قانون تحديد مهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يثير جدلاً كبيراً تحت القبة … الغربي: يلبي طموحات الوزارة وهو كافٍ رغم قلة مواده … أعضاء: يحتوي على فوضى قانونية و يخالف الدستور
| محمد منار حميجو
لم يلق مشروع القانون الخاص بتحديد مهام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رضا الكثير من أعضاء مجلس الشعب، وطال السجال حول العديد من مواده، فاعتبرها البعض أنها مخالفة للدستور بينما رأى آخرون أنه لم يدرس من الحكومة بشكل جيد، وبأنه لا يلبي طموحات المواطن.
اختلفت الآراء بين أعضاء المجلس في الجلسة المخصصة أمس لمناقشة مشروع القانون، فاعتبر النائب محمد خير العكام أنه يحتوي على فوضى قانونية في المصطلحات وأيده بذلك زميله عبود الشواخ، وبأنه يتضمن على عبثية في الكلمات القانونية، بينما النائب أحمد الكزبري وجد المشروع يخالف الدستور في أحد فقراته والتي تسمح للتموين بمصادرة المواد في الحروب والكوارث.
وحاول رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في المجلس فارس الشهابي أن يخفف من وطأة النقاش وخصوصا فيما يتعلق بالفقرة التي تعطي السماح للتموين بمصادرة المواد الغذائية في الحروب والكوارث بقوله: إذا كانت كلمة مصادرة مخالفة للدستور ومستفزة فيمكن استبدالها بكلمة تأمين.
إلا إن كلامه وصفه النائب عمار بكداش الذي أيد وجود كلمة مصادرة في المشروع بالتنازل من الشهابي والوزير عبد اللـه الغربي، الأمر الذي اعترض عليه الشهابي بقوله: أتحفظ على كلمة تنازل لأني لم أتنازل وإنما كلمة تأمين أعم وأشمل في حال رفض المجلس كلمة مصادرة.
النقاش الطويل بين الأعضاء حول هذا المشروع الذي تبلغ مواده (خمس مواد) والذي صوت المجلس إلى إعادته إلى لجنتي الشؤون الدستورية والشؤون الاقتصادية والطاقة لدراسته لم يخلُ من المداخلات الحادة من بعض النواب الأمر الذي دفع رئيس المجلس حمودة الصباغ إلى التدخل أكثر من مرة لتخفيف وتيرة النقاش حتى بين الأعضاء المؤيدين والمعارضين للمشروع.
وقال الصباغ: المطلوب من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضبط الأسواق وتحديد الأسعار وهذا أمر طبيعي في المقابل لا نقيد ولا نقبل تقييد أي عمل لأنه يوجد ضروريات تبيح المحظورات أحياناً، مضيفاً: لذلك هناك ضرورات قصوى من حرب أو ما تمر به البلاد ما عدا ذلك لا يدعو أحد إلى مصادرات أي أموال خاصة أو الاعتداء على أي ملكية.
في المقابل تدخل وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب مدافعاً عن الحكومة بقوله: مشروع القانون درس في الحكومة بعناية فائقة وهناك اهتمام حكومي كبير به، معتبراً أن الملاحظات لا تقلل من قيمته بل تغني المشروع.
الغربي يحاول
حينما بدأ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد اللـه الغربي في الكلام بقي السجال قائماً بين الأعضاء هذا ما دعا الوزير إلى السكوت ومن ثم المتابعة بعدما يتدخل الصباغ لتهدئة الأجواء لأن الغربي يسمع كلمة من هنا وهناك.
حاول الغربي أن يقنع الأعضاء أن المشروع الحالي يلبي طموحات الوزارة وهو كاف رغم قلة مواده وأنه لا يتجاوز ثلاث صفحات، مقدماً تنازلاً أنه يمكن استبدال كلمة «مصادرة» «بتأمين» إلا أن ذلك استفز العديد من الأعضاء وهو مازال يتكلم ما دفعهم إلى مقاطعته.
وفي معرض رده أكد الغربي أنه في حالة الطوارئ يجب أن يكون هناك عمليات خاصة وفورية، مضيفاً: كان لدينا تجربة في حصار دير الزور وحلب فكان من المعروف أنه يتم إنزال المواد الغذائية عبر المظلات.
وأضاف الغربي: أقترح استبدال كلمة مصادرة المواد الغذائية في هذه الظروف بتأمين وهو حل منطقي وأن تكون بقرارات من مجلس الوزراء، مؤكداً أن الوزارة تقترح إلى الحكومة السياسة العامة فيما يخص التجارة الداخلية ومن ثم تأتي الموافقة منها وبالتالي لا يوجد أي شيء جديد في هذا الموضوع.
وأوضح الغربي أن غرف التجارة تقدم مقترحات والوزارة بدورها ترفعها إلى مجلس الوزراء، مؤكداً أن الأمور تسير نحو الممتاز.
وكشف الغربي أنه تمت أتمتة معظم الشركات والبالغ عددها 80 ألف شركة قيمة رأس مالها 3.2 تريلون ليرة ، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل لإيجاد صيغ لطرح التنافسية بين قطاعي العام والخاص.
وأشار الغربي إلى أن خسائر الوزارة في عام 2012 كانت 500 مليون دولار، موضحاً أنه تم تدمير 21 صومعة و100 فرن آلي و14 مطحنة، مؤكداً أن هذه المنشآت بكاملها خرجت عن الخدمة وهي بحاجة إلى مئات الملايين من الدولارات لإصلاحها وبالتالي يتم العمل مع القطاع الخاص في هذا الموضوع.
وأكد الغربي أن مشروع القانون لا يعطي صلاحيات للوزارة بالاستيراد بل سيتم حصراً عبر مؤسسة التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد، مضيفاً: لن نستورد إلا وفق الأنظمة والقوانين.
ولفت الغربي إلى أنه سيتم تدشين 18 مخبزاً في البلاد بالإضافة إلى إدخال 9 خطوط إنتاج في دير الزور، مؤكداً أن أهم ما تعمل عليه الوزارة حماية الملكية التجارية وهناك قسم تسجيل الطلبات التجارية الواردة من دول العالم والذي بلغت إيراداته أكثر من 1.1 مليون دولار في العام الحالي وهذا يدل على ورود الكثير من الماركات التجارية من الخارج.
وكشف الغربي أن إيرادات بيع القرطاسية بلغت 350 مليون ليرة، إضافة إلى أن الوزارة ستشتري 380 مليون طن من التفاح، القسم الأكبر منه مصاب بالبرد وسنبيعه بأقل تكلفة وبالتالي ستتحمل وزارة الزراعة الفروقات.
الشهابي يدافع
من جهته أوضح النائب فارس الشهابي أن بعض المواد في المشروع ومنها المادة الخاصة بتولي الوزارة رسم السياسة العامة الخاصة في مجالها قال: الوزارة من مهامها أن تأخذ مقترحات غرف التجارة وترسلها إلى الحكومة وبالتالي لا يعني ذلك تهميش الغرف.
وفي مداخلة له أضاف: ما الذي يمنع أن يكون هناك تنافس في الاستيراد والابتعاد عن الروتين والعمولات التي تتقاضها الجهات الحكومية من دون أي عمل، معتبراً أن هذا يؤدي إلى ارتفاع في أسعار العديد من السلع من المواد وخصوصاً أن هناك جهات حكومية مهمتها فقط قبض العمولة على الاستيراد ما يؤدي ذلك إلى تحقيق صعوبات في عمل وزارة التموين لتأمين السلع الأساسية وبأسعار تنافسية.
من مداخلات النواب
رأى النائب أحمد الكزبري أن القضية ليست مجادلة في صياغة مادة أو كلمة أيها أفضل منوهاً بأن هذا الاختلاف يحدث حتى بين القانونيين، مضيفاً: حينما يكون الأمر متعلقاً بمخالفة الدستور هذا لا تساهل فيه أبداً.
وأضاف الكزبري: على سبيل المثال عدد صفحات المرسوم الخاص بمهام وزارة الأوقاف 37 وهو مستوفٍ لمهام الوزارة فليس من المعقول أن يكون مشروع وزارة التموين وهي المعنية لكل سورية عدد صفحاته لا تتجاوز صفحتين ونصف وبهذا الشكل.
وطالب النائب نبيل طعمة بتعديل اسم الوزارة من حماية المستهلك إلى حماية المواطن، متسائلاً:ممن تحمي الوزارة المستهلك من المنتج هو أيضاً مواطن سوري.
ورأت زميلته أشواق عباس أن التجار ليسوا طرفاً آخر من المعادلة بل هم جزء منها وخصوصاً أنهم وقفوا إلى جانب الدولة في ظل العقوبات الاقتصادية التي تعرضت لها البلاد.
وفي مداخلة لها اعتبرت عباس أن المشروع ناقص وليس موازياً للمشاريع الأخرى وخصوصاً أنه لا يحدد هيكلية الوزارة، مؤكدة أنه يخص كل مواطن سوري باعتبار أنه ينظم معيشته، معربة عن أملها بإخراج قانون من تحت القبة متوازياً ومتكاملاً.
رأى النائب حمود سعود أن الوزير الغربي لم يرد على أسئلة واستفسارات الأعضاء في كلمته بل قرأ القانون فقط، علماً أنه يوجد نسخة عند كل عضو، معتبرا أن استبدال كلمة مصادرة بتأمين كأن الوزير يشحد المواد الغذائية شحادة ومن ثم من الغلط إضافة هذه الكلمة ولذلك بقاء كلمة مصادرة أفضل.
واقترح زميله سامر شيحة أن يتم حصر بيع المواد الغذائية والأساسية في ظروف الحرب والكوارث بوزارة التموين بعد دفع قيمتها بموجب أسس تحدد من مجلس الوزراء.
وقال النائب محمد خير العكام: إذا أعطيت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك صلاحية الاستيراد والتصدير فماذا ستعمل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، مؤكداً أن مهام التموين تنحصر في عملية التداول في داخل الأسواق.
وتنص المادة المختلف عليها «مصادرة المواد الاستهلاكية والأساسية لضرورات التموين في ظروف الحرب والكوارث حصراً على أن يتم منح أصحاب المواد المصادرة تعويضاً معادلاً للقيمة الحقيقية لهذه المواد بموجب أسس تحدد بقرار من مجلس الوزراء.