ثقافة وفن

وداعاً «توم وجيري»… رحيل أفضل وأجمل صديق للأطفال … أعمال الأطفال بدأت للصغار وانتقلت للكبار

| وائل العدس

توم وجيري، الأرنب باغز باني، باباي، وغيرها، شخصيات شهيرة في عالم الكرتون، يقف وراءهم بوب غيفنز، الاسم اللامع في عالم الرسوم المتحركة الذي قدم للعالم شخصيات شهيرة ارتبطت بطفولة الملايين حول العالم، ، وقد غادرنا منذ أيام قليلة في سن 99 عاماً، بسبب إخفاق حاد في الجهاز التنفسي بعدما كان آخر الشخصيات الباقية على قيد الحياة من العصر الذهبي المبكر للرسوم المتحركة.
كان غيفنز رسام أفلام رسوم متحركة من الصاعدين في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما عمل مع رواد الرسوم المتحركة تشاك جونز وتكس أفري. كانوا يخلقون شخصية تطورت من خلال بضعة الأفلام القصيرة، التي يبدو كان لها مستقبل واعد مثل شخصية أرنب ذي طبع حاد.

قال غيفنز في رسالة إلى مايكل بارير، مؤلف كتاب «هوليوود كارتونز»: «الرسوم المتحركة الأميركية في عصرها الذهبي، كانت الشخصية لطيفة أكثر من اللازم، لذا طلب مني تكس أن أرسم غيرها». فرسم رسماً مبدئياً، سماه «أرنب تكس»، كتوجيه للرسامين الآخرين.
يقول بارير: «باغز لم يعد يعرف بالمنحنيات المتداخلة، فقد أصبح رأسه بيضاوياً، وليس دائرياً».
حافظ تصميم غيفنز على الشوارب وفكرة الأنف الطبيعية من النسخة السابقة، ولكنه قدم عناصر جديدة مثل فراء الخدود والأسنان الأقل بروزاً.
ولد بوب غيفنز في 2 آذار 1918، في هانسون، بولاية كنتاكي، وكان له أخ توءم: انتقلت العائلة، التي كبرت لتشمل خمس شقيقات، إلى جنوب كاليفورنيا على أمل أن يحسن المناخ صحة والد غيفنز، الذي كان مربياً للخيل والماشية.
بدأ غيفنز العمل في مجال الرسوم المتحركة بعد إنهاء دراسته في الثانوية مباشرة، وكان أول عمل كبير له هو المشاركة في فريق الرسوم المتحركة لـ«سنو وايت والأقزام السبعة» في استوديوهات والت ديزني.
وانضم بعد ذلك إلى شركة أصبحت وحدة الرسوم المتحركة لوارنر براذرز، التي سعت إلى خلق أسلوب أقل عذوبة من الأسلوب الذي عرفت به ديزني.
قام غيفنز بإعادة تصور الأرنب باغز الذي ظهر لأول مرة في فيلم «أرنب بري» (1940). كما أعد رسماً نموذجياً أعاد فيه تصميم «إلمر فاد»، الأرنب الذي شارك باغز بطولة الفيلم، وعدوه الأحمق. إضافة إلى رسم ثالث للمقارنة بين حجم باغز وحجم إلمر.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، تعاون بوب غيفنز مع زملائه من صناعة الأفلام التدريبية. واشتملت أعماله بعد الحرب، في مسيرته التي امتدت لأكثر من 60 عاماً، على تشكيل مظهر وتخطيط مشاهد للرسوم المتحركة يضم دافي داك، وتوم وجيري، وباباي، وألفين، والسناجب، وغارفيلد، وغيرهم.
كما كان رائداً في استخدام الرسوم المتحركة في الدعاية، بما في ذلك حملة مؤثرة وطويلة الأمد لمنتجات إبادة الحشرات.
طول عمره، وحماسته، وذكرياته التفصيلية جعلت منه متحدثًاً منشوداً ومرشداً في العقود الأخيرة من حياته.
واعتقدت الكثير من الشركات في البداية أن أعمال غيفنز لطيفة جداً بحيث لا تصلح لأن تتحول إلى كارتون، لكن إعادة تصميمه للشخصية الرئيسية في «لوني تونز» منحته شهرة واسعة.

توم وجيري
لم يكن غيفنز قادراً على ملامسة قلوب الأطفال بشخصياته الكارتونية المحببة فقط بل امتدت إلينا نحن الكبار لنتحول عند مشاهدة جيري وهو ينكل بتوم إلى مشجعين ومهللين، نضحك من قلوبنا وجيري الخبيث يَصْب على خصمه الطلاء الأسود أو يوقعه في البئر أو يشعل في ذيله النار، ونحبس أنفاسنا عندما تمتد مخالب توم لتحكم الخناق على عنق الفأر الصغير ولا نهدأ إلا وقد أفلته.
ولتميز تفاصيله من حيث الشكل والمضمون، فاز المسلسل خلال فترة عرضه بـ7 جوائز أوسكار، كأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، حتى إن البعض كان يلجأ إليه لتخفيف ضغوط الحياة، والحصول من خلاله على جرعات سعادة وإثارة ومرح، ولاسيما أن موسيقا العمل تضفي حالة من الإثارة في النفس، وهذه الموسيقا تمتاز بقدرتها على التفاعل والتمازج مع الموقف بشكل قوي، إذ يمكن معرفة الحدث والحالة الانفعالية من دون مشاهدة المشهد.

تفاعل جماهيري
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تفاعل الجمهور بمشاعرهم مع وفاة رسام المسلسل الكرتوني، ليؤكد الكثيرون أن هذا الرجل لطالما أسعدنا ورسم البسمة على شفاهنا حين كنا صغاراً، لافتين إلى أن توم وجيري هو المسلسل الذي يمكن مشاهدته مليون مرة من دون أن نشعر بالملل، ومشيرين إلى أنه أفضل مسلسل كرتوني تسيَّد الساحة العالمية.
وعلَّق أحد المغردين: «رحل الشخص الذي نثر الفرحة في قلوبنا، ورسم البسمة على شفاهنا»، وكتب آخر «كان هذا الرجل مصدراً لسعادتنا» وعبرت أخرى عن حزنها بقولها «رحل الرجل الذي عشت مع أعماله أجمل مراحل طفولتي».
وقد انتشرت صور «توم وجيري» بشكل كبير على مواقع التواصل بعد إعلان خبر وفاة رسام المسلسل الكرتوني، ما يؤكد تأثير هذا العمل في الكثيرين الذين أكدوا أن براعة هذا الشخص تكمن في قدرته على خلق جو بصري تفاعلي بين الطفل والعالم الكرتوني المتحرك أمامه، لدرجة يمتزج فيها الطفل بالحدث ويشعر بالمؤامرات التي تحاك أمامه بين شخصيات العمل، وكأنها واقعية.
شكراً لك بوب غيفنز لقد زرعت في طفولتنا ابتسامة لن ننساها أبداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن