سورية

الرئيس الأسد من وسط الحشود: خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب والمعارك لم تبدأ بسجن حلب ولن تنتهي بحصار مشفى جسر الشغور

الوطن – وكالات

شارك الرئيس بشار الأسد هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء في التكريم الذي أقامته أمس لأبناء شهداء الحرب على سورية الذين أكملوا مسيرة آبائهم وانتسبوا إلى الكليات العسكرية بمختلف صنوفها، وذلك لمناسبة الذكرى الـ99 لعيد الشهداء التي تصادف في السادس من أيار من كل عام.
حشود غفيرة من طلبة الكليات العسكرية وأبناء وبنات الشهداء وذويهم إضافة إلى المشرفين والمشرفات والمدرسين والمدرسات العاملين والعاملات في هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء ومواطنين كانت بانتظار الرئيس الأسد لحظة وصوله قبل ظهر أمس إلى هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء بحي الصناعة بدمشق، الأمر الذي رد عليه الرئيس الأسد بالانخراط في وسطهم، ومصافحته العديد من القريبين منه وتصل يده إليهم، وسط هتافات تحيي الرئيس والجيش والشهداء.
ووسط المحتشدين، ألقى الرئيس الأسد كلمة ارتجالية، قال فيها بحسب وكالة «سانا» للأنباء:

«أيها الأحبة الغالون
أبناء وبنات شهدائنا الأبرار والأبطال
كل عام وأنتم بخير.. المشرفون والمشرفات المدرسون والمدرسات العاملون والعاملات في هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء كل عام وأنتم بخير.. أردت أن أكون معكم اليوم لأنني أشعر بسعادة غامرة كلما التقيت بأبناء وبنات الشهداء.. أردت أن أشارككم ولو جزءاً من هذا الاحتفال وهذه المناسبة الغالية جميعاً مناسبة السادس من أيار ومناسبة تكريم مجموعة من أبناء وبنات الشهداء الذين قرروا أن يسيروا على درب آبائهم والتحقوا بالقوات المسلحة ويحملوا بندقية ويسيروا على النهج نفسه».

جرائم العثمانيين في 1916 تتكرر اليوم
مع اختلاف بعض الأدوات والأسماء
وأضاف الرئيس الأسد: «هذه المناسبة مناسبة غالية جداً لأنها تحمل معاني كثيرة البعض من هذه المعاني هو معان رمزية والبعض منها معان حقيقية ترتبط بذكريات معينة مر بها الوطن ومرت بها سورية، فمنذ نحو مئة عام أو منذ نحو قرن من اليوم كانت هناك حملة اعتقالات وإعدامات لمجموعة من الوطنيين السوريين من العثمانيين وامتدت هذه الاعتقالات على مدى سنوات كانت ذروتها في العام 1916 عندما قاموا بإعدام أكبر مجموعة من الوطنيين الذين كانوا يدافعون عن الشعب السوري أمام الظلم في ذلك الوقت».
وتابع الرئيس الأسد: لم تقتصر الجرائم في ذلك الوقت على تلك المجموعة من الوطنيين بل امتدت لتشمل الملايين من الأرمن والسريان وشرائح مختلفة كانت تعيش في كنف السلطنة العثمانية في ذلك الوقت، واليوم تتكرر هذه المجازر بالشكل نفسه مع اختلاف بعض الأدوات والأسماء، ففي ذلك الوقت من قام بعمليات الإعدام هو كما قرأنا جميعاً في كتب المدارس جمال باشا السفاح، أما اليوم فمن يقوم بها أردوغان السفاح لذلك التاريخ يتكرر كما نرى لكن الجانب الرمزي لهذه المناسبة هو رسالة الشهادة.

الشهادة هي أنبل رسالة يحملها الإنسان في أي مكان
وأكد الرئيس الأسد، أن الشهادة هي أنبل رسالة يحملها الإنسان في أي مكان من العالم عندما يدافع عن الوطن.. والقضية والمبادئ هي رسالة غالية جداً يحملها الإنسان ونبل هذه الرسالة لا يشمل فقط الشهيد الذي حملها وإنما يمتد ليشمل كل من حمل هذه الرسالة نفسها بعد استشهاد الشهيد وبكل تأكيد أكثر إنسان قادر على حمل هذه الرسالة هو أي فرد من أفراد عائلة هذا الشهيد.
وقال الرئيس الأسد: «إذا كان التواصل واللقاء مع أي عائلة من عائلات الشهداء في سورية هو شرفاً لنا وشرفاً لكل إنسان وطني في سورية فكيف يكون عندما نلتقي بشخص هو ابن شهيد وهو شخص انتسب إلى القوات المسلحة ليسير على النهج نفسه، بكل تأكيد سيكون الشرف في تلك الحالة مضاعفاً فإذاً لا بد لنا لكي ننتصر في المعركة من أن يكون لدينا إيمان بهذه الرسالة وأول هذا الإيمان هو الإيمان باللـه الذي يجمعنا جميعاً لأنه سيقف مع الحق في النهاية لكن هناك إيماناً يتفرع عنه».
وأضاف الرئيس الأسد: «هناك الإيمان أولاًَ من المقاتل بضرورة الانتصار، وهناك إيمان من المجتمع وثقته بهذا المقاتل، عندما يثق المقاتل بقضيته وبانتصاره سوف يعطينا المعنويات، عندما يحقق النصر في أي معركة من المعارك ولو كانت معركة صغيرة، وعندما نؤمن نحن بهذا المقاتل سنعطيه المعنويات كمجتمع وكشعب وكحاضنة عندما يخسر معركة من المعارك».

المعارك كر وفر وكل شيء فيها يتبدل
ما عدا الإيمان بالمقاتل وإيمانه بالنصر
وأشار الرئيس الأسد إلى أننا «اليوم نخوض حرباً وليس معركة.. والحرب غير المعركة.. الحرب هي مجموعة من المعارك الكثيرة وعندما نتحدث عن حرب شرسة كالتي تحصل في سورية على امتداد آلاف الكيلو مترات من الحدود وآلاف الكيلو مترات المربعة داخل سورية فنحن نتحدث ليس عن عشرات ولا مئات بل نتحدث عن آلاف المعارك ومن الطبيعي في مثل هذا النوع من المعارك والعدد والظروف وهي طبيعة كل المعارك أن تكون عملية كر وفر، ربح وخسارة، صعود وهبوط، كل شيء فيها يتبدل ما عدا شيئاً وحيداً هو الإيمان بالمقاتل وإيمان المقاتل بحتمية الانتصار لذلك عندما تحصل نكسات يجب أن نقوم بواجبنا كمجتمع وأن نعطي الجيش المعنويات ولا ننتظر منه دائماً أن يعطينا، فالعملية هي عملية تبادل بشكل مستمر وليس كما يفعل البعض اليوم عندما يحاول تعميم روح الإحباط واليأس بخسارة هنا أو خسارة هناك أو لأنه يخضع للدعاية الخارجية.

الوطنية يجب أن تقترن بالشجاعة
وقال الرئيس الأسد: إن «هذه الدعاية التي انطلقت مؤخراً بعد أن فشلت قبل عامين. تذكرون في بداية الأزمة كانت هناك حملة استمرت عاماً أو عامين أو أقل بقليل لكنها فشلت بالمحصلة على الرغم من أن الظرف كان أصعب في ذلك الوقت وكان الكثير من السوريين لا يرى حقيقة ما يحصل على الواقع ولكن الممولين والمروجين والسياسيين والإعلاميين المنغمسين في تلك الحملة انكفؤوا إلى جحورهم. ظهروا الآن مجدداً لأنهم رأوا أن هناك تربة خصبة موجودة لدى البعض في هذا الوطن»، وأكد الرئيس الأسد، أن الوطنية ليست مجرد كلام. الوطنية يجب أن تقترن بالشجاعة ولا يمكن أن أكون وطنياً فقط ولا أكملها بباقي المواصفات. ويجب أن نفرق بين القلق، والخوف، فكلنا قلقون على الوطن، ليس فقط الآن وليس فقط في الأزمات، دائماً ما دام هذا الوطن محل أطماع من دول مختلفة عبر تاريخه، وعلينا أن نفرق بين الحكمة والجبن، فكثير من الناس يسوقون الحكمة على أنها جبن أو الجبن على أنه حكمة مطلوبة من البعض، وهذا الكلام غير مقبول.
وقال الرئيس الأسد: «لا يجوز أن نعيش حالة تناقض فالحرب فيها ربح وخسارة وهناك أشخاص يقومون الآن بقتل أو بسحق العديد من الإرهابيين على خطوط النار مع الإرهابيين. وهؤلاء الأشخاص لو كانوا يخافون لما قاموا بهذا العمل. هم يقاتلون ويتقدمون والبعض منهم يقاتل وينتصر، وهو من الثبات، والبعض منهم يقاتل، وهو يتراجع للخلف عندما تفرض الأمور هذا الشيء».

الحملة الدعائية الحالية
ستفشل كما فشلت سابقاتها
وأضاف الرئيس الأسد: «علينا أن نكون حذرين من هؤلاء المحبطين والمحبطين في المعركة، فالهزيمة النفسية هي الهزيمة النهائية، ولكن أنا لست قلقاً منها فكما فشلت الحملة الأولى في بداية الأزمة ستفشل هذه الحملة ولا يوجد أي قلق، ولكن هذا لا يمنعنا من التحذير من أن بداية الإحباط هو الوصول إلى الهزيمة ولا نراه ما دام هناك جواب. أنا أقول إن هذا الجواب موجود بكن وبكم أنتم أيها الأبطال الشجعان الذين قررتم أن تسيروا على هذا الخط».
وقال الرئيس الأسد: «أنتم الجواب أولاً على هذه الحملة، وأنتم الدواء لأولئك الخائفين، وعندما تقوم مؤسسة بالدولة، أو غير حكومية، أو مؤسسة خاصة بتكريمكم وبتكريم من يسيرون على النهج نفسه، فهذا لأنهم يريدون أن ينقلوا عبركم التحية، ويشدوا على أيادي كل من هم من أمثالكم من أبناء الشهداء وهم بالمئات. الآن الذين يسيرون على خطا آبائهم نفسها في المدارس العسكرية، أو على خطوط النار هم يريدون عبركم أن يحيوا كل عائلة شهيد، وكل جريح شهيد حي، وكل عائلة جريح، وكل مقاتل على خط وقف إطلاق النار. هم يريدون أن يحيوا كل شجاع صمد في معارك صعبة قاتل بالحصار».

الجيش سيصل قريباً إلى الأبطال المحاصرين في مشفى جسر الشغور
وتابع الرئيس الأسد: «لم تبدأ هذه المعارك البطولية في معارك سجن حلب ولن تنتهي في حصار مشفى جسر الشغور، فالأوائل انتظروا حتى وصل الجيش، وصمدوا، وانتصروا، وتابعوا المعركة معهم، والآن إن شاء الله فسوف يصل الجيش قريباً إلى أولئك الأبطال المحاصرين في مشفى جسر الشغور من أجل متابعة المعركة، من أجل دحر الإرهاب، فإذاً عبركم نحن ننقل التحية، ونبث لكل من هو مثلكم المحبة والاحترام والتقدير ونقول: إن ثقتنا بكم كبيرة جداً، ونقول لكل المقاتلين، والأبطال: محبتنا لكم ليس لها حدود. مرة أخرى كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن