ثقافة وفن

في إخراج المعارك ومشاهد المجازفة والأدوار البديلة … جمال الظاهر لـ «الوطن»: الصعوبة تكمن في التحضير للمشهد… ولأن التكلفة عالية لا نعيد تصويره

| سوسن صيداوي

الإبهار وشدّ الجمهور ليس أمراً هيناً على الإطلاق، فمن بين ما لا يدرك مشقته المُشاهد، هو تصوير المعارك والحوادث أو الاقتتال في الأفلام أو المسلسلات مهما كان نوعها، فالتحضير لها بالغ التعقيد لكونها تحتاج إلى دقة عالية، وجهد وصبر كبيرين، كي تؤخذ اللقطة المطلوبة في مرة واحدة لن تتكرر لأنها تتطلب تكلفة عالية في الإنتاج. في هذا المجال تمّكن المجازف السوري جمال الظاهر من تحقيق بصمة مميزة، صنّفته كمخرج للمعارك ومجازف ومدرب للممثلين ومؤد للأدوار البديلة في الأكشن والمشاهد القتالية والمجازفة. البداية سوريّة وبعدها إلى الدول العربية ثم العالمية، حيث حصل على بطولة الجمهورية العربية السورية في العديد من الألعاب الرياضية، لينطلق في إخراج المعارك والفنون القتالية وأدوار المجازفة من مدينته الرقة، بالعمل بداية مع المخرج نجدة أنزور في العديد من الأعمال، متجاوزاً خطورة الأدوار، وضعف الإنتاج واستخدام التقنيات، مقدماً مع -فريقه الذي شكلّه- فريق المجازفين السوريين الأداء الاحترافي المتقن، منتسباً إلى مدراس مختصة في إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا، ومستفيداً في التدريب القتالي من أساتذة أميركيين ويابانيين، هذه الدراسات أصبحت خبرة متراكمة من تجارب تزيد حتى الآن على 400 عمل تنوعت بين الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية والفيديو كليبات والإعلانات التجارية، منها: الولادة من الخاصرة، طريق، هارون الرشيد، غرابيب سود، ذاكرة الجسد، رأس غليص، الطواريد، القعقاع، خالد بن الوليد، العراب، شوق، خاتون، فرقة ناجي عطا الله، حلاوة روح، وهم، هوا أصفر، عطر الشام، فانية وتبدد، سوريون، الأب، جمال عبد الناصر، حنين الذاكرة، ماورد، مملكة الأكاذيب.
من بين ما ذكرنا أعلاه أعمال جمعته بأهم الأسماء السورية والعربية والعالمية كي يقوم بتدريب الممثلين أو يؤدي عنهم دوراً بديلاً مثل: عادل إمام، قصي خولي، عابد فهد، أحمد السقا، محمد رمضان، تامر حسني، باسل خياط، طوني عيسى، يوسف الخال… إلخ.
للحديث أكثر عن هذا الاختصاص الفني وما يتعرض له من مشكلات تُفقد المشاهد الإبهار البصري مقارنة بالغرب، حدثنا مخرج المعارك جمال الظاهر مسلطاً الضوء على العديد من النقاط في حوارنا التالي معه:

منذ متى وأنت تتدرّب كمقاتل.. وكيف بدأت القصة وأصبحت تصوّر مشاهد المجازفة والأكشن وتقوم بإخراج المعارك؟
بدأت قصتي مع المجازفة من خلال الرياضة، فأنا بطل الجمهورية العربية السورية في العديد من الألعاب الرياضية، ووقتها كنت بعمر صغير جداً، أما بالنسبة لتصويري مشاهد المجازفات، فكانت البداية مع المخرج نجدت أنزور في المعارك التي كان يصورها في المدينة التي أنتمي إليها وهي مدينة الرقة، والانطلاقة كانت في مسلسلات: تل الرماد، صلاح الدين، فارس بن مروان.

حدثنا عن فريق المجازفين السوريين ومن مؤسسه، وبأي سن يمكن الانتساب إليه وتحت أي شروط، وهل من جهة داعمة له؟
أنا من شكل فريق المجازفين السوريين وعدد أعضائه في الوقت الحالي سبعة مقاتلين، للأسف الشديد لا توجد مؤسسة للدعم، فالفريق خاص، ولا يوجد عمر محدد للانتساب إليه، ولكن لا يجوز أن يكون عمر اللاعب أقل من سبعة عشر عاماً، ففي هذا العمر يصبح بنيانه الجسدي جيداً وعضلاته قوية، وغير ذلك لا توجد شروط أخرى لأن المجازفيين هم بطبيعة الحال شباب رياضيون وأنا أدربهم كي يؤدوا حركات المجازفة بطريقة فنية أمام الكاميرا.

هل أنتم مؤمّنون على سلامتكم؟
بالنسبة للتأمين على حياتنا أو سلامتنا فهو تأمين خاص، ولا توجد شركات لهذا الموضوع، وإن حصلت أي إصابات أو حوادث مضرّة بصحتنا أو سلامتنا تتبناها شركة الإنتاج وهي تقوم بالعلاج على نفقتها، على حين في الأعمال التي تنفّذ خارج سورية، في تلك الدول توجد شركات تؤمّن على سلامتنا وحياتنا مقابل تصوير مشاهد المجازفة.

مَن مِن الممثلين الذين تعاملت معهم؟ ومن أكثرهم يتمتع بمرونة جسدية، وهل درّبت فنانات؟
لقد تعاملت مع أكثر من تسعين بالمئة من ممثلي الوطن العربي سواء كانوا سوريين أم مصرين أو لبنانيين أو أردنيين أو خليجيين أو مغاربة. ولكن في الحقيقة أكثر الممثلين الذين تعاملتم وهم بالفعل يتمتعون بلياقة بدنية وقدرة جسدية عالية من الفنانين السوريين: باسم ياخور، قصي خولي، عابد فهد. من الفنانين العرب: الفنان الأردني ياسر المصري رحمه الله، محمد رمضان، محمد السقا. وبالطبع قمت بتدريب العديد من الفنانات من سورية: كاريس بشار، شكران مرتجى، كندا حنا، نسرين طافش، جيني إسبر. من اللبنانيات قمت بتدريب الفنانات: نانسي عجرم، هيفا وهبة، نيكول سابا. من مصر: غادة عبد الرازق وسمية الخشاب.
هل مثلت دوراً بديلاً من ممثل ما في مشهد يتطلب الأكشن والمجازفة؟
خلال اثنا عشر عاماً من عملي بالطبع مثلت عن أكثر من ثمانين بالمئة من الفنانين العرب في أدوار مجازفة بديلة. ففي مصر مثلت كبديل من: الزعيم عادل الأمام، أحمد السقا، محمد رمضان، مصطفى شعبان وتامر حسني. في لبنان: يوسف الخال، طوني عيسى. ومن النجوم السوريين: قصي خولي، تيم حسن، باسل خياط، عابد فهد. أحب هنا أن أشير إلى أن كل أسماء الفنانين الذين ذكرتهم أغلبهم جسمهم من حيث الطول أو الحجم قريب من جسمي، على حين الأعضاء الآخرون في الفريق يعملون بديلاً من فنانين بقامة الفنان باسم ياخور، حتى من الفريق أعضاء أجسادهم نحيلة كي يقوموا بدور بديل من فنانات في مشاهد تجسّد ركوب الخيل مثلاً أو سقطة من مكان مرتفع. وبالنسبة لأدوار البديل في المجازفة لم تقتصر على أعمال عربية فقط، فلقد عملت كنجم بديل من نجوم عالميين في هوليود مثل فيلم المنطقة الخضراء Green» Zone»، وأيضاً فيلم ثلاثين دقيقة بعد منتصف الليل «Zero Dark Thirty». وأيضاً فيلم المياه الباردة «كولد ووتر». وشاركت في عمل روسي باسم «جامع الطوابع الحديدي»، وفي الفيلم التركي «طريق العودة إلى البيت، وكذلك الفيلم الألماني «إبراهيم الخليل»، إضافة إلى العديد من الإعلانات لماركات عالمية تجارية تعود لعدة دول أوروبية ودول أجنبية أخرى.

تتطلب صناعة المعارك وإخراجها دقة عالية وتكلفة كبيرة إضافة إلى مجهود مضاعف، حدثنا عن صعوبة الأمر؟
الصعوبة في مهنتي من خلال التحضير لتصميم المعارك أو تنفيذ المشاهد الخطرة، فاللياقة البدنية يتمتع بها أعضاء فريق المجازفة ونحن نتدرب بشكل دائم، ولكن التحضير للمعارك يحتاج إلى تكلفة عالية جداً وإلى إنتاج عالٍ، لكون مشهد المجازفة لا يمكن إعادة تصويره، الأمر الذي يتطلّب الكثير من التحضير، فمثلا إذا كان المشهد يتطلب تصوير حادث سير وتحطّم سيارة، إذاً الأمر مكلف، ولا يمكننا إعادة تصوير المشهد، لهذا نحضر كثيراً.

برأيك لماذا مشاهد الأكشن في الأعمال الأجنبية أكثر قربا من الواقع والحقيقة؟
بالفعل هذا ما نسمعه دائماً من جمهورنا العربي حول قرب مشاهد الأكشن الأجنبية من الواقع، وهنا أحب أن أشير إلى نقطة في غاية الأهمية حتى في سورية ليس لدينا المستوى الذي تتمتع به مصر في هذا المجال، وما أحب أن أوضحه هنا أن الأعمال التي اشتغلتها في الخارج الأجنبي مختلفة عما نعمله هنا محليا وعربيا، والسبب بصراحة يعود للإنتاج من حيث تكلفة التحضير وحتى الصبر على اللقطة في المشهد، ففي الغرب مثلا نعمل يوماً كاملاً من أجل لقطة المجازفة في المشهد، هذا إضافة إلى أن التكلفة عالية جداً من حيث الكومبارس والتجهيز والإكسسوار المستخدم في المشهد كنوع المتفجرات، حجم الحريق، تدريب الممثلين والمشاركين، فهذا كلّه يلعب دوراً في إنجاح اللقطة وإظهارها كي تكون مشابهة للقطات العالمية أو العكس، إذاً نحن محليا وعربيا نعاني من عجلة في التصوير لكوننا محكومين بزمن معين لتسليم المسلسل أو الفيلم، إذا لا فرق بين فرق المجازفة الغربية وبين فريق المجازفة العربي، فأنا درست في بريطانيا وإسبانيا، وتعلمت اختصاص المجازفة والفنون القتالية على يد أساتذة في هوليود واليابان، وخبرتي أقدمها من خلال التدريبات لفريقي.

ولكن ألا يمكننا أن نعوّل أيضاً على ضعف التقنيات المستخدمة في التأثير السلبي في مشاهد الأكشن العربي؟
نعم… فنظرتنا إلى مشاهد الأكشن والمجازفة يجب أن تكون متطورة من حيث اعتبارها اختصاصا لا يجوز التدخل فيه وهو اختصاص بحاجة إلى عين خاصة. وفي الحقيقة إضافة إلى ما ذكرته أعلاه من أسباب تضعف مشاهد القتال أو المجازفة، فهناك أمور تقنية تؤذي عملنا وتقدمه بطريقة مختلفة عما هو مكتوب على الورق، سواء من حيث طريقة تصوير المشهد، أو من حيث طريقة مونتاجه، إذاً التقنيات المتاحة بين أيدينا لا تخدمنا، وللتوضيح أنا قادر على إخراج معركة تحتاج إلى لياقة بدنية ونزاع وحركات قتالية وغيره الكثير من العناصر ذات المستوى الفني العالي، ولكن ببساطة تأتي مثلا تقنية الغرافيك أو الخدعة السينمائية والموسيقا التصويرية كي لا يخدمونا، إذاً هذه كلّها أمور تفشّل المشهد، وتأكيداً لكلامي يُلاحظ الجمهور وهو ينشد لمشهد ما فيه الممثل يقوم بدور البطل ويؤدي حركات بطولية خارقة، على حين في حقيقة الأمر الممثل شخص عادي وحركاته أمام الكاميرا في غاية البساطة، ولكن ما يخدمه كل من التصوير والغرافيك والموسيقا والكثير من التقنيات والمؤثرات التي تعطي المشهد شكلا جميلا وتجعل الجمهور يصدق بأن الممثل هو بطل خارق. هذا من جهة ومن جهة أخرى أحب أن ألفت الانتباه إلى نقطة وهي أن الإكسسوار المستخدم في الأسلحة كـالبنادق والسيوف والرماح. نحن ما زلنا نستخدم البلاستيكي منها، على حين في الغرب نستخدم أسلحة حقيقية ونتعامل مثلا مع الرصاص والمتفجرات ضمن مؤثرات خاصة واحتياطات تجعل من مشاهد المعارك والقتال صادقة نوعا ما وقريبة جداً من الواقع.

لقد شاركت بالكثير من الأفلام والأعمال العالمية.. اليوم هل حققت حلمك ببلوغ العالمية؟
مشروع العالمية هو هدف قائم بحد ذاته بالنسبة لي سواء كمخرج معارك أم كمجازف أو كمخرج أفلام سينمائية، وهو أمر حصلت عليه من الخبرات المتراكمة في عملي، وانطلقت إلى العالمية من المحلية من بلدي سورية وإلى الدول العربية، ولكن العالمية بحاجة إلى دعم وللأسف هذا غير متوافر، لهذا اعتمدت على نفسي، فأنا وفريقي أصبح لنا مكاننا ومطلوبون عربيا وعالميا، وفي الوقت الحالي لدينا جولة في عدة أقطار عربية. هذا وأحب أن أضيف إننا كفريق مجازفين سوريين نسافر للخارج باسم بلدنا كسوريين، وفي الفترة الحالية لدي تصوير معارك في كازاخستان، وفي تركيا ومهرجان في أوروبا، وأختم هنا أنني أحمد اللـه لكوننا أصبحنا نحن فريق المجازفين السوريين، قادرين على دعم أنفسنا ولسنا بحاجة لدعم من أي جهة.

في الختام هل توجز لنا ما شاركت به من أعمال سورية وعربية: سينمائية، درامية، تاريخية، بدوية؟
من الأعمال التاريخية البدوية التي عملت بها: هارون الرشيد، القعقاع، خالد بن الوليد، أحمد بن حنبل، عنترة بن شداد، المهلب بن أبي صفرة، أبو جعفر المنصور، قمر بني هاشم، رايات الحق، الأمين والمأمون، المرابطون والأندلس، الظاهر بيبرس، سقوط الخلاقة، جمر الغضب، بلقيس، عيون عليا، رأس غليص، الطواريد، فنجان الدم، الوعد، إخوة الدم، نمر بن عدوان، وضحة وابن عجلان، أبواب الغيم، صراع على الرمال.
عملت أيضاً بالأعمال الدرامية منها: الاجتياج، غرابيب سود، ذاكرة الجسد، رجال الحسم، ما ملكت أيمانكم، طوق البنات وعطر الشام، الولادة من الخاصرة، حلاوة الروح، شوق، الغالبون، ملح التراب، خاتون، بلا غمد، وهم، هوا أصفر، فرقة ناجي عطا الله، نابليون، خطوط حمراء، الصفعة، العراب، طريق، باب الحارة عدا جزئيه السابع والسادس.
وأخيراً في السينما شاركت بالكثير من الأفلام منها: مملكة النمل، جمال عبد الناصر، فانية وتتبدد، رد القضاء، مملكة الأكاذيب، حنين الذاكرة، فيلم الأب، سوريون، وعد شرف، مسيرة وطن، حماة الديار، ماورد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن