الجيش الروسي ينخرط في سورية
تيري ميسان :
على الرغم من امتناع روسيا في بداية الصراع، عن المشاركة في العمليات العسكرية، إلا أن ذلك لم يمنعها مؤخراً من إنشاء لجنة عسكرية روسية-سورية مشتركة.
وفي غضون بضعة أسابيع فقط، وصل إلى دمشق العديد من المستشارين العسكريين، الذين طرحوا احتمال إنشاء قاعدة عسكرية روسية أخرى في جبلة.
ست مقاتلات ميكويان-غوريفيتش ميغ -31، تم تسليمها مؤخراً لدمشق. هذا الصنف من الطائرات الاعتراضية، هي الأفضل عالميا. اشترتها سورية عام 2007، لكن العقد جُمد في ذلك الحين.
لا يقع تسليم هذه الطائرات حالياً ضمن نطاق الحظر على الأسلحة، لأنه من غير الممكن استخدامها في عمليات حفظ النظام، بل فقط للدفاع عن الوطن، وتحديدا، للتصدي للغارات الإسرائيلية أو التركية.
هاتان الدولتان تدخلتا مرات عديدة، تحت ذرائع مختلفة، خلال الحرب لدعم الجهاديين حين كانوا يعانون المصاعب.
هذا الأسبوع أيضا، تعرضت قاعدتان عسكريتان تابعتان للجيش العربي السوري لهجوم مزدوج، من جبهة النصرة أرضا، والطيران الحربي الإسرائيلي جوا. وبالمناسبة فقد أسقطت الدفاعات السورية إحدى طائرات تحالف إسرائيل/القاعدة.
في الوقت نفسه، بدأت روسيا بتزويد دمشق، لأول مرة، بصور الأقمار الصناعية. هذا القرار الذي طال انتظاره منذ خمس سنوات، سوف يقلب الأوضاع العسكرية رأسا على عقب.
في الواقع، كان الجهاديون، حتى ذلك الوقت، يفلتون في أغلب الأحيان من قبضة الجيش العربي السوري بفضل صور الأقمار الصناعية التي يزودهم بها حلف «ناتو» في الوقت الحي. هذا على الرغم من امتناع حلف «ناتو» عن مشاركة أي معلومات، منذ نحو ستة أشهر، مع تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، ولكن فقط مع جبهة النصرة الإرهابية التابعة للقاعدة.
أخيراً، يعكف الخبراء العسكريون الروس على جمع العديد من المعلومات التي تسمح بدراسة إمكانية نشر قوات دولية تحت رعاية الأمم المتحدة، ورفع تقرير بهذا الخصوص إلى الكرملين، الذي سيدرس بدوره إمكانية القيام بعملية روسية منفصلة، إضافة إلى أخرى مشتركة مع «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي ستلتئم في طاجكستان بدوشانبه، في 15 أيلول المقبل.
لقد جرى الحديث عن نشر قوات من «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في حزيران من عام 2012، إبان التحضير لمؤتمر «جنيف1».
واقعيا، يضم هذا التحالف العسكري، ثلاث دول سكانها مسلمون، هي، كازاخستان، قيرغيزستان، وطاجيكستان، نظرا لأهليتها أكثر من روسيا، في محاربة الإرهابيين الذين يدّعون الإسلام.
على الرغم من أن «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» لم تتفق في ذلك الحين مع الأمم المتحدة لتنفيذ عمليات إحلال السلام. إلا أنها تمكنت من تسوية الأمر في 28 أيلول من العام نفسه 2012، وصار بالإمكان تطبيق الاتفاق في أفغانستان كما في سورية.
في كل الأحوال، التعاون بين الكرملين والبيت الأبيض له حدود: روسيا، من جهتها، تأمل بالقضاء على الجهاديين قبل أن ينقلبوا ضدها، في حين تتمنى الولايات المتحدة أن تتمكن من تفعيل البعض منهم في صراعات أخرى، كما حصل سابقا في أفغانستان، والبوسنة، والهرسك، والشيشان، وفي كوسوفو.
بالفعل، بدأت منذ الآن بعض العناصر من داعش تصل إلى خيرسون في أوكرانيا، حيث «الحكومة المزعومة للقرم في المنفى».
مما لاشك فيه، أن سحب صواريخ الباتريوت، فخ نصبه الجانب الأميركي.
ستكون واشنطن في غاية السعادة، إذا قللت روسيا من أعداد المجاهدين، ولن تكون مستاءة البتة في حال تورطت في سورية.
لهذه الأسباب مجتمعة، يتقدم الدب الروسي بحذر شديد.