طالبوا بإلغائه وتشكيل لجنة تقييم جديدة تعمل بـ«نزاهة».. وكشفوا عن نيتهم الطعن به أمام القضاء … أهال في التضامن: قرار المحافظة بهدم منازلنا «غير موضوعي» و«مجحف» بحقنا … «الوطن» اطلعت على قوائم بآلاف التواقيع للرافضين له .. وعلى قائمة المباني الصالحة للسكن
| الوطن
رفض أهالي القسم الجنوبي من حي التضامن تقرير لجنة محافظة دمشق المكلفة دراسة واقع المنطقة التي تم تحريرها مؤخراً من الإرهابيين، واعتبروا أن التقرير «غير موضوعي» وجاء «مجحفاً بحق المهجرين»، وطالبوا بـ«إلغائه»، وتشكيل لجنة جديدة تقوم بدراسة المنطقة «بشكل كامل بكل نزاهة» وإصدار تقرير يظهر «الوقائع الحقيقية» في المنطقة.
ويوم الثلاثاء الماضي، كشف رئيس اللجنة فيصل سرور في تصريح لـ«الوطن»، أن محافظ دمشق بشر الصبان صدق على تقرير اللجنة الذي انتهى إلى «وجود 690 منزلاً صالحاً للسكن يمكن للأهالي العودة إليها»، ريثما يتم تنظيم كامل منطقة التضامن وفق القانون رقم 10 الذي قد يستغرق بين 4 الى 5 سنوات.
ولاقى قرار اللجنة تنديداً واستنكاراً شديدين من الأهالي، ظهر جلياً في وسائل التواصل الاجتماعي، على شكل شكاوى نشرت في الصفحات الزرقاء الشخصية، ووجهه العديد منها إلى الصفحات الخاصة بوسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، ودعوا من خلالها إلى الاعتراض بشكل قانوني على القرار، والطعن به أمام القضاء.
وجاء في إحدى الشكاوى: إن اللجنة المكلفة تقدير الأضرار لم تقم بعملها وتطبيق القانون رقم ٣ بشكل فعلي وموضوعي وكان هناك تقصير في عملها وعدم العمل بشكل واقعي.
واعتبرت الشكوى، أن عمل اللجنة كان «بعيداً عن النزاهة، حيث إنه كان حرياً بها أن تتوسع في عملها ودراستها للمنطقة، وأن تشمل عملية الكشف جميع الحارات والأبنية في منطقة حي التضامن وألا يقتصر الأمر على بعض الحارات»!.
وأوضحت الشكوى، أن ما يؤكد صحة أقوال الأهالي أن «البيوت التي تم تقييمها من اللجنة بأنها صالحة للسكن هي بمحاذاه بعضها البعض ولا تتجاوز بضع حارات، إضافة إلى ذلك ما تم توثيقه من المهجرين من صور تدل على الوضع الجيد لكثير من الأبنية وقابليتها للترميم والسكن فيها».
ومنذ تحرير المنطقة من التنظيمات الإرهابية، وثق النشطاء مئات الصور للجادات يظهر فيها أغلب المنازل صالحة للسكن وكل ما تحتاج إليه هو ترميم بسيط.
وقال الأهالي في الشكوى: «لقد جاء تقرير اللجنة مجحفا بحق المهجرين وفي غير محله ومخالفاً للأصول والواقع».
وختم الأهالي الشكاوى بالقول: «لهذا كله فإننا نطالب باتخاذ قرار ينص على إهدار تقرير اللجنة وتشكيل لجنة جديده تقوم بدراسة واقع المنطقة بشكل كامل بكل نزاهة ومن دون أي اعتبارات وبشكل يظهر الوقائع والحقيقة وإصدار تقرير أقرب إلى الواقع».
وبدأت اللجنة الأربعاء الماضي بتنفيذ قرار محافظ دمشق، بختم المنازل الصالحة للسكن وذلك تمهيداً لتسليمها لمالكيها وشاغليها الفعليين، بعد تقديمهم الوثائق اللازمة.
وفي منشور على صفحته الخاصة بموقع «فيسبوك» كتب المحامي عثمان العيسمي وهو من الأهالي المهجرين من الحي: بعد هذه المدة من الزمن حاولنا خلالها وبمساعدة شباب الحي الغيورين على الوطن والمصلحة العامة التواصل مع العديد من المسؤولين وأعضاء في مجلس الشعب وغيرهم وحتى الاجتماع باللجنة التي أصدرت التقرير أوضحنا لهم جميعاً مدى مأساة أهالي حي التضامن وحاجتهم الى العودة لمنازلهم».
واوضح العيسمي، أنه وخلال عمليات التواصل «بينا أساس حقنا بالعودة وفق القانون والمواطنة وقدمنا ما يلزم من وثائق، إلا أننا لم نجد آذاناً مصغية صافية القلب والضمير ولم ينظروا إلينا إلا كأنعام ومن حقهم سلبنا منازلنا وأموالنا وأمننا وملجأنا وقوتنا اليومي وباعوا ضمائرهم إلى قلة من الفاسدين الطامعين فكان تقرير اللجنة الصادر بتاريخ ٢٦/٩/٢٠١٨ المتضمن حرمان أكثر من 25 ألف أسرة (تتألف من) أكثر من 200 ألف شخص من منازلهم ورميهم على قارعة الطريق لنصبح شعباً بلا سكن وبلا أمل وبلا كرامة».
ولفت العيسمي الى أن «أغلبنا فقراء عمال وفلاحين وموظفين ومتطوعين في الجيش والشرطة ووقفنا مع الدولة وكيانها خلف الجيش والقائد وقدمنا شهداء وجرحى وخّطف ابناؤنا وبناتنا ولم نغير موقفنا والنتيجة (أن) الفاسدين وبالتعاون مع بعض المستغلين خططوا ونجحوا فكانت النتيجة اننا ضحايا الإرهاب والفساد».
واعتبر أن تقرير اللجنة جاء «مجحفاً بحقنا واستخدمت اللجنة تعابير مضللة وكانت تخشى على سلامتنا وهي التي قررت إفقارنا وإفقار أولادنا وكان القرار غير قانوني وغير شرعي يعتمد على أسس غير سليمة ومخالفاً لكل الشرائع والقوانين ففيه يعتبرون مساكننا مخالفات بينما اعتبروا (أهالي) ٦٩٠ منزلاً لهم حق العودة وبالأساس هذه المنازل معظم أهاليها لم يهجروا وبقيت بأيدي أصحابها أصلا ولم يدخلها مسلحون، وذلك للتغطية على سلبهم عشرات الآلاف من بيوتنا التي معظمها لم يتعرض للهدم جراء الأعمال الحربية إنما تعرضت للنهب والتخريب على أيدي الفاسدين والمارقين».
وقال: «جميعنا نتمسك بدولتنا ومؤسساتنا وقوانيننا ونؤمن بأنها ستنصفنا بالنهاية وسنتبع الطرق القضائية والقانونية بتقديم اعتراض على هذا القرار المجحف بحقنا والطعن بتقييم اللجنة وتقديراتها والأسس التي بني عليها هذا القرار، وسنتوجه إلى أصحاب الشأن في الجمهورية العربية السورية وعلى أعلى المستويات حتى يصل صوتنا، فنحن أبناء هذا الوطن ولن نكون غير ذلك».
واطلعت «الوطن» على قائمة المباني التي أدرجت فيها البيوت الصالحة للسكن، وتضمنت أكثر من 200 مبنى تضم الـ690 منزلاً، وتقع في تجمع التركمان شمال الحي، حيث كانت جادات التجمع تشكل خط تماس مع التنظيمات الإرهابية التي كانت تتحصن في الجهة الجنوبية من الحي المقابلة للجادات.
وطوال فترة سيطرة التنظيمات الإرهابية على الجزء الجنوبي من حي التضامن لم تدخل إلى جادات تجمع التركمان وبقيت تحت سيطرة الجيش العربي السوري، ولكن أهالي المنازل في تلك الجادات نزحوا من منازلهم نتيجة المعارك التي كانت تحصل على خط التماس.
وبحسب تصريح سرور الثلاثاء الماضي لـ«الوطن» فإن ما تبقى من منازل في المناطق التي كان يسيطر عليها الإرهابيون والواقعة جنوب جادات تجمع التركمان غير صالحة للسكن، حيث قال حينها إنه «وخلال جولات عديدة قامت بها اللجنة في المنطقة كشفت على جميع منازل المخالفات في المنطقة، وخلصت إلى أن البيوت الصالحة للسكن بلغ عددها 690 بيتاً»، وأضاف: إن «باقي البيوت غير صالحة للسكن ولا يمكن ترميمها في الوقت الحالي».
ومع بدء اللجنة بتنفيذ القرار، كثف الأهالي من انتقاداتهم للقرار ودعوا إلى الاعتراض عليه قانونياً وكتب الناشط رأفت الزين في صفحة «مهجري حي التضامن»: مهجرو حي التضامن يحق لكم الاعترض على القرار الصادر من محافظة دمشق خلال 15 يوماً من تاريخ إعلانه، والذي يشعر فيه الأهالي بأنه قرار غير منصف وخاصة أنه لم يصدر رسمياً ولم ينشر في وسائل الإعلام وتم البدء بتنفيذه دون معرفة الأهالي.
واطلعت «الوطن»، على قائمة تضم آلاف التواقيع ممن يعترضون على قرار محافظة دمشق من مهجري الحي.
كما لفت الزين الانتباه ألى أنه يحق للأهالي رفع دعوى قضائية ضد اللجنة والطعن بالقرار من خلال توكيل محامين مختصين، وقال: «690 بيتاً صالحاً للسكن والباقي للإزالة بنسبة أكثر من 90 بالمئة. هذه نسبة قليلة جداً جداً مقارنة مع مساحة المنطقة وعدد السكان وحسب المشاهدات والصور الموثقة للحي والبيوت الصالحة للسكن تثبت عدم صحة هذا الرقم».
وعلمت «الوطن» أن العشرات من المحامين الذين هم من مهجري الحي وغير أهالي الحي تبرعوا للترافع في القضية أمام القضاء.
وفي السياق طالب أحد النشطاء في صفحة «مهجري حي التضامن» محافظ دمشق، وجميع المسؤولين الموكلين بحماية الشعب وأمنه وكرامته، بسماع صوت مهجري حي التضامن «عبر وضع حد لتجار العقارات والفاسدين ومن يقف خلفهم، الذين يسلبونه استقرارهم ومستقبلهم، والذين يجيدون التلاعب بمصيرهم، والتحكم في حقوقهم بعد تحرير المنطقة من اﻹرهاب».
وفي محاولة لتخفيف من غضب المهجرين، صرح سرور عبر صفحات على فيسبوك، بأن منطقة التضامن واسعة وأن اللجنة قامت بتقسيم المنطقة الى ثلاث مناطق ( ا- ب- ج) وأن الإجراءات المتخذة حالياً هي بما يخص المنطقة «أ» فقط، وبالنسبة للمنطقة «ب» والمنطقة «ج» سيقوم بتوضيح جميع الإجراءات التي ستقوم بها محافظة دمشق في اﻷيام القريبة القادمة من خلال الفضائية السورية يوم (أول من أمس) السبت في برنامج أخبار البلد الساعة 9.30 مساء».
لكن سرور خلال البرنامج لم يوضح موقع المنطقتين ب و ج وإجراءات المحافظة المقبلة فيهما، وذكر ان الـ690 منزلا الصالحة للسكن التي حددتها اللجنة تشكل نسبة 10 في المئة من المنازل التي كانت تحت سيطرة المسلحين والـ90 في المئة المتبقية غير صالحة للسكن، ما يعني أن هناك نحو 6 آلاف منزل سيتم هدمها بموجب القانون رقم 3.
وتمكن الجيش العربي السوري في أواخر أيار الماضي من دحر تنظيم داعش الإرهابي من منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك والجزء الجنوبي من حي التضامن في جنوبي العاصمة، بعد أن كان قبل ذلك قد طرد التنظيم من القسم الشرقي من حي القدم، لينهي بذلك ملف الوجود الإرهابي في العاصمة ومحيطها.
وفيما بعد جرى تطبيق القانون رقم 3 لعام 2018 في الجزء الجنوبي من حي التضامن الذي تم تحريره، والمتضمن إزالة الأنقاض وتحديد المباني المتضررة غير الصالحة للسكن، حيث شكلت محافظة دمشق لجنة برئاسة عضو المكتب التنفيذي،سرور، وعضوية كل من «طارق نحاس وجمال إبراهيم وبشار الفطنة وجمال يوسف وحمدي حيدر»، وقامت بأكثر من جولة في الحي.
وقامت «الوطن» بأكثر من جولة في الجزء الجنوبي من حي التضامن، واطلعت على الدمار والتخريب الذي تسبب به الإرهابيون سواء لناحية شبكات الكهرباء والمياه والهاتف أم لناحية منازل المواطنين.
ويعتبر «حي التضامن» العشوائي التابع إدارياً لمحافظة دمشق، بوابة العاصمة من الجهة الجنوبية والفاصلة بين المدينة وريفها، ويحده من الغرب مخيم اليرموك، وبلدتا ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب على التوالي، أما من الشمال فمنطقتا الزاهرة ودف الشوك.
وخلال جولات «الوطن» في الجزء الجنوبي من الحي، لاحظت أن القسم الممتد من شارع فلسطين التابع لمخيم اليرموك غرباً وحتى الجادات المحاذية لمنطقة الطبب شرقاً، بمسافة تقدر بنحو 400 م، ومن ساحة النجوم شمالاً وحتى دوار فلسطين جنوباً بمسافة تصل إلى 500 م، طاله دمار جزئي ويمكن ترميم المنازل فيه، وتقدر مساحته بأكثر من نصف مساحة الجزء الجنوبي من الحي، على حين إن القسم الممتد من منطقة الطبب غرباً وحتى شارع دعبول شرقاً المحاذي لمنطقة سليخة التابعة إدارياً لبلدة ببيلا بمسافة تقدر بـ300 م، ومن شارع فرن «أبو تربة» شمالاً حتى قوس يلدا جنوباً بمسافة تقدر بـ400 م، كانت فيه نسبة الدمار أكبر.
وبذلك تقدر نسبة المنازل التي يمكن ترميمها في القسم الجنوبي فقط من الحي والواقعة في جزئه الغربي بأكثر من 60 بالمئة، على حين تصل نسبة المنازل التي طالها دمار شبه كامل وتقع في قسمه الشرقي إلى نحو 40 بالمئة، ما يعني أن نسبة الدمار شبه الكلي طالت ما يقارب 20 بالمئة من منازل الحي، على اعتبار أن القسم الشمالي من الحي الذي تقدر مساحته بأكثر من 60 من المساحة الكلية للحي كان تحت سيطرة الدولة ولم يطله أضرار سوى أضرار القذائف التي كان الإرهابيون يطلقونها عليه، والحياة فيه طبيعية.
وكانت أعداد سكان الحي قبل بداية الأحداث في البلاد منتصف آذار 2011 تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجاً اجتماعياً متنوعا، فسكانه ينحدرون من أغلب محافظات البلاد، وأغلبيتهم منخرطون في مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات، ومن ضمنهم نسبة عالية من الحاصلين على شهادات جامعية، وقد عاش الجميع في ظل تكافل اجتماعي ومحبة كبيرة لعقود من الزمن.