من النهاية الحزينة لبعض الفرق، وعلى مبدأ «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم» فمن المفيد أن تدرس هذه الأندية أخطاءها وعثراتها وأن تعمل على تقويم مسيرتها لتكون جاهزة عند العودة مرة أخرى، والأهم أن يبادر المكتب التنفيذي بوضع إدارات جديدة مسؤولة لهذه الأندية من الآن بدل أن يتم التبديل والتعديل في منتصف الموسم.

ثلاثة عوامل
أكثر من إدارة ومن مدرب شهده فريق جبلة، واستقر أخيراً على إدارة أحمد حميدوش، ومع هذه المتغيرات بدل فريق جبلة أربعة مدربين، فبدأ مع عبد الحميد الخطيب ثم هشام شربيني وإياد عبد الكريم، وانتهى مع عبد الحميد الخطيب ومعه رفعت الشمالي مديراً فنياً.
خلال مسيرته تبين أن حدوده معروفة ولا يمكنه تخطيها، فالفريق الذي تم تجهيزه كان ينقصه الكثير من اللاعبين المهمين في مراكز حساسة، فالخطأ من نقطة البداية في اختيار اللاعبين، فلم يستدع اللاعبين المهمين من فريقه الأصلي الموزع على الأندية، ولم يتعاقد مع لاعبين مؤثرين يغطون النقص، فجاءت النتائج دون الطموح، كان من الممكن أن ينجو لو أنه أحسن الاصطياد في المباريات الأخيرة فواجه الجيش والشرطة والوحدة والكرامة وحطين والجزيرة والطليعة ولم ينل من هذه المباريات أكثر من ست نقاط من أصل 21 نقطة محتملة، فكيف له أن ينجو بهذا الرصيد؟ وبقيت آماله قائمة حتى اللقاء الأخير مع الطليعة، لكنه خسر وهبط، المشكلة الرئيسية في جبلة تبدل الإدارات وتغيير المدربين وعدم الانتقاء الصحيح للاعبين، فريق جبلة بحاجة إلى اهتمام أبنائه ودعمه، فمن المعيب ألا يكون الفريق بين الكبار وقد تصدر الدوري لسنوات عديدة وكان زعيم الكرة السورية فيها.
جبلة جاء عاشر الذهاب بـ(15) وتراجع في الإياب إلى المركز الثاني عشر رغم أن رصيده زاد إلى (16) نقطة، وبالترتيب النهائي في المركز 13 برصيد 31 نقطة.

فوضى كروية
في نادي الفتوة شهدنا فوضى كروية لا مثيل لها، أهمها تبدل الإدارات المستمرة، وتعاقب المدربين وتجاوز عددُهم العشرة فضلاً عن مساعديهم ومنهم: عبد الفتاح فراس- جمال سعيد- سائد سويدان- إسماعيل السهو- محمود حبش- أنور عبد القادر- همام حمزاوي، مع العلم أن بعضهم تعاقب على التدريب لفترات متباعدة مثل جمال سعيد وإسماعيل السهو.
الفريق خسر مجموعة من اللاعبين الجيدين، فدوماً إدارات النادي تبيع لاعبيها لاستجرار مصروف الفريق الباهظ، اللاعبون البدلاء كانوا جيدين، لكنه افتقد إلى العناصر المؤثرة في الخطوط الخلفية، ما ساهم بتراجع أداء الفريق ونتائجه حالة اللااستقرار التي عانى منها على الصعيدين الإداري والفني، ولم يتأثر الفتوة كثيراً بأداء مبارياته في دمشق فجمهوره كان حاضراً ومتابعاً ومؤازراً بل تسبب له ببعض العقوبات في بعض المباريات، مثل مباراته الشهيرة مع النواعير التي ساد فيها الهرج والمرج وعوقب فيها خمسة من لاعبيه بالايقاف.
محبو الفتوة كثر، لكنهم كلهم (رؤوس) والداعمون أيضاً كثر، والمفترض اليوم أن يشهد النادي إدارة جيدة وقوية تقوم على لم شمل الفريق (كوادر ولاعبين) وأن تؤسس لكرة تسير ضمن المسار الصحيح، بعيداً عن المحسوبيات والمصالح الضيقة والمنافع الشخصية، فأبناء (الآزوري) اشتاقوا لعودة الأزرق فارساً من فرسان الدوري.
نقاط الفتوة في الذهاب (15) وهي ذاتها في الإياب، حلّ ذهاباً بالمركز (12) وإياباً (3) وفي الترتيب النهائي بالمركز (14) وله ثلاثون نقطة.

المظلوم الوحيد
فريق الجزيرة قد يكون المظلوم الوحيد بين الفرق الهابطة، لكونه لعب خارج أرضه، الفريق فقد اللمسة الأخيرة فخساراته كلها كانت صعبة وأغلبها بفارق هدف، وحقق في بعض المباريات نتائج لافتة كالفوز على حطين 1/صفر.
فضلاً عن عامل الأرض والجمهور فإنه دفع ضريبة سوء العمل الإداري وتبدل الإدارات وضعف الدعم المالي، فشارك بمن حضر، وتوالى على الفريق أكثر من مدرب، وأمام واقع الحال والظروف التي عاشها فإن نتائجه كانت معقولة، وكان بالإمكان أحسن مما كان لو أن أبناء الفريق وقفوا مع النادي وقفة رجل واحد، ما يحسب للفريق أنه بقي صامداً حتى المباراة الأخيرة رغم وقوعه في شرك الهبوط قبل أسابيع عدة من ختام الدوري فلم يستسلم ولم يتهاون، الجزيرة كان دوماً رقماً مهماً في الدوري، وقدم لكرتنا العديد من اللاعبين المؤثرين سابقاً وحالياً، ما زال صداهم في ذاكرتنا وعلى أرض الملعب لذلك نأمل له العودة السريعة حتى لا نفقد جزءاً مهماً من كرتنا.
نال الجزيرة تسع نقاط في الذهاب وحل بالمركز (15) وارتفع رصيده إلى (13) نقطة إياباً في المركز (14) وبقي في المركز ما قبل الأخير وله (22) نقطة.

ضريبة الفساد
دفع فريق الحرية ضريبة الفساد المستشري في النادي، فالإدارات المتعاقبة عاشت بينها صراعاً لا ينتهي حول النادي واستثماراته ومقدراته، هذا الصراع تحول إلى كابوس كروي أدى إلى هذه النهاية المؤلمة.
منذ البداية كان الفريق آخر اهتمام الإدارة، ورغم أنه يضم العديد من الأسماء والنجوم والمواهب إلا أنه افتقد الرعاية والدعم، وافتقد الاستقرار الفني، فكانت النتائج مرآة النادي الحقيقية وصورة عن فساده وفساد القائمين عليه.
الحرية يعتبر أحد أركان الكرة الحلبية، لكن القائمين عليه لا يريدون ذلك، وعلى المخلصين أن يبادروا لإنقاذ النادي، ليعود كما كان ركناً من أركان الكرة السورية، ورافداً مهماً لها بكل الفئات، فما قدمه الحرية للكرة السورية على مدى السنوات الماضية كبير وكثير.
الحرية لم يغادر المركز الأخير نال ذهاباً ثماني نقاط وإياباً (11) نقطة وفي الترتيب النهائي (19) نقطة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن