ثقافة وفن

«مقتنيات» 24 فناناً احتفالاً بأيام الفن التشكيلي في «ألف نون» … بديع جحجاح لـ«الوطن»: الروح المعطوبة بعد الحرب لا يمكن أن تبنى إلا عبر الثقافة والفنون

| سارة سلامة- ت: أسامة الشهابي

بمناسبة أيام الفن التشكيلي أقامت صالة (ألف نون) تظاهرة فنية ضمت أعمالاً لـ24 فناناً تحت اسم «مقتنيات»، لتشكل حالة فريدة ونهجاً يضم حوله أعمال خلدت تاريخ مرحلة سورية مهمة، فهي لم تقف يوماً على الرغم من اشتعال لهيب الحرب وبقيت صامدة تجمع لوحات فنانيها الذين عبروا بلوحاتهم ورسموا الحرب كما رأوها من دخان أسود وظلام دامس ودم قاتم وطيور شريدة وشرفات حزينة كل ذلك كان في الأمس لتعود وتنفض غبار الحرب وتقدم أعمالاً تنوعت بمواضيعها وتحمل قيم الانتصار والفرح والخير والحق والجمال.

أمناء على سورية
وفي تصريح خاص لها قالت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان إنه: «من الجميل أن نشهد إحياء أيام الفن التشكيلي في كل أنحاء سورية، وإقامة معارض في جميع الصالات والأماكن، ومنها افتتاح معرض الخريف بخان أسعد باشا، وكذلك في صالة (ألف نون)، من خلال أعمال لـ24 فناناً، لتكون تظاهرة على مستوى الوطن، واحتفالية راقية تعبر عن صمود الشعب السوري وصمود سورية بأرواح الشهداء وبآلام الجرحى، لنقول لهم إننا نستحق كل ما ضحوا به وقدموه وسنكون أمناء على سورية لتكون قوية ومزدهرة في المستقبل».
وأضافت شعبان إنه: «إذا كان هناك دراسة واقعية فستكون سورية من أوائل الدول في إنتاج الفن التشكيلي الجميل والرائع، حيث نرى في المعرض كل لوحة أجمل من الأخرى، على الرغم من الحرب والتهديد، وعلى الرغم من ألم الإنسان السوري ينتج كل هذا الجمال، لذلك أرى أن هذه الأعمال جاءت بالتوازي مع الإنتاج السياسي ورغم كل ما تعرضنا له».
مازال يتصدر الحضارة

وبدوره قال معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض إن: «المعرض يأتي ضمن أيام مهمة تقوم بها وزارة الثقافة وهي أيام الفن السوري لتسليط الضوء على الفن التشكيلي والحركة التشكيلية السورية المعاصرة، من خلال المعارض والندوات والمحاضرات والفعاليات التي تقام خلال الأيام القادمة، وإقامة المعارض دليل على تعافي الحركة التشكيلية في سورية ورغم السنوات الصعبة التي مرت عليها ما زال هناك صالات تقيم معارض وما زال هناك فنانون يقدمون أعمالاً فنية مهمة».
وبين المبيض أن: «المعرض في (ألف نون) من مقتنيات الصالة ويضم أعمالاً متنوعة ومختلفة لأسماء مهمة وجميلة، وكل موضوع نافذة عبر مجموعة نوافذ تطل على المشاهد السوري المتابع للحركة التشكيلية إلى عوالم فسيحة لا ضفاف لها، ورغم تنوع المواضيع يبقى الهم واحداً هو الوطن والأوجاع التي طالته خلال الأزمة الحالية بمنظار الفنان ورؤيته خلال هذه المرحلة، ويؤكد السوري من خلال إقامة الأنشطة الثقافية والفنية أنه مازال يتصدر الحضارة ويصدر ثقافة وفناً كما كان أجداده، مبيناً أن الحرب لن تشوه ذاكرته».

صوت الحب والحق
ومن جهته أكد الفنان التشكيلي بديع جحجاح أن: «أيام الفن التشكيلي السوري هي تظاهرة راقية عودتنا إياها وزارة الثقافة مؤخراً من خلال مجموعة كبيرة من المشاريع التي أطلقتها وجزء منها هو أيام الفن التشكيلي السوري بهوية مختلفة جديدة يشارك فيها كل الصالات الفاعلة للحراك التشكيلي ببلادنا والتي كانت شاهدة على الحرب وستكون شاهدة على الانتصار، ونحن اليوم في (ألف نون) لدينا مجموعة من المقتنيات التي عملنا عليها قبل الحرب وأثناء الحرب لكن دائماً هناك وجه جديد في الفن التشكيلي إن كان رساماً أم متذوقاً لذلك دائماً نقول إننا شركاء الفنان والحركة الثقافية ووزارة الثقافة والحركة النوعية للدولة في تفعيل هذه الهويات الجديدة التي يمكن أن نطرحها للناس بعد الحرب، لأن الروح المعطوبة بعد الحرب لا يمكن أن تبنى إلا عبر التيارات الثقافية وهي الموسيقا والمسرح والسينما والفن التشكيلي والنحت والخط والرواية والشعر، وكل هذه الأشياء اليوم هي التظاهرة الحقيقية لتحويل الإنسان من معطوب روحياً إلى إنسان سوي يملك رؤية وحالاً متبدلاً باتجاه الإبداع».
وأوضح جحجاح أن: «المعرض ضم أعمال 24 فناناً منوعين بين اللوحة بتقنيات مختلفة وبين مجموعة أعمال نحتية اختلفت بين الخشب والخزف، وجسدت هذه الأعمال عدة موضوعات في كل منها حالة إنسانية تحاكي قلوب السوريين لأننا كلنا من أطياف مختلفة وبأذواق مختلفة وحكايات متنوعة، وهذه الحكايات عندما تجتمع في رحم واحد هو «ألف نون» معنى ذلك أننا دائماً ننصت إلى صوت الحب والحق».
دعوة للمحبة

وبدوره اعتبر الناقد التشكيلي عمار حسن أن: «مشاركتي في معرض (ألف نون) هي عبارة عن لوحتين من الطبيعة وهي طبيعة تخيلية ليست بمعنى المنظر حيث إننا نفتقر إلى الطبيعة ونجلس في بيوت منغلقين على ذواتنا، حتى الهواء عندنا لا يتغير وهي دعوة ربما أطلقتها لتلمس معنى الطبيعة ليس بوصفها شجرة أو صخرة بل بمعنى الكينونة المتصلة معنا، لأنها المنفذ والمسار مسار الجمال وأقول دائماً إذا لم نحب التراب لا نستطيع الدفاع عنه وهي دعوة للمحبة ودعوة للاتصال مع الطبيعة ككينونة».
ويبين حسن أن: «المواد التي استخدمتها هي مجموعة من الأحبار والمائيات والترابيات والإكرليك بما يخدم الغرض وسيولة المنظر لأن لوحتي تحمل تدفق المياه مع اللون، وأحاول نقل الحب الذي تعلمته من الطبيعة كصورة عاكسة فيها الإحساس والوعي، فالطبيعة مثل الأنثى ليست جميلة فقط إنما هي منظومة وعي».

بقايا نهايات الأمس
أما الفنان التشكيلي جمعة نزهان فقال: «إن في هذه الأيام التشكيلية اختار معرض «مقتنيات» في صالة (ألف نون) أن يكون جزءاً من الاحتفال، وجاءت مشاركتي من خلال لوحة هي بداية للون بعد سواد طغى عليها، ويعتبر هذا العمل استمراراً لعملي ومن بقايا نهايات الأمس التي كانت بعنوان «بيوت تسكننا ونسكنها» واستمراراً لحالة الحارة السورية بالمفردات والبيوت والشبابيك والقصص التي تحتويها».

موسيقا ومتعة بصرية
بينما قال الفنان التشكيلي علي حسين: « إن مشاركتي كانت من خلال عمل عازفة الناي، ويعتبر هذا العمل من أقرب المواضيع إليّ وهو يحمل شيئاً إنسانياً بحتاً بعيداً عن التعقيد، والألوان التي أتناولها في أغلب أعمالي، يسيطر عليها اللون الأحمر هي ألوان الشروق والغروب واللون الحار القريب من القلب، ويلاحظ من أعمالي ابتعادي عن المواضيع المعقدة ولا أفضل أن يكون هناك رموز ومضامين باللوحة لأن الفنان ليس بجانب اللوحة بشكل دائم، حتى يحكي عنها، واللوحة هي موسيقا ومتعة بصرية يستمتع بها المشاهد وليس درساً نقدمه ونعلمه للآخر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن