ثقافة وفن

رسائل جديدة لإيصال الأفكار بطرق جذابة وعميقة … اهتمام المركز الوطني للفنون البصرية بالتصميم الغرافيكي.. لكونه الفن اﻷكثر ملامسة لسوق العمل

| سوسن صيداوي

«على الرغم من التطور المتزايد والتعقيد في التقانة، إلا أن مستقبل وجمالية التصميم يكمن في البساطة وقوة الفكرة»، جملة للمحاضرة في كلية الفنون الجميلة سامية شقير وهي من المشرفين على الورشة الفنية (stop-motion) التي أقامها المركز الوطني للفنون البصرية لاختصاص التصميم الغرافيكي والوسائط المتعددة «الملتيميديا»، بمشاركة خمسة عشر مشتركاً، تم فيها إنتاج أعمال -خمسة عشر فيلما قصيرا- شملت جميع أدوات هذه التقنية (كالمعجون، الورق، العناصر الطبيعية وغيرها)، باستخدام أدوات بسيطة من عناصر إضاءة ومجسمات ورقية، حيث تم تصوير الأعمال بالكاميرات والجوالات الشخصية.
راعى خلالها المصممون جميع الجوانب الفنية والوظيفية والجمالية فيما قدموه، وطرحت الورشة أعمالاً ترويجية لتوظيف تجاري (كأعمال أوراق المحارم، أكياس الشاي، العطور)، أو أعمال توعوية لقضايا اجتماعية أو مشاكل نفسية كأعمال(خليك أبيض، في أمل…)، وأعمال تعليمية كعملي(غورنيكا وصناعة الاكسسوارات اليدوية)، وأعمال ركزت على قضايا بيئة كعملي(أكياس النايلون والتدخين)، إضافة إلى أعمال تناولت التراث الشعبي كعلمي(كبة، والحلوة دي).

الـ(stop-motion)
في تعريف تقنية الـ (Stop-motion) أو التحريك بإيقاف الحركة أو التقنية المعروفة باسم تقنية الإطارات الثابتة أو فن التصوير المتعاقب، نوضح أنها تقنية لأحد فنون الصور المتحركة التي يمكن من خلالها توصيل فكرة للمشاهد بأسلوب ممتع وجذاب، وهو أحد أساليب الإيهام السينمائية التي تستخدم لخلق عوالم خيالية وشخصيات غرائبية خارجة عن المألوف. وفي هذه التقنية يقوم المصمم بصنع دمية أو نموذج مصغر للشخصية المطلوبة، ومن أشهر النماذج التي يتم استخدامها «الدمى، عرائس المسرح، الصلصال، المعجون، الورق»، ولا يشترط استخدام هذه الخامات فقط، بل يمكن استخدام شخصيات من البشر أو العناصر أو الأجهزة الكهربائية وإظهارها في طابع إعلامي أو فكاهي كوميدي. يعتمد هذا الفن على جعل الأشياء تتحرك كما لو كانت تتحرك من تلقاء نفسها ويحدث ذلك عن طريق التلاعب بها لتظهر بهذا الشكل، من خلال تصوير المجسم المراد تحريكه صورا متعاقبة مع إضافة تغيير بسيط في كل صورة بحيث يكون الفرق في أجزاء من الثانية، وعند العرض للصور بشكل متسلسل يحسّ المتلقي بإيهام الحركة.

عالم التصميم الأكثر انفتاحاً
حول أهمية الورشة ومتابعة مركز الفنون البصرية لهذا الجانب وتشجيعه الدائم، أكد مدير مركز الفنون البصرية الدكتور غياث الأخرس أن المركز الوطني للفنون البصرية يدأب بشكل دائم على تطوير نشاطاته الثقافية عاماً تلو اﻵخر، متابعاً: «يحرص المركز على التنويع فيما بين كل الأنشطة بحيث تشمل المجال الفني والثقافي بكل أطيافه من خلال معارض فنية وورشات عمل جادة لكل فروع ومجالات الفنون الجميلة بالإضافة إلى الندوات الحوارية الثقافية والحفلات الموسيقية المتنوعة، إلا أن اهتمام المركز بشكل خاص باختصاص التصميم الغرافيكي ومفهوم التصميم عموما، ينبع من طبيعة الاختصاص نفسه لما له من ارتباط وعلاقة بالحياة الاجتماعية واليومية المعيشة، عدا كونه المجال الفني اﻷكثر اندماجا وملامسة لسوق العمل، وهذا ما يوجب العمل على تطوير المعرفة عند فئة المصممين الشباب، وتزويدهم بالتقنيات المطلوبة، والمواظبة على التطور العالمي في هذا المجال، حيث إن هناك فارقاً كبيراً بين عالمي التشكيل والتصميم من حيث المباشرة والرؤيا الواقعية لتنفيذ المنتج الفني، فعالم التشكيل عالم مرتبط بين ذاتية الفنان واللوحة، وعالم التصميم متشعب ومرتبط بالتكنولوجيا واﻵليات المركبة لكنه أكثر انفتاحاً ومعاصرة».

ضرورة الخروج بنتاج إبداعي
بدورها تحدثت الأستاذة المحاضرة في كلية الفنون قسم التصميم الغرافيكي والملتيميديا والمشرفة على الورشة سامية شقير، بأن مجال الفنون البصرية المعاصرة يحظى بحضور لافت في حياتنا اليومية، لكنه في المشهد التشكيلي السوري يشغل الحيز اﻷصغر من الحضور والتجربة والتحليل والنقد، مضيفة: «إننا نأمل من خلال ورشات العمل الجماعية أن نبني نواة لمجتمع من المصممين والباحثين في مجالات الملتيميديا الاتصالات البصرية ضمن فضاء من الحوار والانفتاح نحو كل جديد ومبتكر، بهدف إثراء التجربة المحلية في هذا المجال، ومحاولة اختبار التقانات المستحدثة، للخروج بنتاج إبداعي أصيل يحمل ملامح الهوية السورية ويعبر عن قضاياها».
وأيضاً تابعت شقير إن احتراف الوسيلة وتملك التقانة هو الركيزة الأساسية التي تمكن المصمم من إيصال رسالته إلى المتلقي بكل يسر ومهنية.

مساهمة العلم في توظيف الحركة
أيضاً من مشرفي الورشة حدثنا أستاذ قسم الغرافيك في كلية الفنون محمد برو«لقد لعبت الطبيعة المكانية الثابتة دوراً كبيراً في انتصار محاولات الفنان في التعبير عن الحركة واﻹيحاء بالزمن، وأمد العلم المصمم بالمفاهيم المتطورة للقيام بالحركة وتوظيفها في التشكيل الفني والقدرة على تحريك الساكن، ولِمَ لا ونحن ننتمي إلى كوكب قائم على الدوران». إذاً يوضح أن أهمية دخول التقنيات الجديدة لغاية تجعل الثابت متحركاً، من خلال لقطات متتابعة يتم إدخالها على الكومبيوتر، لكي تصبح لقطات لإيهام المتلقي بأنها متحركة وهي تقنية تستخدم في الدعاية والأفلام.
أما عن المواد التي تم استخدامها في الورشة يشير برو«لقد استخدمت المواد الأولية البسيطة مثل الطين والورق ودمى العرائس، وقُدمت بتقنيات بسيطة، وتم إنشاء استديو مصغر لنقوم بكل هذه الأعمال التي من الممكن أن تكون مكلفة إذا أردنا أن نقوم بها بشكل احترافي، والنتائج كانت جيدة جداً ولابد من دعم هذه المواهب ليدخلوا سوق العمل وهم قادرون على منافسة دول مجاورة في هذا المجال».

من المشاركين
حدثتنا الطالبة تسنيم ديب المشاركة بعمل(كبة سورية) عن مشروعها قائلة: «لقد كنت سعيدة جداً بالمشاركة في هذه الورشة، فنحن كمصممين أداتنا اﻷساسية هي خيالنا، ولكي ينمو هذا الخيال وتتطور أدواتنا، علينا أن نرى الأشياء بطريقة جديدة ونفكر خارج الصندوق، نحن بحاجة لنرى أكثر ونتشارك أكثر وهذا ما تقدمه لنا ورشات العمل الجماعية».
بينما الطالبة رنيم جبر ترى من خلال عملها(ايه.. في أمل) أن الأمل يبقى إذا كان لدينا رؤية وإيمان وثقة، وأن هناك نوراً سيضيء دربنا لننطلق من جديد رغم الصعوبات. وتضيف: «لقد استخدمت تقنية الرسم باﻷبيض واﻷسود ﻹبراز العناصر وبيانها في الفيديو وعرضها بطريقة بعيدة عن التعقيد».
من جانبها تحدثت ساندرين شماس صاحبة مشروع (تصالح مع صباحك) «هذه مشاركتي الثانية في ورشات عمل المركز الوطني، وأحب المشاركة دائماً لأنها تزيد من إمكانيات المصمم وتفتح له بحواراتها وأجوائها آفاق اﻹبداع والتفرد كما أنها تمنح المصمم تجارب وخبرة خاصة من خلال الاطلاع على أعمال الغير وأسلوب عملهم، فتجعله يفكر بابتكار ويبدع باستخدام وسائله الخاصة التي تعبر عن شخصيته».
على حين تحدثت منال صبح صاحبة مشروع(خلي قلبك أبيض)عن مشاركتها وما أضافت لها التجربة لم تكن تجربتي بالـ(stop-motion) في البداية بالشيء السهل، لكن كانت تجربة مذهلة ملأى بالمتعة والفائدة والإبداع وفرصة لإظهار الطابع الخاص لكل منا، باستخدامنا لمواد متنوعة وبأسلوب يختلف كل عن الآخر». وعن المواد التي استخدمتها تشير منال إلى أنها استخدمت المعجون كمادة أساسية تدعم فكرة المشروع، معتمدة على اللون الأبيض كلون رئيسي في العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن