ثقافة وفن

«الحفيد».. إطلاق القصيدة العاميّة من سطح دمشق … شفيق ديب لـ«الوطن»: هذا الكتاب محاولة جديدة.. ومادة موزونة ومؤصّلة من خلال إطار جديد

من قاعة «سطح دمشق» صدح الحب مغازلاً البيوت الشامية المزروعة في سفح جبل قاسيون، تلك القاعة الكائنة في فندق الداما روز، شهدت أمسية شعريّة حول كتاب الشاعر شفيق ديب وسي دي (lupo)، شاعر الحب والغزل والحنين الذي أشبع تلك الأمسية زجلاً وغزلاً وعشقاً وولهاً، وأفاض بحب الوطن والشام والأرض، ليروي لنا قصته تحت عنوان مثير يحمل اسم «الحفيد».

شاعرنا الذي لطالما كان مستقلاً برأيه ومتمرداً بموقفه، خاض مبكّراً في كل تدرّجات المنبر الزجلي حتى شاءت الأقدار وجعلته معروفاً بسرعة في الأوساط الزجلية منذ بداياته.
فهو عندما يكتب يمتلئ سعادة وتتملكه حالات نفسية تجعله يبذل قصارى جهده لاسترضائها، ربما هي حالة من العشق أو التفاؤل أو التشاؤم أو حتى الخوف من المجهول.
وعلى الرغم من أنه يختص بالشعر العامّي إلا أنه يحترم الشعر الفصيح ويحبه ويعمل على تطعيم تقنيات الشعر العامي بتقنياته، فالشعر عنده فضاء واسع متكامل يضم الشعر العامي والفصيح.
وكتاب «الحفيد» يحوي قسمين من الشعر العاميّ الموزون على النمط العمودي وعلى نمط التفعيلة، وأول هذه الأقسام (وزير الورد) وهو قسم القصائد الغزلي، و(الشعلان) وهو قسم متعدد الموضوعات، أما القسم الثالث فهو (الحفيد)، ويتضمن عدة مقابلات صحفية مع المؤلف توضح الكثير من ملامح رؤيته الشعرية ويفصح عن قصّته مع جده العماد شفيق فياض ديب.

مادة موزونة ومؤصلة
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد الشاعر شفيق ديب أن: «الكتاب يحمل بين دفتيه محاولة لخلق إطار جديد، ومادة موزونة ومؤصلة ومدروسة وذلك من خلال إطار ولون جديد، وخصوصاً أن الزجل اليوم أصبح في زاوية بعيدة جداً عن المتلقي، ولكي يصل بشكل أكبر إلى مختلف الشرائح كان لابد من العمل عليه بشكل جديد حتماً مع الحفاظ على شكله الرئيسي بإسقاطات جديدة».
وعما إذا كان الزجل اليوم مظلوماً قال شفيق: «أرى أنه ليس مظلوماً بشكل كبير بل إن شاعر الزجل السوري لم يتعب كثيراً حتى يوصل شعره، فلماذا يكون الزجل مظلوماً إذا كان شاعره لم يبذل كل ما بوسعه لإبرازه».
أما عما يطمح إليه من خلال هذا الشعر يقول شفيق إنني: «لا أطمح إلى شيء سوى زاوية صغيرة في هذه المدينة التقي فيها عدداً صغيراً من الأصدقاء ومع الشعر».

يعكس ثقافة شريحة كبيرة
وأكد معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض أن: «ما قدمه شفيق يحمل الكثير من التلقائية والعفوية، وفوجئت بهذا المستوى العفوي الذي يعكس عموم الثقافة بالشعب السوري، وجمالية الزجل الذي ألقاه كانت واضحة جداً، وعلى الرّغم من أن لغتنا العربيّة هي الوعاء الذي يحوي كل السوريين على اختلاف الألوان والأطياف، يجب ألا ننكر أن الزجل والشعر العامي يعكسان ثقافة شريحة كبيرة يجب ألا نهملها. كما أن لدى الشاعر شفيق مستوى فنياً عالياً يؤكد أن سورية ولّادة ولا يمكن أن تموت ما دامت تملك هذا الجيل الجديد».
لغة السماء

من جانبه قال الإعلامي أمجد طعمة: إنني «أرى شعر الزجل مختلفاً تماماً عما كان يسوَّق له سابقاً، وحقيقةً أرى أن الشعر هو لغة السماء، فالسماء عندما خاطبت الأنبياء تحدثت معهم بلغة فيها وزن، وتحمل لغة شعرية تشبه الشعر المحكي الذي يقوله الشعراء الموهوبون».
وعن رأيه فيما قدمه شفيق من جديد قال طعمة: إن «ما قدمه شفيق على المستوى الأدائي والغنائي وحالة الجرأة التي حملها يكادان يقاربان الجنون، ونلاحظ أن محبته للشعر تجعل عنده شيئاً مميزاً أقرب إلى الترتيل والصوفية وخرافية الجمال، وهذا الكتاب سيكون في يوم من الأيام مرجعاً لحالة شعرية خاصة وكذلك لحالة إنسانية كبيرة، ومن يعرفها عن قرب يعرف كم هي مهمة حالة الجد والحفيد».

كله إرادة وتصميم
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي معد محمد: إنني «آمنت بموهبة شفيق لسبب بسيط جداً، حيث نرى اليوم اهتمامات أقرانه من الشباب بغير اتجاه تماماً ولكن عندما نرى شفيق مهتماً بقضية الأدب والشعر فهذا يذكرنا بالرجولة القديمة والناس الذين كانوا سبباً من أسباب جدية ونجاح المجتمع، فهذا مؤشر إيجابي ونستبشر خيراً بالتأكيد، وهو إنسان لديه إرادة وتصميم وأنا واثق أنه سيستمر، ونتمنّى أن يسري هذا النموذج على أبناء الجيل الجديد».

يحب بشكل حقيقي
ومن جانبه قال الفنان سعد مينه: إن «الأهم من الشعر والزجل هو هذه الحالة التي خلقها شفيق، وعندما نرى شاباً لديه هذا الطموح وهذه الثقة الكبيرة والروح الجميلة، واستطاع إخراجنا من الحالة الجامدة التي تحملها الندوات الشعرية، ونرى شاباً يحب بشكل حقيقي، ويعمل كل ذلك عن حب وليس استعراضاً، ولديه شيء بداخله أحب أن يقدمه، وقدمه بشكل جميل ومن دون أي تكلف وجعلنا نستمتع جداً فهذا هو المهم.

قصائد من الأمسية
يا ربّ يا مازج الأفراح بالأحزان
ومْخلّص الجوهر مْن الهيكل الوثَني
الثمرة إذا نضْجت بْتوقَع عن الأغصان
لكن أنا الظّاهر تمسّكت في وطَني
مانو مصيبة إذا صار العشق عنوان
لكن مصيبة إذا صار الحقد علَني
بالكون أكتر تنين بيكذبوا أحيان
راوي حكايا الحرب.. والشاعر الوطني
الحظّ لمّا رمَاني في جسد إنسان
والغوص صوب الحقيقة.. كمّل الحسَنة
ضبّيت كل شي اكتشفتو.. بْجيبة النسيان
وطْلعت برّا الحريق.. وأحرقت سفُني

إلى أن يختم الأمسية، بقصيدة يقول في آخرها:
راح اللي راح.. وكلّ ما ذكرو مرق
تنزتّ باقة شكر.. ويزهّر نشيد
عا كلّ حالة من بعد هالمفترق
لا تقلقوا عالشاعر الصفّا وحيد
بكرا إذا كلْ شي مع الوقت احترق
وضاع لوني.. وهرهر كْتاب الحفيد
بيضلّ منّو بسّ.. صفحة مْن الورق
ذكرى رسمها الجدّ.. بعيون الحفيد

| سارة سلامة- ت: «أسامة الشهابي»

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن