1.2 مليار ليرة خسارة القطاع العام الصناعي في 9 أشهر.. والوزارة تعترف: لا دعم اقتصادياً للمنتج الوطني مقابل الأجنبي أسوة بالدول كافّة
| هناء غانم
لم توفق وزارة الصناعة هذا العام في تنفيذ خطتها للأرباح، التي يبدو أنها تفاءلت فيها كثيراً، إذ خطط لتحقيق ربح صاف لإجمالي مؤسساته وشركاتها بنحو 69.2 مليار ليرة سورية، بنمو أكثر من ثلاثة أضعاف العام 2017 حيث خطط لربح بنحو 22.5 مليار ليرة، ليأتي الواقع اليوم كاشفاً عن خسارة بنحو 1.27 مليار ليرة خلال 9 أشهر من العام الجاري، وذلك بموجب تقرير عن الأرباح والخسائر للوزارة (حصلت «الوطن» على نسخة منه).
ويأتي سبب تلك الخسائر إلى وجود عجز يفوق الأرباح، إذ تجاوز العجز الإجمالي مبلغ 16 مليار ليرة سورية، نصفه تقريباً في المؤسسة الكيميائية، وأكثر من 5 مليارات ليرة في النسيجية، ونحو 1.9 مليار في الاسمنت، من دون أن تسجل التبغ والأقطان أي عجز.
علماً بأن المبيعات الفعلية منذ بداية العام 2018 وحتى نهاية شهر أيلول بلغت نحو 161.4 مليار ليرة سورية، بينما المخطط للفترة نفسها 527.3 مليار ليرة، أي إن التنفيذ نحو 30.6 بالمئة فقط.
عملياً، بررت الوزارة العجز عن تنفيذ الخطة بتحميل كل النفقات الثابتة على الكمية المتدنية من الإنتاج الفعلي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في نصيب وحدة المنتج من النفقات الثابتة، إضافة إلى صعوبة تأمين بعض المواد الأولية بسبب الظروف السائدة وإحجام الكثير من الشركات العالمية عن الاشتراك في المناقصات التي تعلن عنها شركات الوزارة والتعامل معها.
والأهم صعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج الرئيسة في بعض الشركات مثل القطن والفوسفات والمواد الأولية الأخرى، وعدم استمرارية توافر حوامل الطاقة من غاز وكهرباء ومازوت، إلى جانب التوقفات التي حصلت في بعض الشركات بسبب الظروف الراهنة.
وبيّن التقرير أن هناك صعوبة أيضاً في تأمين القطع التبديلية اللازمة لبعض التجهيزات والآلات مع تدني نسبة الاستفادة من الطاقات الإنتاجية القائمة سواء بسبب المشكلات الفنية أم المشكلات التسويقية، ما أدى إلى اختناقات وتراجع في المواصفات.
ومن جهة أخرى لفت التقرير إلى ظهور مشكلة رواتب العمال في الشركات الواقعة في المناطق الساخنة التي طالها التخريب وتوقف الإنتاج واستمرار عبء رواتب العاملين في الشركات المتوقفة عن العمل، ما أثقل كاهل هذه الشركات بالديون وأدى إلى تآكل قيمة الموجودات الثابتة ونقص الكوادر الفنية المتخصصة وتبعثر منتجي الحليب الخام وعدم وجود مراكز تجميع.
إضافة إلى ذلك كان لقدم الآلات والمعدات وانتهاء عمرها الفني الإنتاجي أثر كبير في عدم تنفيذ الخطة، ومن الأسباب أيضاً انخفاض معدل الانتفاع من الطاقات الإنتاجية المتاحة وزيادة في استهلاك المواد الأولية بنسب تفوق المعايير الدولية، ما أدى إلى انخفاض الريعية الاقتصادية.
ولفت التقرير إلى انخفاض الكميات المصدرة من المنتجات بسبب العقوبات الاقتصادية وعدم قدرة الشركات على تسويق منتجاتها لأسباب متعلقة بالنقل وقلة الاعتمادات المخصصة في بند الدعاية والإعلان والمعارض الخارجية، وعدم وجود شركات تسويقية متخصصة محلية ودولية تساهم في تسويق المنتجات الصناعية ودراسة الأسواق الجديدة، وعزوف الموزعين والموردين عن التعامل مع الشركات العامة بسبب كثرة الإجراءات الروتينية من عقود وتأمينات وطوابع ورسوم وضرائب وتحولهم إلى التعامل مع القطاع الخاص، إضافة إلى عدم وجود دعم اقتصادي للمنتج الوطني مقابل المنتج الأجنبي أسوة بالدول كافة.
وفي المجال المالي والإداري أوضح التقرير أن هناك ضعفاً في السيولة المالية لبعض الشركات ما يؤثر سلباً في تنفيذ الخطط الإنتاجية والاستثمارية مع وجود تشابكات مالية بين بعض الشركات وجهات عامة مختلفة، ما جعل بعضها يعجز عن تسديد رواتب العاملين فيها بسبب الروتين والتأخير لدى المصارف السورية في تبليغ الاعتمادات والحوالات الواردة، إضافة إلى ضعف التسهيلات الائتمانية المتبادلة بين المصرف التجاري السوري والمصارف الأجنبية المعتمدة.
ولفت التقرير إلى عدم قدرة النظام الإداري الحالي للقطاع العام الصناعي على التماشي مع متطلبات المرونة اللازمة لإدارة شركاته، وذلك بسبب القيود الإدارية والمالية والتشريعية التي يعاني منها والتي تجعله غير قادر على منافسة القطاع الخاص أو السلع المستوردة.
وفند التقرير التراجع في كل مؤسسة على حدة وتبين بداية أن هناك تراجعاً في مبيعات المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء سببها انخفاض استجرار مادة الإسمنت من مؤسسة عمران لضعف الطلب على هذه المادة في السوق المحلية.
أما أسباب تراجع مبيعات المؤسسة العامة للسكر فهي تعود إلى صعوبة تسويق السكر الأبيض بسبب شرائه بأسعار مرتفعة وانخفاض أسعار السكر ما استدعى تسويقه للسورية للتجارة بأقل من أسعار التكلفة.
وعدم استجرار الكحول المنتج من الجهات المستجرة له بسبب وجود كميات من الكحول الطبي في السوق المحلية التي تدخل إلى القطر بشكل غير نظامي علماً أن هناك تسهيلات مقدمة من القطاع الخاص المنتج لمادة الكحول (البيع بالتقسيط،إيصال المادة إلى المشتري).
إضافة إلى ارتفاع رسم الإنفاق الاستهلاكي على مادة الكحول الطبي.
والأهم الظروف الراهنة التي أدت إلى خروج العديد من المصانع والمنشآت التي تستخدم مادة الكحول عن العمل وضعف استجرار المؤسسة السورية للتجارة لمادة الزيت المكرر.
أما أسباب تراجع مبيعات المؤسسة العامة للتبغ فلوجود كميات كبيرة من السجائر الأجنبية المنافسة في السوق وصعوبة الوصول إلى المناطق كافة بسبب الأوضاع الأمنية السائدة.