وزير المالية و«الجمارك» وجهاً لوجه في شنشار … حمدان: على الجمارك تحمل مسؤولياتها تجاه حماية الاقتصاد وضبط المنافذ … الأسعد لـ«الوطن»: كل المحال التجارية هدف للجمارك بغض النظر عن حجم المهربات فيها
| عبد الهادي شباط
طالب وزير المالية مأمون حمدان الجمارك بتحمل مسؤولياتها تجاه حماية الاقتصاد وضبط المنافذ والمعابر التي تمر عبرها المهربات نحو الأسواق المحلية، وضرورة الحزم في التعامل مع ظاهرة التهريب وضرب مصادرها، وتفويت الفرصة على المهربين لتخريب الاقتصاد المحلي، وعدم التراخي في التعاطي مع قضايا التهريب تحت أي عنوان، مبيناً أن أقل أشكال الضرر الذي يلحقه التهريب هو فوات بعض الرسوم والضرائب على الخزينة العامة، مقارنة بالضرر الأكبر الذي ينال الصناعة والمنتجات المحلية والتأثير في سعر الصرف.
جاء ذلك خلال لقاء الوزير مع عدد من رؤساء الضابطات الجمركية ورؤساء المفارز والمديرين في إدارة الجمارك العامة، إذ أكد الوزير أنه يريد سماع المشكلات التي يعاني منها العاملون في القطاع الجمركي مباشرة منهم، ويريد أن يتعرف على مقترحاتهم والحلول التي يرونها لضبط التهريب، للإسهام في صياغة خطة شاملة للتعامل مع ظاهرة التهريب التي لم تعد مقبولة خاصة مع تحسن الظروف العامة للبلد.
وكشف عن كثرة المهربات في الأسواق المحلية وتعدد أنواعها وأصنافها وأنه ربما أخطرها المخدرات والأدوية المهربة التي تدخل دون الخضوع لاختبارات السلامة، إلى جانب الكثير من المواد الغذائية خاصة الفروج المجمد والبالة والمبيدات الأدوية الزراعية والتي يمتد ضررها لسنوات بسبب عدم صلاحيتها للاستخدام، واحتوائها على مواد ضارة، وهو ما حصل لدى إدخال بذور الأقطان المهربة وغير الصالحة التي أضرت بالمزارع والمحصول وفي النهاية بالاقتصاد ككل، منوهاً أن مثل هذه العمليات تحمل بصمات إجرامية يتم العمل عليها لتدمير الاقتصاد الوطني من الخارج، كما أن تهريب غنم العواس مازال مستمراً.
آلية قمع التهريب
بين المدير العام للجمارك فواز الأسعد لـ«الوطن» أنه تم التوافق على تعديل آلية عمل الأجهزة الجمركية المعنية بقمع التهريب والتي كانت تقتصر على الدخول إلى المستودعات بالتحول نحو التوسع في العمل ومتابعة التهريب في المحال التجارية، وأن أي محل فيه مهربات هو هدف للجمارك، بغض النظر عن حجم المهربات التي لديه، وأنه سيتم التشدد في اتخاذ أقسى العقوبات التي نص عليها القانون وهي عقوبات رادعة تتمثل في شقها المدني بالغرامات وهي غرامات موجعة، على حين في شقها الآخر جزائي وتصل لعقوبة الحبس بحق المهرب.
وحول سبب هذا التحول في آلية العمل الجمركي والعودة للدخول إلى المحال التجارية بين أنه بعد مسح وجمع المعلومات تبين ارتفاع في نسب المهربات ضمن المحال والمستودعات في الأسواق المحلية، وهو أمر غير مقبول ويهدد الإنتاج المحلي ويضر بسلامة المستهلك.
وفي جواب على سؤال «الوطن» حول سبب التركيز في مكافحة التهريب على صغار المهربين وترك الحيتان، بين الأسعد أنه لا حصانة لأحد، وأن التعليمات للجمارك هي ضرب جميع المهربين وأن لا استثناءات في ذلك، والكثير من القضايا التي عملت عليها الجمارك هي لكبار المهربين الذين عادة ما يتم التشدد أكثر في التعامل معهم، مبيناً أن الجمارك تعمل على الوصول إلى المصادر والمنابع للمهربات عبر تتبع المعلومات وتقاطعها ومراقبة نشاطات التهريب.
وعن سبب اختيار منطقة شنشار لهذا اللقاء الجمركي الموسع بين الأسعد أن اختيار المكان له رمزية لجهة أن معظم المهربات تنساب وتمر من هذه المنطقة، ولذلك تم اختيارها لإعلان خطة عمل الجمارك الجديدة وأنه لن يسمح بالاستمرار للمهربين بتمرير مهرباتهم خاصة عبر هذه المنطقة.
خطة عمل واسعة
أوضح الآمر العام للضابطة الجمركية العميد آصف علوش أن الضابطة تعمل منذ وقت على تطوير آليات عملها، ووضع خطة عمل واسعة تتناسب مع التحسن العام الذي شهدته معظم المناطق السورية بعد المساحات الكبيرة التي استعادها الجيش خلال الفترة الأخيرة، ومنه كان لابد من التحول بعمل الضابطة لبرامج عمل مختلفة ضمن الخرائط المستجدة المتاحة للعمل أمام الضابطات الجمركية، مبيناً أن الضابطة تعمل على معايير اختيار رؤساء الضابطات ورؤساء المفارز وتوزيعهم ضمن خطط مدروسة بما يخدم العمل الجمركي، وأن الضابطة عملت على تحديد المناطق الأكثر أهمية لضبط حركة التهريب وحددت العديد من النقاط والمعابر، وتعمل على تعزيز تواجدها في هذه المناطق، وأن الضابطة تعمل على زيادة عملية المتابعة وضبط المهربات وأن حصيلة قضايا التهريب شهدت ارتفاعاً خلال الفترة الأخيرة.
كما بين الآمر العام أن هناك تعاوناً وتنسيقاً مع العديد من الجهات المختصة في التعامل مع قضايا التهريب التي تستدعي مثل هذا التنسيق، وهو ما حدث مؤخراً في حلب حيث عملت الضابطة الجمركية بالتعاون مع الجهات المختصة للتعامل مع بعض قضايا التهريب خاصة بعد تعرض إحدى الدوريات الجمركية لمواجهة مباشرة مع مهربين مسلحين حيث تم التعامل مع هذه القضية وضبط الحالة والتعامل معها وفق الأنظمة المعمول بها.
وأوضح أنه يتم العمل على تطوير الخبرات والمهارات لدى عناصر الضابطات الجمركية لزيادة قدرتهم في التعامل مع قضايا التهريب المختلفة وكل المستجدات التي قد تواجههم وأن هناك حالة متابعة يومية لعمل الضابطات عبر طلب التقارير اليومية للعمل والزيارات الميدانية لمواقع العمل.
مداخلات جمركية
تمحورت مداخلات المسؤولين والعناصر في الجمارك حول ضرورة تحسين التعويضات التي يحصلون عليها خاصة تعويضات الوفاة وإصابات العمل إضافة لتوفير مقرات عمل أفضل، وتأمين المستلزمات التي يحتاجها العمل الجمركي، كما تركزت المطالب على زيادة مخصصات مادة البنزين لكون العديد من سيارات الدوريات تعمل على مدار 24 ساعة، وبالتالي لابد من تغطية كميات الوقود المطلوبة إضافة لتأمين السيارات الحقلية الخاصة بالعمل الجمركي.
كما تحدث أحد العناصر عن زيادة الثقة بين العناصر وقيادتها، فرد عليه الوزير بأنه في أي حالة يشعر فيها العنصر بعدم العدالة أو الإنصاف يمكنه التوجه للوزير مباشرة دون الرجوع للقيادات المباشرة له وأنه سيتم النظر ومعالجة الموضوع بجدية عالية.
ورد المدير العام على طلب زيادة السيارات بقوله إنه تم التعاقد لتأمين نحو 30 سيارة بقيمة 800 مليون ليرة، وأنه في القريب ستؤمن هذه السيارات، وحول الطلب بزيادة المخصصات من مادة البنزين التي توقف عندها الوزير وطلب البحث فيها ومدى الحاجة الفعلية لذلك بين المدير العام أنه ستتم مراقبة الصرفيات الفعلية التي يحتاجها العمل لتقييم الحاجة الفعلية ومعرفة مدى دقة الحاجة لزيادة الطلب.
وقال المدير العام تعليقاً على مطلب زيادة التعويضات «إن الجمارك محسودة نظراً للتعويضات التي يحصل عليها العاملون فيها جراء توزيع نسبة من الغرامات العائدة لقضايا التهريب المضبوطة على العاملين»، وأوضح أن التعويضات الأخرى المتعلقة بالوفاة والإصابة سوف يعالجها قانون الجمارك الجديد الذي يتم العمل عليه.
ازدواجية
بيّن مدير مكافحة التهريب في إدارة الجمارك غياث حمدان أن عدد من الجهات العامة تتقاطع في مهامها مع المهام الجمركية، وهو ما يؤدي إلى ازدواجية في التعامل مع المهربات في الأسواق خاصة أن أجهزة حماية المستهلك في التجارة الداخلية تقتصر على مصادرة المهربات وعرضها في الصالات التابعة لها، على حين تعمل الجمارك على أثر مالي عبر فرض الغرامات المنصوص عليها في القانون، وبالتالي زيادة أثر العقوبة على المهرب وتحقيق واردات للخزينة العامة، وأن هناك حالة متابعة لحجم المواد الأولية المستخدمة في الصناعة وحجم المواد المصنعة الخارجة من المعامل لمعرفة مدى استخدام هذه المواد الأولية في الصناعة.
بينما اعتبر رئيس ضابطة المكافحة في حمص العقيد خالد الفارس أن معظم حالات التهريب باتت تأتي من محافظات حماة بسبب قربها من الحدود وأن المهربين باتوا يطورون من أساليبهم وطرق عملهم لإدخال المهربات، ومنها أن الفروج المجمد ذا المصدر التركي والذي بات مكشوفاً من عناصر الجمارك؛ يتم العمل على تحويله إلى مسالخ في حماة ومعالجته بمواد خاصة ليظهر أنه محلي، وثم يتم إخراجه من المسلخ على أنه منتج محلي وإيصاله إلى الأسواق وبيعه.