الأولى

الرسالة

| وضاح عبد ربه

مع التعديل الحكومي الأخير الواسع، والذي أعطاه السيد الرئيس بشار الأسد صبغة «الحكومة الجديدة» من خلال استقباله لأعضاء الحكومة كافة، وترؤسه اجتماعاً توجيهياً والإشارة بشكل واضح إلى دخول سورية مرحلة جديدة تتميز بعدة عناوين أهمها محاربة الفساد، تكون سورية قد بدأت بطي صفحة الحرب والاستعداد لمرحلة التعافي، وهي لا تقل صعوبة عن الحرب، وخاصة أنها تتطلب قرارات جريئة وسريعة ستكون حاضرة على طاولة الحكومة اعتباراً من اجتماعها الأول اليوم.
فالرئيس الأسد من خلال حديثه شخّص معاناة أغلبية السوريين وتطلعاتهم وتضحياتهم من أجل سورية أفضل مما كانت عليه، وهذا يعني إصلاح مختلف إدارات الدولة من خلال قوانين وقرارات تحد من الفساد وتكافحه وتساهم في التحضير لسورية الغد التي يطمح كل سوري أن تكون دولة عادلة يتمتع فيها كل مواطن بذات الحقوق والواجبات، وهذا ليس بجديد على الرئيس الأسد، فهو مشروعه القديم المتجدد الذي أطلقه منذ توليه سدة الرئاسة، وكان آنذاك، ولا يزال، مشروع التطوير والتحديث، الذي تمت عرقلته في بعض الحالات أو إبطاؤه في حالات أخرى نتيجة عوامل خارجية ونتيجة الحرب التي شنت على سورية وكان من أهم أهدافها تدمير الدولة وتحويلها إلى دولة فاشلة، وتفكيك المجتمع وانهياره، وهذا ما رفضه الشعب السوري، وقاتل من أجل الحفاظ على سوريته وهويته ودولته وهو مدرك تماماً أن صموده هذا وتضحياته لا بد أن تنتج سورية أفضل تمكن الأجيال القادمة من العيش فيها بأمن وأمان ورغد وازدهار.
فكلام الرئيس الأسد هو تدشين لمرحلة جديدة، مرحلة نستأنف من خلالها مشروع تطوير وتحديث سورية، هي مرحلة عودة الحياة إلى حالتها الطبيعية، وطي صفحة الحرب التي باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة وأصبحت محصورة في جغرافيا محددة، وهي بكل تأكيد تحتاج إلى مضاعفة الجهود من أجل النهوض بسورية وتعويض سنوات الحرب، وذلك على الرغم من الحصار المفروض علينا وبالاعتماد على مواردنا الطبيعية والبشرية المتاحة.
إن حديث الرئيس الأسد هو في مجمله عن «رضى» المواطن الذي بقي في قمة سلم الأولويات عند الرئيس الأسد، وعن حقوقه وواجباته، هو حديث موجه إلى الحكومة الجديدة التي بات لزاماً عليها مكاشفة المواطن وشرح ما يمكن تنفيذه وما لا يمكن، بحيث يكون سنداً لها ومتفهماً لظروفها، ما دامت النوايا سليمة للإصلاح والتطوير.
جميعنا مدرك لحجم التحديات وللصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذا الإدراك يجب أن يترافق مع شرح مفصّل من الوزراء ومجلس الوزراء، تجاه قدرة الدولة على التنفيذ أو التأجيل أو الامتناع.
حديث يعود بنا في الذاكرة إلى ما قبل الحرب على سورية، حين كانت الدولة تعمل كخلية نحل من أجل تنمية مختلف نواحي حياة السوريين، وهذا ما يجب أن يستأنف الآن على الرغم من الظروف المتغيرة التي يجب ألا تقف عائقاً أمام تطور سورية واستعادة ألقها، وهذا ما ينتظره المواطن من حكومته ودولته، وهذا ما قاتل وصبر من أجله.
كلام الرئيس الأسد بمنزلة رسالة للداخل وللخارج، بأن سورية لا يمكن كسرها أو إخضاعها، وإن تألمت لفترة من الزمن، فسرعان ما تقف من جديد على قدميها وتمضي في مشروعها التطويري الذي يحقق العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي متحدية كل الصعاب والحصار والخسائر, وأن سورية منيعة من كل المؤامرات وذلك بفضل قواتها المسلحة ووعي وتضحية شعبها الذي يؤمن بوطنه وسيعيد بناءه ليكون أفضل مما كان.
فهل وصلت الرسالة؟ نرجو ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن